الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حكاية الطربوش من المهد إلى اللحد.. كلمة فارسية أصلها "سربوش"

طربوش
طربوش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"يا طربوش مقامك كبير، وفي جمالك مفيش مثيل، هيبتك مالية المكان، وصاحبك عليه العين".. في شارع الحسين مازال الطربوش موجودا لدى القليل من الباعة ولكن لا يباع ولا يشترى، يظل معلقًا ومحفوظًا في سياج التجار أمام محلاتهم.
وعلى حافة الذوق الرفيع ينتظر الطربوش صاحبة الأصيل الذي عفا عليه الزمن وأصبح كهلًا مخاطبًا الجيل الجديد لماذا تركتموني للتراب ينهش وقاري.
تعتبر صناعة الطربوش من المهن التي أوشكت على الانقراض لأن الزمن عفا عليها وأصبحت موضة قديمة، وليس الطرابيش فقط بل هناك مهن أخرى أصبحت في طي النسيان لأن التقدم التكنولجي قضى عليها، وهناك أسباب أخرى منها قلة العائد المادي، نظرًا لضعف الإقبال على شراءها.
يقول حسن محروس صاحب محل لبيع الطرابيش، أقوم بالاتجار في الطربوش منذ أكثر من ثلاثين سنة ولكن المعدل السنوي لبيعه قل بكثير، فأصبحت تجارة راكده، وأصبح هذا النوع من المتعلقات المباعه حيز وخانة وجزء على أرفف المحلات، وتم إضافة مشتروات أخرى بأشياء تباع لتواكب هذه الفترة من الزمن.
والطربوش يعتبر من التراث ويباع على أنه كذلك بالفعل فأحيانا يباع للسائحين الأجانب كونه من التراث المصري والعربي، وأحيانًا أخرى يأتي عمداء من الريف المصري ومن الصعيد وهو كبار بلادهم وشيوخها ويقومون بشرائه باعتباره من المتعلقات الشخصية الأساسية. 
ولقب من يرتدية بالباشا أو البيه أو الأفندي، ويحكى أن الشاعر حافظ إبراهيم حين قابله رجل أمي وأعطاه رسالة ليقرأها له، فأجابه إبراهيم بأنه لا يعرف القراءة، فقال الرجل الأمي متعجبًا: كيف وأنت ترتدي "الطربوش"، فخلع إبراهيم "الطربوش" ووضعه فوق رأس الرجل وقال له "الطربوش" فوق رأسك تفضل إقرأ أنت.
كلمة طربوش محرفة عن الفارسية "سربوش" وتعني زينة رأس الأمير ثم حرفت إلي "شربوش" فأصبح شبه عمامة تلتف حول طاقية حمراء من الجوخ سطحها يراوح بين "10 14" سم، وتعلق في وسطها شرابة غليظة زرقاء أو سوداء تتدلى حتى العنق، وحل محل الطربوش الكبير الطربوش النمساوي تشبهًا بالأجانب وأطلق عليه اسم "فيز fez" نسبة إلى مكان صناعته وهي "فيينا" عاصمة النمسا وكان شكله اسطوانيًا ولونه أحمر أو أبيض ثم بدل الاسم إلى "فاس" وزعموا أنه يدل على مدينة "فاس" المغربية كي يموّه عن المسلمين منشاؤه الأصلي ويرضي مشاعرهم الدينية بأنهم لا يستعملون بضائع الأوروبيين، وهذا هو الشائع لكن الأكيد أن العرب لم يعرفوا الطربوش إلى مع دخول الخلافة العثمانية البلاد العربية، وقد أصدرت الدولة العثمانية قرارًا بتعميم الطاربوش وإرتداءه بالنسبة للشخصيات الحكومية والرسمية في الدولة ثم إنتشر بعد ذلك بين عامة الناس.
وعاش "الطربوش" فترة إزدهار وأصبح شعارًا قوميًا بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى واحتل مركز الصدارة بين أغطية الرأس وأصبح لبسه ردة فعل على بعض المحاولات بإدخال القبعة الأوروبية بإعتبارها لباس المستعمرين، وظل في تركيا في وقت متأخر من حياة امبراطوريتهم، كزي بروتوكولي، ليصبح زيًا شعبيًا فيها، إلى أن إتخذ كمال أتاتورك سنة 1925 قرارًا يمنع فيه لبس الطربوش، كما قررت "ثورة 23 يوليو" في مصر إلغاء الطربوش لأنه يرمز لعهد الإقطاع.