الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

د. زاهي حواس يكتب: حجر رشيد.. مفتاح سر الحضارة الفرعونية وكشف أسرار اللغة المصرية القديمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سافرت إلى لندن لإلقاء محاضرة عن اكتشافاتى الأثرية بالمتحف البريطانى، وتوقيع كتاب صدر لى مؤخرًا بالإنجليزية بعنوان "الرحلة" السرية فى عالم الآثار.. وبه تجارب حياتى العملية من خلال نظرتى إلى الجمال عند الفراعنة ونظرتهم إلى الحب والأجانب والدين والحياة اليومية والأعياد وقصص عن اكتشافاتى الجديدة فى وادى الملوك.

جاءت هذه الزيارة بعد فترة طويلة من الزمن مرت على آخر زيارة لى إلى عاصمة الضباب، وقد اعتقد صحفيون ومراسلو وسائل الإعلام المختلفة أننى جئت إلى لندن للمطالبة بحجر رشيد الموجود بالمتحف البريطاني، والذى كان جزءًا من اتفاقية عقدها الفرنسيون مع الإنجليز، بعد موقعة أبى قير البحرية، بالقرب من شواطئ الإسكندرية، والتى لقى فيها الأسطول الفرنسى هزيمة اضطرته إلى الرحيل عن مصر التى وقعت فريسة بعدها للنفوذ البريطاني.

وكان ضمن شروط المعاهدة تسليم الآثار التى فى حوزة الفرنسيين إلى الإنجليز، ومن ضمنها حجر يعد مفتاح سر الحضارة الفرعونية القديمة.. عن طريقه تم كشف أسرار اللغة المصرية القديمة على يد العالم الفرنسى شامبليون رغم وجود الحجر فى المتحف البريطانى.

وفى الحقيقة لم تكن لدى أى نية للخوض فى هذه المعركة، وقلت للصحافة إن مصر تطالب بعودة ست قطع أثرية فريدة ومكانها الحقيقى هو موطنها مصر.. هذه القطع هى: رأس الملكة نفرتيتى بمتحف برلين، وحجر رشيد بالمتحف البريطاني، والقبة السماوية أو الزودياك الموجودة بمتحف اللوفر بفرنسا، وتمثال مهندس الهرم الأكبر "حم إيونو" الموجود بمتحف هيلدسهايم بألمانيا، وتمثال مهندس الهرم الثانى عنخ "حاف" الموجود بمتحف الفنون الجميلة ببوسطن بأمريكا، وتمثال الملك رمسيس الثانى بمتحف تورين بإيطاليا.

هذه القطع الأثرية هى من وجهة نظرى علامات للحضارة المصرية القديمة، ولا يوجد لها مثيل، ولذلك فمن حق مصر استعادتها خاصةً بالنظر إلى ظروف خروجها من موطنها الأصلى وأنا من أشد المعارضين لمن يقول أن هذه القطع أصبحت ملك البلاد والمتاحف الموجودة بها لأن ذلك ما هو إلا حلقة من مسلسل متواصل من اغتصاب آثار وادى النيل وتهريبها إلى البلاد المعنية مستغلين فى ذلك الظروف الاقتصادية أو السياسية فى بلاد تمتلك الحضارة والتراث الإنساني، حتى أصبحت متاحف هذه البلاد مكتظة بآثارنا.

وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لينادى أبناء هذه الحضارة العظيمة بعودة آثارهم المنهوبة، وقد لاقى هذا الموضوع معارضة شديدة من رؤساء المتاحف الأجنبية، بل وحاولوا أن يثيروا الرأى العام ضدى بدعوة أننى أطالب بعودة كل الآثار إلى مصر.. والحقيقة أننى أتمنى أن تعود هذه القطع الأثرية الفريدة إلى مصر وأيضًا أى قطعة أثرية سرقت من مصر بعد اتفاقية اليونسكو عام ١٩٧٠.

أما الشيء الغريب حقًا فقد حاولت أن أعرف نية هذه المتاحف وكشفها للرأى العام؛ لذلك فقد قلت بأننا نرغب فى استضافة هذه القطع لمدة ثلاثة شهور، وذلك أثناء افتتاح المتحف المصرى الكبير. أما تمثال "نفرتيتى فطلبنا أن يعرض داخل متحف "إخناتون" زوج الملكة الجميلة وأن يتم افتتاح متحفه باستضافة رأس الزوجة الجميلة.

والغريب أن بعض هذه المتاحف رفضت بطريقة مهذبة مثل متحف بوسطن بحجة أن التمثال لن يتحمل السفر، وأشار متحف اللوفر إلى صعوبة نزع الزودياك من السقف وعرضوا إرسال تمثال آخر. أما المتحف البريطانى فقد أرسل يقول إنهم يودون معرفة نوع أمن المتحف الذى سوف يعرض فيه حجر رشيد لأن القانون الإنجليزى ينص على ذلك!.

وهذا والله رد مضحك جدًا لأن المتحف المصرى الكبير مبنى على أحدث مستوى فى العرض المتحفى فى العالم كله.. وكان هذا الرد هو أحد الأسباب التى جعلتنا نصر على عودة حجر رشيد إلى مصر لأن ذلك حق شرعى لنا وهو جزء من الحضارة المصرية.

لدينا الآن وثيقتان واحدة شعبية أرجو أن نقوم بالتوقيع عليها لأنها تظهر اهتمام المصريين بعودة آثارنا وهى موجودة فى حسابى على انستجرام. وأخرى وثيقة لكى يوقع عليها المصريون الحاصلون على الجنسية الإنجليزية لتغيير القانون عبر البرلمان البريطاني.

زاهى حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين. له مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال.. يكتب مرة أخرى عن ضرورة عودة حجر رشيد وآثار مصرية أخرى، إلى مصر باعتبار ذلك حقًا أساسيًا لموطن الحضارة العريقة.