السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

تشكيل المجلس الرئاسي في اليمن يرفع منسوب التفاؤل شعبيًا.. و"الانتقالي الجنوبي" يظهر شعبية وقوة في عدن

عيدروس الزبيدي
عيدروس الزبيدي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إلى قبل السابع من أبريل الجاري، كان الشارع اليمني قد فقد الثقة تمامًا في إمكانية تحقيق أي اختراق في جدار الأزمة اليمنية، أو إصلاح منظومة السلطة والتركيبة السياسية في البلاد، وفقدان الثقة هذا يعود لأسباب وتراكمات تمتد جذورها لعقود راكمت خلالها القوى السياسية التقليدية في اليمن الكثير من الصراعات والفساد، ما أوصل اليمن إلى حرب طاحنة تدور رحاها منذ قرابة السبع سنوات. 

شكل العام 2011 انعطافة مفصلية في التاريخ اليمني الحديث بدأت بتظاهرات ما يعرف بـ(الربيع العربي) والتي أسهمت في تقويض أسس ومؤسسات الدولة التي كانت هشة أصلا، لتتولى الحكم مجموعة من التحالفات المتناقضة مهدت سياساتها وفشلها لسقوط الدولة والبلاد لاحقا في يد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وحتى بعد ذلك فشلت تلك المنظومة التي استمر العالم بالاعتراف بها كسلطة شرعية في استعادة العاصمة صنعاء وراكمت مرة أخرى الفشل على كل الصعد العسكرية والسياسية، رغم الدعم الكبير من التحالف العربي في كل المجالات. 

عانت القوات الحكومية من انهيار العديد من الجبهات كما حدث على سبيل المثال في محافظات الجوف، والبيضاء ومديرية نهم الاستراتيجية الواقعة عند البوابة الشرقية للعاصمة اليمنية صنعاء وثلاث مديريات في محافظة شبوة الغنية بالنفط والمطلة على بحر العرب قبل تدخل ما يعرف بألوية العمالقة الجنوبية في محافظة شبوة وتمكنت من استعادة هذه المديريات وإعادة رسم مسار المعركة عسكريًا، بما في ذلك تخفيف الضغط على محافظة مأرب الغنية بالنفط التي يستميت الحوثيون للسيطرة عليها. 

عمليًا، أصيبت الشرعية اليمنية بحالة شللٍ نتيجة كل هذه الأسباب مجتمعة وأضيف إليها تدهور الوضع الاقتصادي، والإقصاء الذي مارسه المعسكر ذاته أي الشرعية اليمنية للفاعلين واللاعبين على الأرض، حتى الثلاثين من فبراير حيث انعقاد المشاورات اليمنية اليمنية في العاصمة السعودية الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي. 

وبين ما قبل السابع من أبريل وما بعده تغير المشهد اليمني كليًا، وارتفع منسوب التفاؤل شعبيًا بإمكانية حلحلة العقد وتعبيد الطريق نحو السلام إما سياسيًا عن طريق المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة أو عسكريًا عن الطريق المواجهة على الأرض حال فشل الخيار الأول. 

مرحلة من تاريخ اليمن انتهت، وبدأت مرحلة جديدة, فقد أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مرسومٍ رئاسيٍ تشكيل مجلس قيادة رئاسي، ونقله إليه صلاحياته وأطاح بنائبه الجنرال ’’علي محسن الأحمر‘‘ المتهم الرئيس بالوقوف وراء الانتكاسات التي عانت منها جبهات القوات الحكومية اليمنية. 

يتكون المجلس الذي يرأسه وزير الداخلية اليمني السابق والمستشار في الرئاسة اليمنية ’’رشاد العليمي‘‘ وإلى جانبه سبعة أعضاء بدرجة نائب. أبرز هؤلاء الأعضاء رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وقائد ما يعرف بالمقاومة الجنوبية التي حررت المحافظات الجنوبية من الحوثيين ’’عيدروس الزبيدي‘‘ ورئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية وقائد ما يعرف بقوات ’’حراس الجمهورية‘‘ طارق محمد عبدالله صالح‘‘ التي قادت معارك تحرير الساحل الغربي اليمني وصولًا إلى أبواب مدينة الحديدة، إلى جانب ألوية العمالقة الجنوبية التي يقودها ’’عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي‘‘ وهو عضو أيضا في المجلس الرئاسي. 

إشراك القوى الفعالة على الأرض والتي تصدرت المشهد اليمني خلال الفترة الماضية شعبيًا وعسكريًا بالنظر إلى التقدمات الناجزة التي حققتها، كان لابد منها، تمامًا كما كان لابد من اتخاذ هذه الخطوة في إعادة إصلاح منظومة الشرعية، ومساعدتها على الوفاء بالتزاماتها على كافة الصعد. بمعنى أخر، إتاحة الفرصة لهذه القوى والاستفادة من خبراتها في إصلاح المؤسسات الحكومية وإدارة الدولة.

في الأثناء، يعول الشارع اليمني وحتى المتابع للوضع في اليمن كثيرًا على المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية سيما بعد أن أثبت وجودهما على الأرض، وتمكن من تقديم نموذجًا ناجحًا خدميًا وأمنيًا في المناطق التي تتواجد فيها قواتهما، كمدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد ويتواجد فيها المجلس الانتقالي الجنوبي. 

تظل الآمال معقودة على هذين المكونين في مواجهة التحديات والظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، وحلحلة الوضع اليمني المعقد أصلًا ولم يشهد انفراجه منذ اندلاع الحرب المستمرة قبل ثمانية أعوام بسبب انقلاب الحوثيين على السلطات الشرعية في البلاد، باعتبار أنهما ولدا من رحم المقاومات التي واجهت الحوثيين، ويعبران عن آمال الشارع اليمني، بعد أن فقد هذا الشارع بالقوى السياسية التقليدية التي يتهمها بالسباق على الوظيفة العامة، وتحمل جزء من مسؤولية تدهور الوضع في البلاد حتى قبل الحرب، لأنها كانت شريكة في السلطة حينذاك.

بلا شك، التحديات كثيرة تقف أمامهما على كافة المستويات، ومع ذلك يعتقد على نطاق واسع أنهما قادران على إحداث فارق وتحقيق انفراجة قريبة للوضع في البلاد، وبالتالي، تجاوز المحنة والمأساة التي تعيشها البلاد.