الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الانتخابات بين عدل النسبية وظلم المطلقة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لعل النظام الانتخابى الأمثل هو الذى يشغل بال كثيرين، من أجل استهداف إجراء انتخابات لا تشوبها شائبة وتقدم صورة راقية لبلادنا أمام العالم كله.. ومن هنا تأتى أهمية رؤية الأستاذ عادل عصمت الذى تحكمه، بلا شك، مصلحة الوطن.
وليسمح لى ببعض الملاحظات التى أراها ضرورية فى هذا الشأن:
ركز الأستاذ عادل عصمت، فى مقاله، على أن النظم الانتخابية بها عيوب ومزايا وحين نختار نظامًا انتخابيًا فأنه يؤكد أننا:
• لا نختار الأفضل ولكن وفق إمكانياتنا.. وأن نراعى طبيعة المرحلة السياسية.
• أن هناك فرقًا بين الحقوق القانونية والحقوق السياسية.
وخلص إلى إنه يفضل القائمة المطلقة فى الانتخابات لأنها «الأفضل حتى لا تدخل فى صراعات»، مؤكدا على ما يسمى (صديق المرحلة السياسية) ومن هنا فإنه يؤكد على القائمة للانتخابات المقبلة للبرلمان لأنها «تتناسب مع الواقع وطبيعة المرحلة السياسية الحالية»، حسب رؤيته.
ولعلنا نرد على ذلك بتوضيح الآتي:
• إن الشعب المصرى قد عانى الكثير من نظام الانتخابات بالقائمة المطلقة التى تسببت فى الاحتقان والغضب وهدر قيمة أصوات الناخبين.
وتفرض الاستبداد للرأى الواحد والحزب الواحد والاتجاه الواحد وهو ما لفظه الشعب المصرى وأدى إلى ثورة 25 يناير باعتباره سببا رئيسيا لأعلى نقطة آل إليها الغضب ولعل شعار (عيش- حرية- عدالة اجتماعية) كان يعبر عن المطالب الرئيسية للشعب المصرى ومنها المكون الرئيس (الحرية) الانتخابات وحرية التعبير وتحقيق الديمقراطية.
وقد جاء دستور 2014 معبرًا عن طموحات شعبنا المصرى العظيم بأن أكد على حرية الانتخابات والتعبير والرأى وصون حقوق المعارضة والأقلية، بالإضافة لرفضه التمييز.
وأكد الدستور فى ديباجته ومواده على حق الشعب فى الاختيار والانتخاب رافضًا الديكتاتورية بكل أشكالها، وهنا فإن الحقوق القانونية ليست مفصولة عن حرية التعبير السياسية بل مؤكدة لها.
ومن هنا فإن أى نظام انتخابى جديد للبرلمان لا بد أن يخدم الدستور وإرادة الشعب بكل طوائفه لا فرق بين أغلبية ومعارضة أو دين أو عرق أو لون أو جنس.. 
ولعلنا ندرك أن الشعب المصرى ناضج وهو القادر على الفرز فى الانتخابات والاختيار الأفضل إذا ما توفر المناخ السياسى والنية التشريعية والإرادة السياسية المهيئة لانتخابات نزيهة بعيدًا عن التدخلات الإدارية أو زمن قائمة مطلقة لحزب حاكم أو حزب موالاة أو الادعاء بذلك.. باختصار توافر ضمانات انتخابات عادلة وفق المعايير المتعارف عليها.
أن الحديث عن القائمة المطلقة بأنها تتناسب مع طبيعة المرحلة السياسية أمر مختلف عليه؛ لأن طبيعة المرحلة السياسية الحالية لبلادنا تؤكد على ضرورة وجود معارضة ووجود رأى آخر وأهمية المناخ الديمقراطى، وهو الذى يعزز تطلعاتنا من أجل بناء الدولة الديمقراطية المصرية الحديثة التى تواجه الإرهاب والتطرف والفساد.
ومن هنا.. فإن علينا أن نؤكد على ما يلى:
إن الانتخابات بالقائمة «المطلقة» تعيدنا للماضى البغيض، حيث سيطرة الحزب الواحد والرأى الواحد، مما يؤدى إلى الغضب والاحتقان وعدم الرضا، ونحن نريد طمأنة جبهتنا الداخلية كما تطالب القيادة السياسية بـ(وحدة المصريين) التى لن تأتى إلا باحترام الرأى والرأى الآخر.
وقد ثبت مقدار هدر ما يزيد على 41% من أصوات المصريين بسبب القائمة المطلقة التى تؤدى إلى الاستبداد.. وتعالوا نحسبها معًا: حزب حصل على 51% من أصوات الناخبين، بينما حصل حزب (ب) على 49% من الأصوات، وطبقًا للقائمة المطلقة: يحصل الحزب الأول على كل أصوات الحزب (ب) ويستولى على المقاعد التى من المفترض أن تكون مخصصة له فى البرلمان.. فأى منطق فى ذلك وهل نهدر 49% من الأصوات تحت زعم القائمة المطلقة؟. وعلينا أن نتذكر أحكام القضاء الإدارى التى أكدت على عدم دستورية القائمة المطلقة، ولا نريد لبلادنا أن تدخل فى مثل هذه الدوامة التى عانينا منها وأدت إلى حل البرلمان مرتين.
وبعد فإن علينا أن نقرأ أى النظم الانتخابية الأفضل وأعتقد أنه من الإنصاف ولصالح الديمقراطية فى بلادنا واحترام التعددية والرأى الآخر الذى أكد عليه الدستور المصرى والإعلان العالمى لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية.. يحق لنا أن نطرح مجموعة من الأسئلة الموضوعية:
- على أى نظام انتخابى أثناء اقتراحه وتصميمه أن يراعى مجموعة من الاعتبارات والمعايير المهمة 
* هل يمكن اعتبار النظام الانتخابى على أنه واضح وسهل الفهم؟ 
*هل يراعى عند تصميم النظام الانتخابى المناخ السياسى الديمقراطى؟
* هل يراعى النظام الانتخابى ظروف الزمن الحالى؟
* هل يحتوى النظام على أدوات واضحه بتغييره وإصلاحه فى المستقبل؟
* وهل يتفادى النظام الاستهانة بقدرات الناخبين أم يحترمها؟ هل يحتوى النظام على عناصر تجعل منه شموليًا أم تعدديا بأكبر قدر ممكن؟
* وهل ينظر جميع المعنيين لعملية التصميم بالإقرار بشرعية النتائج الانتخابية؟ وهل تم أخذ الاحتمالات غير العادية بعين الاعتبار؟ وهل يتمتع النظام الانتخابى بميزة الاستخدام من النواحي المالية والإدارية؟ وهل سيعطى النظام الناخبين إحساسا بقوة تأثيرهم وحقهم فى الاختيار الديمقراطي؟ هل يحافظ النظام على قيام نظام حزبى تنافسى وهل يتلاءم النظام الانتخابى مع الإطار الدستورى العام الحاكم للبلاد؟ وأخيرا هل سيسهم النظام الانتخابى فى الحد من الصراعات بدلا من زيادتها وتفاقمها؟ أعتقد أن تلك المعايير وغيرها مما يستطيع تقديمها من قبل الخبراء ستكون مهمة من أجل الانتخابات البرلمانية ومجلس الشيوخ والمحليات بإذن الله.