رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

مانديلا.. سيرة مناضل

مانديلا
مانديلا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

خلال يناير الماضي، وقفت إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بسبب الدعوى التى رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان لارتكابه جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، جراء العدوان المتواصل منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ والذى أسفر عن استشهاد وإصابة عشرات الآلاف.

الأمر كان حدثًا فريدًا فى تاريخ البشرية نظرا للحماية التى تحظى بها إسرائيل على مدار العقود الماضية، وخرجت وسائل الإعلام العالمية لتوثيق الحدث الكبير بمدح فريق جنوب أفريقيا المدافع عن الفلسطينيين، ووصفتهم بـ"أحفاد مانديلا" فى إشارة إلى الزعيم الجنوب أفريقى الراحل نيلسون مانديلا الذى رحل عن عالمنا قبل ١١ عاما، وتحل هذه الأيام ذكرى خروجه من المعتقل بعد ٢٧ عاما.

وفى الحادى عشر من فبراير من عام ١٩٩٠ انتهت ٢٧ عاما للزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا، فى سجون نظام الفصل العنصرى الذى حكم بلاده على مدار عقود مارس خلالها الظلم والديكتاتورية ضد المواطنين السود.

ويقول الكاتب أنتونى سامبسون فى كتابه "مانديلا سيرة موثقة" فى وصف لحظة خروج الزعيم الجنوب أفريقى من السجن "لأن مانديلا جسد أسطورة ذات طابع جوهرى وعالمى أكبر، مثل الأوبرا الثورية أو الأوديسة، مصورة انتصار الروح الإنسانية، وعودة الزعيم الضائع، وقد سمحت عزلته الطويلة للأسطورة أن تنطلق من الرجل، تاركة كل شيء للخيال، مثل مخطط تمهيدى منقط يستطيع كل شخص أن يملأ من خلاله صورته الخاصة المفصلة للبطل".

وأضاف سامبسون "عرضت مبالغ كبيرة لتهريب صورته إلى الخارج، وأعيد نشر الصور القديمة إلى ما لا نهاية، حيث تحولت إلى رموز معلنة، وكانت أول صورة معاصرة نشرت قبل بعد يومين وتظهر مانديلا وهو يقف بثبات ويبتسم بلطف".

وأشار إلى حرص الشعب الجنوب أفريقى على انتظار مانديلا خارج السجن بالقول "كانت الحشود تتحرك فى غير انتظام حول مدخل السجن، وتتسلق الأشجار وتتعلق بالأسلاك وتقف على رءوس الأصابع، منتظرة خروجه الذى طال تأخيره".

وتابع "خارج السجن رفع مانديلا قبضته المشدودة إلى الحشد، لكن بعد دقيقتين اختفى فى سيارة تويوتا كانت بانتظاره، كانت ومضة معذبة بالنسبة إلى الملايين الذين كانوا ينتظرون عبر أنحاء العالم".

ويجسد هذا الشغف لرؤية نيلسون مانديلا، القيمة الكبيرة التى يحظى بها فى نفوس شعب جنوب أفريقيا، التى تعلقت آماله به كزعيم وطنى قاد مسيرة التحرر من نظام الفصل العنصري.

وبدأ مانديلا حياته بالعمل فى المحاماة وانضم فيما بعد إلى المؤتمر الوطنى الأفريقى (ANC) ، عام ١٩٤٤ وهو أقدم منظمة سياسية سوداء فى جنوب أفريقيا، وبعد ثمانية أعوام أصبح نائب الرئيس الوطنى لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقي، ودعا إلى المقاومة السلمية للفصل العنصرى - نظام جنوب أفريقيا المؤسسى لتفوق البيض والفصل العنصري.

ورغم الدعوة السلمية التى أطلقها مانديلا إلا أن مذبحة المتظاهرين السود التى ارتكبت فى منطقة شاربفيل عام ١٩٦٠، غيرت من توجهات نيلسون مانديلا لينتقل إلى مرحلة الكفاح المسلح ضد النظام العنصرى فى بلاده.

وأسس مانديلا فرعا شبه عسكرى لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى للمشاركة فى حرب العصابات ضد حكومة الأقلية البيضاء، ليعتقل فى عام ١٩٦١ بتهمة الخيانة، وفى العام التالى اعتقل مجددا بتهمة مغادرة البلاد بشكل غير قانوني، ليسجن خمس سنوات، وفى عام ١٩٦٤ تمت محاكمته بتهمة التخريب، أدين مع العديد من قادة حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى الآخرين وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.

مضى مانديلا ٢٧ عاما فى المعتقل ليخرج فى الحادى عشر من فبراير من عام ١٩٩٠ ونال عقابا شديدا فى السجن، حيث احتجز فى سجن جزيرة روبن الوحشي، احتُجز فى زنزانة صغيرة بدون سرير، وأُجبر على القيام بأشغال شاقة فى محجر، إلا أن ثوريته صاحبته داخل محبسه، وقاد حركة عصيان مدنى فى السجن أجبرت مسئولى جنوب أفريقيا على تحسين الظروف بشكل كبير فى جزيرة روبن، تم نقله لاحقًا إلى مكان آخر، حيث كان يعيش تحت الإقامة الجبرية.

وقبل عام واحد من إطلاق سراحه، تولى فودى كليرك رئاسة جنوب أفريقيا فى عام ١٩٨٩ وبدأ فى تفكيك نظام الفصل العنصري، ورفع دى كليرك الحظر عن حزب المؤتمر الوطنى الأفريقي، وعلق عمليات الإعدام، وفى فبراير ١٩٩٠ أمر بالإفراج عن نيلسون مانديلا، ليحصلا معا على جائزة نوبل للسلام فى عام ١٩٩٣ بعد إنهاء الفصل العنصرى وتشكيل حكومة متعددة الأعراق، وفى العام التالى فاز حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى بأغلبية انتخابية فى أول انتخابات حرة فى البلاد، وانتُخب مانديلا رئيسًا لجنوب أفريقيا.

بعد ست سنوات تقاعد مانديلا عن العمل السياس لكنه ظل مدافعًا عالميًا عن السلام والعدالة الاجتماعية حتى وفاته فى ديسمبر ٢٠١٣.