الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

لعنة البترول في ليبيا.. النفط والسياسة يلعبان معا!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما حدث في ليبيا لم يكن ثورة.. لكنه صراع على الاستيلاء على حقول النفط في أكثر المناطق الغنية به في العالم، وهو ما حول الذهب الأسود "البترول" من نعمة تستفيد وتتقدم بها الدول، لنقمة تستدعى المستعمر وتدمير البلاد، وليبيا خير دليل على ذلك.
فقد قامت شركات البترول العالمية، وخاصة الأمريكية، التي خططت لإعادة تغيير خريطة المنطقة والاستيلاء على كل الاكتشافات البترولية في منطقة الشرق الأوسط، من خلال خلق مجموعة من النزاعات المذهبية والطائفية، لضمان السيطرة الكاملة على الحقول ومن يحميها، إضافة إلى الحفاظ على مصالح بلادها السياسية.
وكان عدد من شركات النفط العالمية الأمريكية/ الكندية قد وكلت واحدة من أكبر شركات المحاماة العالمية للدفاع عن ليبيا الزعيم الليبي معمر القذافي في قضية لوكيربي، وهو ما أدى بعد ذلك لرفع العقوبات الاقتصادية عن ليبيا. وجاء ذلك كنتيجة طبيعية لتهديدات القذافي بخفض سقف الإنتاج، لذا قامت شركة أوكسي الأمريكية بتعيين شركة محاماة تُدعي هوغان آند هارتسون للدفع باتجاه حصوله على إعفاء من العقوبات الاقتصادية.
وينحصر العمل في مجال البترول في ليبيا في الشركات التالية (كونوكوفيليبس الأمريكية – هيس الأمريكية – ماراثون الأمريكية– أوكسيدينتال الأمريكية- بتروكندا/ سنكور Suncor الكندية – أو إم في النمساوية - ريبسول الإسبانية– شتات أويل النرويجية - توتال إس إيه الفرنسية – وينترشال الألمانية - إيني الإيطالية – غازبروم الروسية.
من الواضح أن الشركات الأمريكية تمثل ربع عدد الشركات العاملة في مجال البترول في ليبيا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يظهر من التعاقدات أن أكثر من نصف حقول الإنتاج الليبية خاضعة لتلك الشركات الأربعة بشكل مباشر، علاوة على مشاركتها باقي الشركات في الحقول العاملة بها.
وإذا أضفنا لها الشركات الكندية والفرنسية والإيطالية التي تعملن بسياسة واحدة، يصبح مجموع الشركات أكبر وحصتها أعلي وبالتالي نفوذها أقوى.

*شركات النفط العالمية ودورها السياسي في ليبيا
المطالبة برأس القذافي وإسقاط نظامه كانا نتيجة لعناده مع شركات بترول أيضا، فقد نشأت فكرة إسقاط نظام القذافي بين فرنسا وقطر منذ عام 2009، بهدف الاستيلاء على حقل غاز طبيعي ضخم من شأنه أن يُبقي أوربا دافئة وفرنسا على رأس لائحة المنتجين النفطيين في أوروبا لمدة 30 عامًا.
الثابت أن بعد انطلاق الحرب في ليبيا بـ15 يومًا، وقّع المجلس الانتقالي الليبي اتفاقًا سريًا مع السلطات الفرنسية تُمنح بموجبه 35% من إنتاجها النفطي لفرنسا عبر شركة توتال الفرنسية. وترجع المؤامرة بعد اكتشاف توتال حقل "NC7" للغاز غرب ليبيا اشترته بقيمة 140 مليون يورو، وعلمت قطر بالاتفاق، وأرادت أن تضمن حصة لها في الحقل، فاشترت من الفرنسيين جزءًا منه.
أما شركة إيني الإيطالية التي تعد أكبر شركة نفطية في ليبيا، حيث يبلغ إنتاجها اليومي نحو 600، 000 برميل نفــط متخصصة في استخراج الغاز والنفط من البحر وهي مرتبطة بالتصدير إلى إيطاليا وتتركز أعمالها في مدينة زوارة الساحلية غرب ليبيا.
أضف إلى ذلك، عقب الكشف عن الوثائق الداخلية المؤسسة الليبية للاستثمارLIA في عام 2010، بدأت اللجنة الأمريكية للأوراق المالية SEC التحقيق مع شركة أوكسيدنتال Occidental المتمركزة في جنوب ليبيا للبترول وبعض الشركات الأخرى، فيما يتعلق بالمخالفات التي يُحمل أن تكون تلك الشركات قد ارتكبتها في تعاملها مع الهيئة لليبية للاستثمارات.
اما شركة كونوكوفيليبس – الأمريكية والمتركزة من سرت بامتداد إلى الجنوب والتي عادت إلى ليبيا عام 2006 ولها 5 حقول في الجنوب كما أنها مسيطرة على شبكة أنابيب النفط في ليبيا، فتستخدم ميليشيات من أجل حماية منشأتها واستمرار عملية التصدير.
وعلى نفس المنوال تتبع شركة بي بي البريطانية التي تشارك شركة توتال التي تشارك قطر في الاستثمار في ليبيا، في مشاريع الاستكشاف في المنطقة الحدودية جنوب سرت، لكنها بدأت مشاريع استكشاف منفصلة غرب ليبيا. كما أن دعم قطر للميليشيات خاصة عبد الحكيم بلحاج المنتمي لتنظيم القاعدة، وخالد الشريف من الجبهة الليبية المقاتلة شرق ووسط ليبيا.
شركة ماراثون الأمريكية والتي انسحبت من الأسواق الليبية منذ الثورة الليبية نتيجة للأحداث، كما قدمت الحكومة الليبية الجديدة عرضا للشركة لشراء حصتها بعد توقف الاستكشاف.
هذا عن الشركات الأمريكية والكندية التي تعامل معاملة خاصة، لكن ليست كل الشركات تحظي بنفس المعالة الاستثنائية فشركة غازبروم الروسية والتي كانت قد تعاقدت على التنقيب في حقل فيل جنوب طرابلس لكنها انسحبت بعد انتشار أحداث الشغب عقب الثورة الليبية ولم تعد إلى العمل حتى وقتنا الحالي. أجبرت عن طريق استخدام الجماعات المسلحة للأعمال الإرهابية ضد منشأتها لتترك مناطق نفوذها لصالح شركات أخرى من أهم هذه الشركات الراغبة في الحصول على مناطق نفوذ الشركة الروسية مثل شركة إيني الإيطالية ذات العلاقة بميليشيات درع ليبيا.
نفس الحالة تعاني منها شركات كشركة ريبسول التي تستكشف في جنوب طرابلس، إضافة إلى جنوب سرت، وشركة شتات أويل في الجنوب الليبي وشركة ونترشال أيضا، جنوب سرت، لصالح شركات كشركتي أوكسيدنتال وبتروكندا صاحبتي الصلات بالحكومة الليبية الجديدة.
لذا يصبح من الواضح أن الشركات العالمية لم تصنع الوضع الحالي غير المستقر فقط، بل هي تدعم استمرار عدم الاستقرار عن طريق التعامل بشكل مباشر مع الميليشيات المسلحة وإفساد المسئولين الحكوميين الليبيين في نفس الوقت. من هنا كان النفط وبالا على الدولة الأولى من حيث كمية إنتاج النفط من حيث الإنتاج في أفريقيا والثالث على العالم، والثانية من مخزون الغاز الطبيعي أفريقيا والخامس على العالم.