الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منظمات المجتمع المدني التي نريدها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حاول بعض القائمين على مراكز وجمعيات حقوق الإنسان فى مصر إيهام الرأى العام العالمى والمحلى بوجود هجمة أمنية شرسة على نشاط تلك الجمعيات من أجل وقفها.
خاصة كشف وفضح تجاوزات رجال الشرطة، والقبض دون وجه حق، ووقف التعذيب والمحاكمات، وكان ذلك عقب قرار السلطات باستكمال التحقيق فى القضية رقم ١٧٣ لسنة ٢٠١١، والمعروفة إعلاميا بقضية التمويل غير المشروع لتلك المراكز والجمعيات بواسطة ثلاثة من قضاة التحقيق المنتدبين.
ووصل الأمر ببعضهم إلى قيامه بلقاء الأمين العام للأمم المتحدة، ومطالبته بالتدخل من أجل وقف استكمال التحقيق، والبعض الآخر قام برفع بيانات وتقارير مسمومة يطالب بعض الجهات والشخصيات والمنظمات الدولية.. بل والحكومات الأجنبية لوقف أى استثمارات فى مصر، وقطع المساعدات والمعونة عن الشعب المصرى، وسحب السفراء تمهيدًا لقطع العلاقات الدبلوماسية كما حدث مع إيطاليا بسبب حادث العثور على جثة الباحث الإيطالى «ريجينى»! الأمر الذى يلقى بظلال الشك والريبة على نشاط هذه المراكز والمنظمات، وإغداق الأموال الهائلة عليها من قبل الجهات الأجنبية المانحة أفقدها البصر والبصيرة والولاء للوطن!
ونقول لهم إن الأموال والمنظمات والحكومات أيا كان مصيرها الزوال، ولن تبقى سوى الأوطان والشعوب، ونؤكد لكم أننا ضد أى افتراء عليكم، لأن جزءا كبيرا منكم كان منا!
ونتمنى أن تعودوا لصفوفنا، ونعى تمامًا ظروف اضطراركم للعمل فى هذا النشاط.
فالبعض منكم وجد فى هذا النشاط هروبا من الملاحقات الأمنية، سواء كانت توقيفا أو اعتقالا، خاصة فى فترة بداية نشاط هذه المنظمات إبان الرئيس الراحل أنور السادات، تعويضا للظروف الصعبة التى عاشتها.
والبعض الآخر كان مدفوعًا من الأجهزة الأمنية خلال هذه الفترة أيضا عقب الإفراج عنه من تهمة التخابر مع دولة عربية!
والبعض الآخر لجأ لهذا النشاط للهروب من جميع القيود المفروضة على نشأة الجمعيات!
وكان هذا فى الفترات قبل ثورتى ٢٥ يناير ٣٠ يونيو، سواء إبان الرئيس الراحل أنور السادات، وهى بداية هذا النشاط الذى ازدهر خلال فترة الرئيس المخلوع استنادا إلى مقولة إفساد النخبة من خلال تلقى هذه الأموال.. لأنه يعلم تمام العلم بأن الأموال الأجنبية التى سيتم تلقيها سيتم صرفها فى الأغراض الشخصية باقتناء القصور والفيلات والسيارات، وارتياد الفنادق الفخمة، ولن يتم استثمارها فى عمل نضالى حقيقى، وأنا شاهد على ذلك، حينما تلقى أحد القيادات اليسارية أموال الاتحاد الأوروبى، وقام بتأسيس مستوصف طبى فى أحد الأحياء الشعبية فتم القبض عليه، والتحقيق معه، حيث استمر أيام عديدة من أجل الوصول لمعرفة أين تم إنفاق هذا المبلغ، وما بقى منه، ثم رده لخزينة النيابة لكى تفرج عنه.
ووجود هذه المراكز والمنظمات إبان الرئيس المخلوع كان سببًا للإفساد السياسى، حيث هجر العديد من الشباب العمل الحزبى، وركزوا على تأسيس هذه المراكز والمنظمات، ومن لم يقم بالتأسيس عمل بها مقابل رواتب مجزية، كما أنها كانت السبب فى حدوث العديد من الأزمات الحزبية فى بعض الأحزاب التى كنا نعتز بها، وسببًا فى إضعاف بعض الأحزاب الأخرى، وكان النظام يهددها بفضحها أمام الرأى العام بشأن تحصيلها أموالا أجنبية، وكانت السب فى بروز فكرة الاستقواء بالخارج بدلا من النضال اليومى.
ويكفينا ما قالته الدكتورة فايزة أبوالنجا، وزيرة الدولة للتعاون الدولى السابقة، بخصوص هذه المنظمات وعلاقتها بالخارج، حيث ذكرت أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتقديم أموال ضخمة للمنظمات المصرية والأمريكية التى تعمل بمصر بعد قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وكانت تلك الأموال تشكل أضعاف ما كانت تدفعه لتلك المنظمات قبل قيام الثورة فى الفترة من ٢٠٠٥ حتى ٢٠١٠، وأن هذه المبالغ تم اقتطاعها من المبالغ المخصصة لأعمال التنمية السابق الاتفاق عليها بين مصر وأمريكا، سواء فى مجالات الصحة والبنية التحتية على ضوء برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية، حيث كان يجرى تمويل جانب كبير من أموال البرنامج لمصالح تلك المنظمات، على الرغم من كونها تضطلع بأعمال سياسية، وبلغ التمويل الأمريكى لمنظمات المجتمع المدنى ٥٧١ مليون دولار أمريكى خلال الفترة من ٢٠٠٥ حتى ٢٠١١، كما أن ثورة ٢٥ يناير كانت مفاجأة للولايات المتحدة الأمريكية وخرجت عن سيطرتها، حيث تحولت إلى ثورة للشعب المصرى بأكمله، الأمر الذى قررت معه الولايات المتحدة تجنيد ما لديها من إمكانيات وأدوات لاحتواء الموقف وتوجيهه فى الاتجاه الذى يحقق مصالح أمريكا، وإسرائيل معا، وأن كل الشواهد كانت تدل على رغبة واضحة وإصرار على إجهاض أي فرصة لكى تنهض مصر كدولة حديثة ديمقراطية ذات اقتصاد قوى، حيث سيمثل ذلك أكبر تهديد للمصالح الإسرائيلية والأمريكية، ليس فى مصر وحدها إنما فى المنطقة بأكملها.
وذكرت -أيضا- أن أمريكا وإسرائيل يتعذر عليهما القيام بخلق حالة الفوضى، والعمل على استمرارها فى مصر بشكل مباشر، ومن ثم استخدمت التمويل المباشر للمنظمات خاصة الأمريكى منها كوسيلة لتنفيذ تلك الأهداف، مشيرة إلى إصرار الجانب الأمريكى على تقديم التمويل المباشر للمنظمات غير المشروعة على النحو المذكور دون تفرقة بين منظمات المجتمع المدنى المصرية القانونية وغير القانونية، وجاء على لسان الرئيس الأمريكى أوباما بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تستمر فى دعم منظمات المجتمع المدنى فى مصر، سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة، وهو ما تكرر على لسان العديد من المسئولين.
وهذا يقودنا إلى التساءل الأساسى، الذى طرحناه فى عنوان المقال.. هل هذه المنظمات والمراكز والجمعيات وما قامت به من أفعال ضارة بالوطن والشعب تعد بمثابة منظمات المجتمع المدنى المصرى التى نريدها.. أم تعد بمثابة دكاكين خاصة لتلقى الأموال من الخارج مقابل تقارير وبيانات وأبحاث تم إعدادها من جميع مناحى الحياة فى مصر؟ وهذه البيانات والتقارير تستخدمهما الدول المانحة للتمويل كوسيلة للتدخل فى شئوننا الداخلية، واختراق أمننا القومى، لذا وجب علينا أن نجرى أوسع الحوارات والنقاشات من أجل خلق منظمات مجتمع مدنى حقيقية تعمل لصالح الوطن والشعب.