الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

البرادعي كي مون رئيسًا لكوريا الجنوبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تستغرب فالعنوان صحيح .. نعم بان كى مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة سيصبح رئيسًا لكوريا الجنوبية بنفس الطريقة التى كان ينتظر أن يصبح بها محمد البرادعى رئيس وكالة الطاقة الذرية السابق رئيسا لمصر قبل ست سنوات.. دعم أمريكى فاضح وصارخ ، بينما تشتعل المظاهرات فى الشوارع وبنفس الشعارات عن الفساد وسوء استخدام السلطة .
وبنفس الطريقة استقبل مئات الكوريين بان كى مون، فى المطار رغم أنه لم يرشح نفسه رسميًا، فهو المنقذ القادم من الخارج تمًاما كما حدث مع البرادعى فى مطار القاهرة عقب اندلاع مظاهرات 25 يناير 2011 .. تفاصيل متشابهة لدرجة الملل تحدث على المسرح العالمى، والفاعل خلف الستار واحد ، فالبرادعى وبان كى مون نموذجين مثاليين على الموظفين الدوليين المخلصين للولايات المتحدة وسياسيتها الخارجية ، ومن حقهما الحصول على مكافأة نهاية الخدمة برئاسة بلادهم .
تعرف أمريكا جيدًا كيف تختار رجالها فى المناصب الدولية ، فهى تريد مسئولا شخصيته ضعيفة ، غير حاسم ، مشوش ومتلعثم ، كثير الإعراب عن القلق ، لا يتحرك قبل الرجوع إليها ، "مواطن عالمى" غير منتمى لبلده الأصلى، ومتعاونا إلى أقصى حد مع أجهزتها الأمنية ، باختصار تريد "عروس ماريونت" تحركه بحرية وسهولة فى أى اتجاه و كيفما تشاء .
تلك الأوصاف ستجدها متطابقة مع شخصيتى البرادعى وبان كى مون، الأول ترك الولايات المتحدة تغزو العراق والثانى لم يترك للأمم المتحدة سوى "القلق" وبحسب إحصائيات فقد أعرب عن قلقه 180 مرة خلال عام 2014 ، أي بمعدل قلق كل يومين، منها 27 قلقاً لليمن وحدها، في حين توزعت "القلقات" الباقية على: 19 بين إسرائيل وفلسطين، و15 لأوكرانيا، و11 لأفريقيا، و9 للعراق، و6 لنيجيريا، و7 لسوريا، و5 لجنوب السودان، وجاءت مالي في المؤخرة بـ4 "قلقات"، في حين تقلصت المرات إلى 48 مرة فقط خلال 2015 لأسباب غير مفهومة .. وبينما كان الأمين العام للأمم المتحدة يشعر بالقلق دٌمرت سوريا وليبيا واليمن وسادت الفوضى بلدان الشرق الأوسط وخسرت 614 مليار دولار من الاستثمارات والاحتياطيات النقدية ، وزادت نسب الفقر والبطالة والتشرد فضلا عن أزمة لاجئين لم يعرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية .. الأمر الوحيد الذى لم يشعر تجاهه بالقلق كانت مظاهرات السود فى الولايات المتحدة رغم مقتل عدد منهم على يد الشرطة الأمريكية .
لم ينتظر بان كى مون أن يصبح رئيسًا أو حتى مرشحًا ووافق أن تكون بلاده موقعًا لنشر نظام "ثاد " الصاروخى الأمريكى رغم معارضة الجيران خاصة الصين وكوريا الشمالية؛ لأن الرادار القوي لهذا النظام سيكون قادرا على اختراق أراضيها .. لم يعرب الأمين العام السابق عن موافقته فقط بل يقود حملة لتسويق الوجود العسكرى الصاروخى الأمريكى فى كوريا الجنوبية رغم ما قد يحمله ذلك من تهديدات لاشتعال المواجهات مجددًا بين شمال وجنوب كوريا .
ورغم قوه المعارضة الكورية وتقدمها عليه فى استطلاعات الرأى ، إلا أن هناك إشارات عديدة تشير إلى أن الطريق يمهد أمامه ، فلقد تم تقريبًا غلق ملف فساد كان متورطا فيه وقت وجوده كوزير للخارجية ، كما لم يتأثر باتهام أحد أقاربه فى قضية فساد بالولايات المتحدة ، حتى ان لجنة الانتخابات المركزية فى كوريا الجنوبية اصدرت بيانا اكدت فيه ان بان كى مون، مؤهل للترشح فى الانتخابات الرئاسية على الرغم من إقامته المطولة فى الخارج عقب توليه لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.
وذكرت اللجنة أنه بموجب قانون الانتخابات الحالي، فإن أى مواطن كورى جنوبى يبلغ من العمر أكثر من 40 عامًا وسبق له أن أقام فى البلاد لأكثر من 5 سنوات حتى تاريخ الانتخابات الرئاسية، يكون مؤهلًا للترشح فى الانتخابات الرئاسية بغض النظر عما إذا كان عاش باستمرار فى البلاد أم لا وقال مسئول فى اللجنة بوضوح ، إن "بان كى مون" يتمكن من الترشح للانتخابات الرئاسية وفقا للوائح المعنية، مضيفًا أن اللجنة أرسلت الملاحظة بسبب وجود عديد من الاستفسارات بواسطة وسائل الإعلام المحلية فى كوريا الجنوبية.
من جانبها سخرت كوريا الشمالية من خوض بان كى مون لانتخابات الرئاسة ووصفته "بالحرباء الانتهازي في قناع البشر من الذي يحلم حلما أجوف".
يقول لنا التاريخ: إن أمريكا يمكن أن تضع رئيساً على كرسى السلطة لكنها لا تضمن بقائه ، وفشلت مرات عديدة فى حماية رجالها وتأثر أمنها الخارجى بهذه التحركات كما زاد السخط العالمى من تصرفاتها المنفردة ومحاولتها فرض مشروعاتها السياسية على شعوب العالم ، بل وقيادة شعوبا بأكملها نحو الدمار والفوضى من أجل فرض ديمقراطيتها المزعومة، حدث مع الربيع العربى وأوروبا الشرقية .. ويحدث الآن فى كوريا الجنوبية .