الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

تباين حاد بين القوى السياسية في لبنان حول التعامل مع عودة النازحين السوريين

النازحين السوريين
النازحين السوريين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الوقت الذي يستعد فيه لبنان لاستقبال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو خلال الأيام القليلة المقبلة، والذي يجري جولة جديدة في الشرق الأوسط في إطار تكثيف الجهود للضغط على إيران وذراعها العسكرية في المنطقة، وفي مقدمتها "حزب الله" في لبنان، عادت الخلافات والتباينات بين القوى والتيارات السياسية اللبنانية الفعالة، لتعتلي سطح الساحة السياسية على خلفية أزمة النزوح السوري وكيفية التعامل معها.
ويشهد ملف النازحين السوريين انقساما وخلافات جوهرية عميقة بين القوى الرئيسية في لبنان، ليست وليدة الأيام القليلة الماضية، وتتركز في المقاربة وطريقة التعامل إزاء عودتهم إلى سوريا، ما بين فريق يطالب بالعودة الفورية للنازحين بعد أن استقرت الأوضاع في غالبية الأراضي والمناطق السورية، وفريق آخر يطالب أيضا بالعودة ولكن بالتعاون مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتوازي مع التحصل على مساعدات تعين لبنان على أوضاعه الاقتصادية شديدة الصعوبة.
وتفجرات الخلافات مع بدء انعقاد مؤتمر "بروكسل 3" مؤخرا الذي أسفر عن التزامات دولية أعلنتها الدول المانحة بقيمة 7 مليارات دولار للنازحين واللاجئين السوريين والدول المضيفة لهم حتى عام 2020، بزيادة كبيرة عن مؤتمر "بروكسل 1" عام 2017 الذي كان خصص 6ر5 مليار دولار، و"بروكسل 2" العام الماضي الذي خصص 5ر3 مليار دولار، علما أن لبنان طلب في مؤتمر هذا العام ما يناهز المليارين و900 مليون دولار لمواجهة أعباء النزوح.
وبدأت المناوشات السياسية قبل انعقاد المؤتمر بأيام قليلة بسبب عدم توجيه الاتحاد الأوروبي الدعوة لوزير الدولة لشئون النازحين اللبناني صالح الغريب، ووزير الصحة جميل جبق، للمشاركة ضمن الوفد الرسمي للبنان، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري ووزيري التعليم والشئون الاجتماعية، وذلك بسبب انخراط الأول مع الموقف الرسمي السوري إزاء الملف على نحو أثار حفيظة المجتمع الدولي، وكون الثاني يمثل "حزب الله" داخل الحكومة.
ومع ذلك، بدأت حدة الاشتباكات السياسية مع هجوم رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، على مؤتمر بروكسل، والذي قال إنه رفض الذهاب والمشاركة في أعماله، معتبرا أن المؤتمر "يمول بقاء النازحين في أماكن وجودهم، وليس لعودتهم إلى بلادهم"، مشيرا إلى أن دولا كبيرة تمنع عودة النازحين إلى وطنهم، وأنه "لن يسمح بسقوط لبنان تحت ذرائع الإنسانية"، داعيا إلى "العودة الفورية" للنازحين دون انتظار التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سوريا.
ويتشارك مع باسيل موقفه بضرورة العودة الفورية للنازحين، الرئيس ميشال عون "مؤسس التيار الوطني الحر"، والحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة القيادي الدرزي طلال أرسلان، بالإضافة إلى توافق من قِبل حلفاء آخرين وهم من الأطراف الفاعلة في قوى 8 آذار السياسية، وعلى رأسهم حركة أمل وحزب الله، خاصة مع طرح باسيل وجوب التنسيق مع الدولة السورية في المقام الأول على إعادة النازحين، إلى جانب عودة الزخم في العلاقات الرسمية اللبنانية – السورية.
ويقف على الجانب الآخر من هذا الملف، رئيس الوزراء سعد الحريري، يسانده حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وعدد من رموز قوى 14 آذار السياسية، والذين تتمحور رؤيتهم لحل أزمة النزوح السوري في وجوب "العودة الآمنة" للنازحين بأسرع وقت ممكن، بالشراكة مع المجتمع الدولي والمبادرة التي أطلقتها روسيا لعودة النازحين من الدول المضيفة،خاصة لبنان والأردن وتركيا، إلى سوريا.
كما يرى الفريق السياسي،الذي يشكل قوامه الرئيسي تيار المستقبل وحزب القوات والحزب الاشتراكي، أهمية أن يقوم المجتمع الدولي بتقديم المساعدات اللازمة إلى لبنان حتى يتمكن من التعامل مع أعباء النزوح، خاصة أنها تضغط بقوة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية اللبنانية.
واعتبر قياديون بحزب القوات اللبنانية، من بينهم وزير الشئون الاجتماعية ريشار قيومجيان والنائب بيار بو عاصي، إلى جانب عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل مصطفى علوش، أن مقاربة الوزير باسيل لأزمة النازحين، وهجومه على مؤتمر بروكسل والمجتمع الدولي، يندرج ضمن "خطاب شعبوي"، مشددين على أن العالم لا يقف أمام إعادة النازحين إلى وطنهم، كما وصف النائب أنيس نصار عن "القوات" أزمة النزوح بأنها ملف دولي بامتياز، وليس ملفا لبنانيا – سوريا فحسب.
ومن جانبه، اعتبر تيار المستقبل أن تصريحات باسيل في شأن ملف النازحين السوريين، تتناقض مع رؤية مجلس الوزراء التي تم التوافق عليها بين جميع القوى السياسية التي تشكلت منها الحكومة الجديدة، ووردت في البيان الوزاري للحكومة والذي نالت على أساسه ثقة المجلس النيابي، فضلا عن أنها "التصريحات" تضرب عرض الحائط بمبدأ التضامن الوزاري.
وأشار تيار المستقبل إلى أن معالجة هذا الملف، تمر أولا بالتفاهم مع المجتمع الدولي، وعبر العودة الآمنة للنازحين التي أقرتها القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في شهر يناير الماضي في بيروت، ومن خلال تأمين المساعدات ليواجه لبنان الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.
وتفيد الأرقام الرسمية الصادرة عن الدوائر اللبنانية والأممية بوجود قرابة مليون و300 ألف نازح سوري داخل الأراضي اللبنانية، ويتحصلون على مساعدات من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية، غير أن مسئولين لبنانيين يؤكدون أن العدد الفعلي يتجاوز ذلك الرقم ليتراوح ما بين مليون ونصف المليون وحتى مليوني نازح.
ويعاني لبنان من تبعات اقتصادية كبيرة جراء أزمة النزوح السوري، حيث يعتبر البلد الأكبر في العالم استقبالا للاجئين مقارنة بعدد سكانه الذي يقترب من 5 ملايين نسمة.
وكانت روسيا قد أطلقت خلال العام الماضي مبادرة وصفتها بأنها "استراتيجية" لإعادة النازحين السوريين من الدول المضيفة، وتحديدا دول الجوار السوري المتمثلة في لبنان والأردن وتركيا، باعتبار أن تلك الدول يوجد فيها العدد الأكبر من النازحين السوريين جراء الحرب السورية، وأعلنت الحكومة اللبنانية الجديدة تبنيها هذه المبادرة كأساس لعودة النازحين، غير أن المبادرة لم تبدأ العمل بصورة فعلية حتى الآن.