الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

فى اليوم العالمى للاجئين.. حين يولد الأمل من رحم المعاناة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
* اليمن.. أحمد عسكر من لاجئ إلى بطل كيك بوكسينج لكوريا الشمالية
* السوري مروان.. من المخيم إلى الجامعة.. أكمل تعليمه وهو فى السبعين!
* العراقية جميلة.. من المخيم إلى قائمة النساء الأكثر إبداعًا بالأمم المتحدة إلى السرطان
بدأوا حيث توقف الجميع، لم يستسلموا، ولم ينظرو للحياة بعين يملؤها اليأس، راهن الجميع على خسارتهم، لكنهم أثبتوا أن الحياة لا تهزم سوى العاجز، فمن رحم المعاناة ولد على أيديهم الأمل.
فى يومهم العالمى «البوابة»، رصدت وتحدثت مع لاجئين، استطاعوا أن يكسرو قيود اليأس والإحباط، وأن ينتصروا على كل تلك الصعاب، التى مرو بها، ليصبحوا نماذج آمال لغيرهم من اللاجئين وغير اللاجئين.

أحمد اليمنى.. الحرب اختطفت حلمه
من اليمن السعيد إلى كوريا الشمالية، كانت رحلة أشبه بالموت.. خرج أحمد عسكر، ذاك الشاب اليمنى من بلده تاركا وراءه حربا دمرت حياته بالكامل؛ حيث كان يحلم عسكر، أن يصبح بطلا عالميا فى رياضة الكيك بوكسينج، ليبدأ فى شق طريقه مع المنتخب اليمني.
وكما هو الحال فى بعض الأحيان، فقد أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، ما أن اقترب أحمد إلى حلمه، اندلعت الحرب فى اليمن لتدمر ما تبقى له من حلم ليجلس عاجزا، لا يستطيع أن يقدم لنفسه أى دعم.
وجلس «عسكر»، فى منزله القاطن فى مدينة حجة اليمنية، مثله مثل ملاين اليمنيين، لا يعرفون إلى أى مصير سينتهى بهم المطاف، وبعد أن تخلت عنه الحياه كانت أمه أول من مدت له يد العون، وأشارت إليه أن يبيع ذهبها ليسافر.
يقول عسكر: «أخبرتنى أمى أنها ستبيع ما تبقى لديها من ذهب، لأسافر وأكمل حلمى فى الخارج، ورغم صعوبة القرار بدأت فى تنفيذه، واخترت وقتها أن أتجه إلى كوريا الشمالية».
لم تكن أمه من وقفت بجانبه فحسب، بل وعلى حسب ما ذكره عسكر، فكان والده من أكثر الداعمين له أيضا، رغم مرضه الشديد وقت سفره.. ويتابع: «أختى أيضا كانت من أقوى الداعمين لي؛ حيث أعطتنى مهرها، لأكمل قيمة تذكرة الطيران لأسافر».
لم يكن يعلم «عسكر»، أنه سيواجه فى كوريا مصاعب عدة، وأنها لن تكون نهاية الألم.. يقول: «فى البداية واجهتنى صعوبات عديدة، أبرزها رفض الفنادق منحى غرفة، مما جعلنى مضطرا لأن أنام فى الحدائق العامة، مما زاد إحساسى بالحزن، لعدم تقبل المجتمع الكورى لنا كعرب يمنيين بسبب الحرب».
يتابع «عسكر»، عن محاولات البداية لتحقيق حلمه: «البدايات كانت صعبة جدا، فبعد حصولى على عمل، ومكان للمبيت، بدأت أبحث عن مكان لأكمل تدربى فيه، وما إن وجدت المكان، طردت من العمل، وذلك لعدم قدرتى فى تحمل المشقة بين العمل والتدريب، خصوصا وأن مكان التدريب كان بعيدا عن عملي».
يؤكد «عسكر»، أن الصعاب زادت، خصوصا بعدما تم طرده من العمل، لعدم إستطاعته التوفيق بينه وبين التدريب، حيث كان يعمل لمدة ١٠ ساعات، مقابل ٦٠٠ دولار، وكان المبلغ الذى إدخره يكفى فقط لتدريبه لمدة ثلاثة أشهر، كان يذهب فيها لمكان التدريب، ويعود مشيا على الأقدام.
يقول عسكر «: كان حلمى فى هذه الفترة يتلخص فى أن أحصل على اللقب، وألا أخذل أمي، وكل من ساندني، صبرت كثيرا من اجل حلمي، لدرجة أنه فى أحيان كثيره جدا كنت أكل وجبة واحدة فقط، فى بدايات حياتى فى كوريا».
وعما إذا كان قد ندم يوما ما؛ يقول «عسكر»: فى تلك الأيام الصعاب، كلما كنت أتذكر اننى أسير على الطريق الصحيح، ومن الممكن أن أكون سببا فى إسعاد ملاين اليمنيين، أزداد عزيمة وإصرار، فأنا شخص خرجت من بين البسطاء، الذين يحلمون بعيش كريم، لنحقق أحلامنا، ولكن أحلامنا البسيطة ما أصعب تحقيقها فى بلدنا، وما أقبحها خارج بلدنا، تبقى أجنبيًا، ومن بلد منكوب، ينظرون لك أنك شخص مشرد، لكنى «لست مشردًا ولكن حلمى شردني».
وحصل «عسكر»، على حزام البطولة فى بطولة المحترفين فى ماليزيا، وبطولة سوبر كوريا، وبطولة الأبطال فى كوريا الجنوبية، وبطولة كوريا الجنوبية للمحترفين، كما شارك فى بطولة آسيا للصالات المغلقة، فى إنشيون كوريا الجنوبية ٢٠١٣، وبطولة العرب السابعة فى المملكة المغربية ٢٠١٤، بطولة الجمهورية اليمنية بطولة العرب للمواى تاى فى أبوظبى ٢٠١٩.


مروان السورى أكمل تعليمه وهو فى سن السبعين!
رغم ظروف التهجير القسرى وتخطية السبعين من العمر، لم يمنعه لا هذا ولا ذاك، من أن يكمل تعليمه الذى يحب.. بل أصبح يطمح فى أكثر من هذا ليكمل دراساته العليا.
مروان خالد دياب- مواليد عام ١٩٤٩-، تعرفه من النظرة الأولى، حين تراه جالسا فى بداية الصف التعليمي، فهو الأكبر بين أقرانه، حيث أصبح اليوم أكبر طلاب العلم.
يقول مروان لـ«البوابة»: تهجرنا من بيوتنا بسبب الحرب أكثر من مرة، قصة التهجير واللجوء إلى مخيمات لم تكن سهلة، فمن ذاق هذا المرار يعرفه جيدا، الحياة فى المخيم صعبة وليس لدينا أى عمل نقوم به».
الحياة فى المخيم لم تكن سهلة، كما وصفها مروان؛ ففى المخيمات لا يوجد عمل، والطعام بالكاد يكفي، يجلس مروان كغيره من سكان المخيم من النهار إلى الليل، لا يجد ما يروى ظمأه، للنجاح والحياة، لذا اختار أن يكمل دراسته.
يقول مروان: «فى البداية، وفى عام ٢٠١٤، فى نزوحنا الأول، كنت مرة فى أحد المساجد الكبيرة، ووجدت حلقة علوم شرعية لطلاب جميعهم مواليد عام ٢٠٠٠ فيما فوق، جلست معهم أستمع حينها ظن المعلم أننى أرغب فى الاستفسار عن شيء معين، وحين أخبرته أنى أريد أن أتعلم معهم، تعجب لكبر سني، وأخبرنى أنى لن أستطيع مجاراة هؤلاء الشباب، لكنى أكدت له أننى أستطيع، وأكملت معهم».
انتقل بعدها مروان، فى عام ٢٠١٥، إلى معهد الإمام النووى لتعلم العلوم الشرعية، حيث كانت الدراسة ٦ سنوات، أكمل منها ٤، ليهجر مرة أخرى لمخيم قاح، على الحدود التركية، ويكمل هناك باقى دراسته ويختمها».
وبحسب ما ذكره لنا مروان، فهو من مدينة كفرزيتا، مواليد ١٩٤٩، درس كلية تجارة قسم المحاسبة، بجامعة دمشق، وفى أحداث ١٩٨٢، هجر إلى مخيمات الشمال، ويعمل أكثر من ٣٠ سنة بتفتيش الرقابة المالية، وبعدها تمت إحالته على المعاش التقاعدى عام ٢٠١٠.
وعن اختياره لهذا النوع من العلوم لدراستها؛ يؤكد مروان: «اخترت هذا العلم تحديدا لأنه واجب على كل إنسان أن يتعلم دينه ونشره، فهذا النوع بالأخص يؤجر عليه الإنسان أجرا كبيرا».
وعن رسالته لكل النازحين فى اليوم العالمى للاجئين، يقول مروان: «الإنسان أقوى من أى صعوبات، لا أقلل من صعوبات النزوح ولكن يجب أن نكون أقوى من أى شيء وعلى كل إنسان سواء كان نازحا أو لا أن يتعلم ويستثمر وقتها دوما، وأن يظل فى المقدمة».
ويتابع «رغم الأيام الصعبة التى عشناها ولا زلنا نعيشها لم أستسلم يوما، فطالما نتنفس فنحن أقوياء، وأقول للشباب عليكم بالنجاح ورضا الله لا شيء آخر».


العراق.. بين اللجوء والإصابة بالسرطان
بين الحياة فى مخيمات اللاجئين والزواج فى سن مبكر ومرض السرطان، خرجت جميلة المهدي، من رحم المعاناة لتصبح أكثر الناشطات فى حقوق الإنسان لتبدأ رحلتها مع الأمم المتحدة لتصبح المرأة الكردية ضمن قائمة الأمم المتحدة للنساء الأكثر إبداعا لعام ٢٠٢٠ ولا زالت حتى اليوم.
لم تتوقف جميلة عند معانتها بل استغلت خبرتها فى الحياة بالمخيمات لتصبح خط الدفاع الأول عن سكان تلك المخيمات، تحكى جميلة عن حياتها فى البداية « ولدت عام ١٩٧٤ فى مخيم للاجئين بمنطقة سنندج الإيرانية وذلك بسبب نزوح والدها إلى إيران بعد الثورة الكردية فى ذلك العام، ومن ثم انتقلت عام ١٩٧٩ إلى الحلة فى العراق».
وبحسب ما ذكرته جميلة كانت أكبر الصدمات لها حين قرر أهلها تزويجها وهى فى سن الـ ١٣ عاما ولم تستطع الرفض، تركت دراستها وحتى منزلها وتوجهت للريف وكما يعلم الجميع أن الحياة الريفية حياة قاسية لا يعرفون فيها الراحة، فالجميع يسعى لكسب قوت يومه الذى بالكاد يكفيهم.
وتقول جميلة: «مجتمعنا يرى دوما أن الفتيات هن عار على أهلهن حتى لو لم يقترفوا أى شيء، عشت طفولة سيئه جدا وحتى يوم زواجى كنت ألعب مع الأطفال فى الشارع، فأخذنى أهلى من اللعب إلى بيت زوجى مباشرة دون أى أفراح أو حتى أن أرتدى فستان العرس، والزواج أصبح مجرد خدمة وعمل».
تحكى جميلة عن تلك الأيام « كنت مع زوجى نخرج فى بداية النهار للمزرعه ونعود بلليل ورغم التعب كان على أن أكمل بلليل مستلزمات المنزل، وزاد الأمر سوءا بعدما أنجبت أطفالى فحتى الطعام لم يكن يكفينا، وكنت أطعمهم البيض طوال اليوم فقد كنا نعانى من الفقر الشديد، فحتى التلفاز والمذياع والكتب حرمت منهم».
حاولت جميلة أن تقنع زوجها مرارا بأن يذهبوا إلى المدينة وأن يرفعو مستوى معيشتهم ولكنه رفض رفضا قاطعا، كما أنه لم يقبل قرارها بإكمال تعليمها خوفا من أن تتركه وتذهب ولكن عاد ورضخ لطلبها بعد ان هددتهم بالانتحار، لتبدأ جميله عام ١٩٩٨ فى رحلتها الجديدة بمساعدة أخيها الصغير حيث إنها أكملت دراستها من المنزل لتخطيها السن، لتحصل على البكالوريوس فى العلوم السياسية، وماجستير إدارة الأعمال‏.
وتؤكد جميلة أن السبب الرئيسى الذى دفعها للعمل فى حقوق المرأة ما رأته فى بلادها من اضطهاد النساء وقتلهن باعتبارهم عارا، وتقول مهدى فى تصريحات لها سابقة «كنت أعمل فى أحد أكبر فنادق أربيل، وكنت أرى فعاليات الناشطين الحقوقيين ودعمهم للمرأة، فأعجبتنى شعاراتهم، فقررت الدراسة أكثر حتى أستطيع أن أعمل معهم، ثم تقدمت ومن خلال المنافسة تم قبولى عام ٢٠١٢».
وتخصصت فى مجال حقوق الأقليات وأصحاب الإعاقات الجسدية والمتاجرة بالبشر، وعملت على ملف الأقليات، وكذلك على موضوع حقوق الإيزيديين.
وفى عام ٢٠١٧؛ اكتشفت جميلة إصابتها بسرطان الثدى وسرعان ما انتقل إلى الرأس لتجرى عدة عمليات رأت فيها نفس الصعوبات والكفاح الذى كافحته أثناء مشوارها، ليخبرها الأطباء بحسب ما ذكرت أنها ستموت قريبا ولكنها نظرت للأمر بكل أمل وتفاؤل.