الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أين حق الشعب فى معرفة الأخبار؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تزداد الحاجة كل يوم إلى إنشاء هيئة ما يكون لها صلاحية الاتصال مباشرة برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات والمحافظات وغيرها من الجهات المسئولة، وتكون مهمتها توفير المعلومات الكافية لتلبية حق الشعب فى الحصول على إجابات شافية فى القضايا المهمة، وفى الشائعات التى تتضارب كثيراً مع ما يبدو على السطح، وإلا سادت البلبلة التى تضرب البلاد فى غياب المعلومات الموثوق فى مصدرها، فى وقت لا أحد يعتبر نفسه مسئولاً عن الإفصاح! إلى حد أن الصحف والقنوات التليفزيونية يعجز مندوبوها كثيراً عن معرفة ما صار أسراراً، برغم أنهم مدربون على اصطياد المعلومات حتى تلك التى يسعى المسئولون وكبار السياسيين على إخفائها!
ولا تَقُلْ إن هذا دور الهيئة العامة للاستعلامات، لأن الحاجة صارت ماسة الآن إلى خدمة إعلامية صرف، لا تخديم على سياسات ولا على مسئولين، ولا على الدعاية لمشروعات تتبناها الدولة!
المطلوب الآن أن تكون هنالك آلية متطورة تواجِه ماكينات الكذب العملاقة التى تكشفت مؤخراً والتى أصبح من باب العلم الشائع أن لها خططاً محددة تستهدف هدم المسار الذى صار يتدعم يومياً منذ الإطاحة بحكم الإخوان، ولا يمكن لهذه الآلية أن تنجح إلا فى ظل توفير أكبر قدر ممكن من الحريات الإعلامية بدءاً من تدفق المعلومات وحتى حرية التعبير والاجتهاد بالرأى فى القضايا المطروحة.
خُذْ مثلاً موضوع الكهرباء! التى باتت عبر أسابيع مادة ثرية للتساؤل بل وللتعجب، أزمة مفاجئة بلا منطق ولا تفسير لم تحدث منذ دخلت الكهرباء أرض مصر، ثم، وبعد بضعة أسابع حل لجزء كبير من المشكلة، وأيضاً بلا خطاب مقنع!
كانت خدمة الكهرباء تتطور عبر السنين، ولم يحدث أن كانت هنالك شكوى عامة حتى نهاية عصر مبارك، الذى قامت الثورة ضده لأسباب كثيرة منها تدهور الخدمات، ولم تُطلّ ظاهرة انقطاع الكهرباء برأسها إلا مع عصر مرسى، ولكن، وللحقيقة، لم تكن بهذه الحدة التى ظهرت منذ أسابيع! وفى الوقت الذى ألَّحت فيه الأسئلة، جاءت إجابات غريبة تفترض البلاهة فى الرأى العام قيل فيها كلام وعكسه، وضُرِبَت فيه وعود غير مقنعة عن حلول سريعة قادمة، كما قيل كلام مضاد عن أن الأزمة ممتدة لعدة سنوات، وكان هذا أيضاً غير مُبَرَّر!
قيل إن الاستهلاك زاد بما لم تعد معه الإمكانيات المتاحة كافية! ولكن ليس من المعقول أن تحدث طفرة هائلة فى الاستهلاك فى عام واحد أو عامين!وقيل إن محطات التوليد فى حاجة ماسة إلى أعمال صيانة أساسية! ولكن هل يمكن أن يتفاجأ "الخبراء" فى الوزارة بتدهور فى أداء آلات معلوم مسبقاً جداول ودوريات صيانتها بل ومعروف عمرها الافتراضى قبل أول يوم لها فى العمل؟وقيل إن أعمال التخريب وراء هذا التراجع فى الخدمة! ولكن المعلومات المنشورة لا تعطى انطباعاً بأن التخريب بهذا الحجم.
ولا يمكن الآن للموضوع أن يمرّ بسهولة بحجة أن المشكلة فى سبيلها للحل! لأن من حق الشعب أن يعرف ماذا حدث وكيف وهل هنالك تعمد لتعطيل مصالح الناس؟ أم أنه كان فشلاً فى القيام بالواجب الوظيفى بسبب ضعف المهارات؟ أم أن هناك احتمالاً آخر؟
الموضوع لا يزال غامضاً فى حاجة حقيقية إلى تفسير!
ولا يقتصر حق الشعب فى معرفة الأخبار فقط على الجوانب السلبية، بل من الضرورى، خاصة فى هذه الظروف بعد أن أطاح الشعب بحكم الإخوان لأسباب كثيرة منها الفشل فى تحيق مصالحه، أن يعرف الشعب التفاصيل الخاصة بالإنجازات الحقيقية التى سوف تعود عليه بالنفع، ليس عن طريق الدعاية الفجة وإنما فى إطار الإعلام الحديث الذى يُقدِّم الخبر ومعناه وخلفياته وما هو متوقع منه، وذلك من خلال القصة الخبرية والتحقيقات والأحاديث والتقارير بأنواعها، والآراء المتباينه بصدده، سواء بالمقالات فى الصحف أو الحديث فى التليفزيون.
قناة السويس، مثلاً، مشروع عملاق شدّ اهتمام الرأى العام منذ إذاعة أول خبر عنه، وفى حين كان يُتوقَع لمتابعاته الإعلامية أن تكون بين أيدى المتخصصين إذا به يئول إلى من حوّلوه، بسرعة الضوء وبينما الناس فى عزّ الحماسة، إلى مادة مملة تركز على عدد محدود من اللقطات على خلفية لأغنيات وطنية من الستينيات، مع التكرار آلاف المرات دون رحمة!
أين المعلومات؟ وأين المتخصصون الذين يشرحونها؟ وما دام قد تحدد زمن انتهاء المرحلة الأولى من المشروع، لماذا لا يُعلَن عدَّادٌ يومىٌ عن الإنجاز وعما يتبقى حتى الوصول لنقطة النهاية؟ وهل صحيح أن هذا التطوير للقناة قضى نهائياً على مشروع إسرائيل القديم الذى يستهدف تدمير فكرة اعتماد العالم على قناة السويس؟ خاصة أن بعض المواقع نشرت أن إسرائيل بدأت بجدية وسرعة فى مشروعها بمجرد أن بدأ الكلام عن الإجراءات العملية فى مصر؟
ولعله من المهم الانتباه إلى أن التليفزيون وبعض الصحف ذات الملكية العامة حرقت المراحل وبدأت مبكراً فيما استغرق سنوات حتى تمارسه مع مبارك، بأن تقوم بترتيب أهمية نشر الأخبار وفق البروتوكول وقواعد المراسم، فى عناوين الصفحة الأولى فى الصحف، وفى صدر أخبار التليفزيون، بأن تكون الأولوية لأخبار رئيس الجمهورية، ثم يليه رئيس الحكومة..إلخ، ثم تأتى بعد ذلك الأخبار الأخرى التى قد تكون أهم، سواء داخلياً عن عمليات الإرهاب التى يهتم بها كل الناس، أو أخبار إقليمية، عن جرائم إسراييل فى غزة، أو من مسلسل داعش الدامى فى سوريا والعراق، أو عن الفوضى المخيفة على حدودنا الغربية مع ليبيا.