الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ألعاب الطفولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شاركتُ مؤخرا بمادة تعريفية، وعرض سمعى بصرى (بور بوينت) حول ألعاب الأطفال في الثقافة الشعبية الليبية،وهو جانب تطبيقى ميدانى،من ضمن محاور المؤتمر الدولى الذى تنظمه أكاديمية الفنون الشعبية بالقاهرة تحت عنوان " فنون الطفل وإبداعاته"، وبالمناسبة كانت صديقة صحفية أعلمتنى أنها وصغارها مع هجوم كورونا (كوفيد 19)، والحجر المنزلى،أستعادت إحدى ألعاب طفولتها، كلعبة مسابقة ملأ جدول بخانات معلوماتية، يجرى التفكير فيها حسب الحرف المختار،مثلا حرف "م " يجب أن يُعرّف باسم: لإنسان،وحيوان، ونبات، وبلاد، وجماد، وهكذا إلى حين أنتهاء الاحرف الهجائية، ليكون الفائز من جمع درجاته،بمعلوماته التي ملأ بها تلك الخانات،هذه اللعبة حديثة عربيا،قياسا بالألعاب التراثية التى جمعتُها وكتبت عنها.
يولد الأطفال وهم يلعبون، يكاد اللعب يكون علامتهم الأولى بعد صرختهم!، تحريك أطرافهم لحظة خروجهم للحياة،استجابة لتلك الصلة الفطرية بأمهاتهم،حتى أن الطفل النشط بالمعنى الاجتماعي هو الطفل الذى يلعب ويتحرك،يتفاءلون به كلما نط أو قفز بمواجهة مشاغبات والديه أو الأقارب.بل ديدن الأم أن تراقصه وتهزه لتؤكد في جسده نفحة الحياة وتقوى عضلاته.واعتمد اللعب مع عبور مراحل الطفولة ما قبل المدرسة وأثناءها وسيلة لإعداد الطفل للحياة المستقبلية، وكنشاط مفتوح وموجه، ويكون على شكل حركة ونشاط يمارس فرديا أو جماعيا مع الأقران من الأصدقاء أو الأشقاء.
وتتنوع الألعاب التراثية للأطفال بين فردية وجماعية، كما وأن هناك ألعابا تخص الأطفال من الأولاد وأخرى للبنات، وقد يشتركان في ممارسة لعبة واحدة، والألعاب نشاط اجتماعي يُمارس من أجل التسلية والمتعة، وبث الحيوية في الجسد وترويح للنفس، وكسرا للروتين الحياتى المعتاد.بعض المهتمين بألعاب الأطفال يقترحون تصنيفها بين: أولا ذهنية، مثل مايستعمل فيها الحجر، والنوى حسب البيئة المحيطة، فاللعبة الذهنية " تش تشه " تُشبه اللعبة الحديثة "الشطرنج"،في فكرة حركة تلك القطع بشكل عمودى، أو أفقى أو مائل،غير أنها في تسع خانات فقط، ثانيا الألعاب الحركية كالكرة، والجرى في لعبة الاختباء، يختبئ اللاعبون في مكان ما، فيبحث عنهم اللاعب ويكشف عنهم واحدا واحدا، وثالثا ألعاب المناسبات سواء دينية، كالمولد النبوى الشريف، وعيد الفطر، أم فصلية مثل الربيع،موسم الحصاد،وغير ذلك.
والمُراجع لتراث ألعاب أطفالنا يلحظ التشابه الكبير في فكرتها في أغلب أقطارنا العربية، مثلا "الزربوط" بليبيا هو لعبة "النحلة" بمصر، ولعبة "رمى العملة" لأعلى، والتفكير في الوجه الذى ستستقر عليه بالأرض (ملك وألا كتابة ) هى (وجه أو رقم) بليبيا، ومثلها لعبة البنات "النقيزة " هى "الحجلة" مصريا، وهى اللعبة التى يتم رسم مربعات بالفحم أو الطباشير،و رمى حجرة عفويا، ودفعها بساق واحدة إلى الامام لعبور تلك المربعات،و"كيكا على العالى" هى لعبة "وابيس" في ليبيا أو "حلت بتحل"،ما تعتمد الاختباء والكشف، ولعل أشهر لعبة أولاد هى "كرة الشراب"، المُسماة في ليبيا "كرة الشخشير" يتم جمع جوارب قديمة ومستهلكة وتكويرها.
وقد وثق لمائة وخمسين لعبة شعبية بالرسومات الشارحة الجامع الموثق أحمد توفيق عبر إصدارات سلسلة المجلس القومي لثقافة الطفل، وفى ليبيا عنى مبكرا الباحث فؤاد الكعبازى بالكتابة عن الألعاب الشعبية للأطفال، وكان للأغنية الموجهة للأطفال نصيب من توظيف الألعاب التى ظلت تتوارث من جيل لجيل، وقد عنى كاتب اغنية الطفل، الذي رحل عنا مؤخرا "عبد المطلوب محمد المقوب " بها، نموذجية: "شارعنا القديم، شارع ناس زمان، ياما لعبنا فيه مع عيال الجيران "،واشتهرت الأغنية عند تصويرها للتليفزيون،بجمع من الأطفال ينتقلون من لعبة لأخرى، وكأغنية " يامطر صُبى صبى، صُبى على حوش العربى " في أجواء من المرح والفرح.