رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"الحقن بالفيروسات".. ماذا تفعل الممرضات الأجنبيات في مصر؟

خبراء يحذرون من "السيناريو الليبي" بعد انتشارهن في القاهرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعدادهن تصل إلى ١٠ آلاف وأغلبهن من بلغاريا وأوكرانيا والفلبين 
يدخلن البلاد تحت ستار السياحة ورواتبهن تتراوح بين ١٥ و٢٠ ألف جنيه شهريًا
نقيب التمريض: يعملن بـ«طريقة غير رسمية» و«إدارة العلاج الحر» هى المسئولة 
ينتشرون فى المستشفيات الخاصة بسبب غياب الرقابة خبراء: المصريات تفوقهن خبرة وأداء بكثير ما يزيد على 150 مليون دولار سنويًا يتم إنفاقها على رواتب الممرضات الأجنبيات فى مصر، اللاتى يتعاقد أغلبهن على العمل فى مستشفيات القطاع الخاص تحت مسميات أخرى غير التمريض، للتستر على أعدادهن الحقيقية، الإحصاءات والأرقام الحقيقية تكشف عن الوجه المرعب لمهنة ملائكة الرحمة فى مصر، بداية من أعداد ورواتب التمريض الأجنبى المستخدم فقط كواجهة وهدف تسويقى، مرورًا بانتشار معاهد التمريض الخاصة غير المعترف بها من الأساس والتحاق خريجيها بالعمل فى المستشفيات الخاصة بدون تصريحات مزاولة التمريض، عبورًا بنظرة المجتمع الدونية للممرضة وتعرضها للسب والقذف أثناء العمل بسبب ضعف المنظومة الأمنية داخل بعض المستشفيات، وصولًا لتلاشى المعايير العالمية للتمريض فى مستشفيات الحكومة بسبب العجز الشديد فى مجموعات التمريض.
ظاهرة الممرضات الأجانب
وفقًا لأحدث إحصاءات نقابة التمريض المصرية، فإن العدد الفعلى لأعضاء هيئة التمريض المقيدين فى النقابة، ٢٠٦ آلاف ممرضة وممرض، غير أن عدد من يمارسون المهنة بشكل فعلى داخل القطاع الحكومى ١٧٦ ألفا، ما بين الجامعات والمعاهد ووزارة الصحة والأمانة العامة والتأمين الصحى، فى حين أن الـ ٣٠ ألف ممرض وممرضة الآخرين، مثلوا عددا من راغبى العمل فى القطاع الخاص أو قرروا البحث عن فرصة عمل بالخارج أو تم فصلهم من المستشفيات الحكومية بسبب الغياب المتكرر.
تُقدر أعداد العجز فى القطاع الحكومى بـ ٢٦ ألفا و٥٠٠ ممرضة وممرض، بنسبة تمثل ١٥٪ من العدد الفعلى لمن يمارسون المهنة، وتأتى المحافظات النائية والساحلية وعلى رأسها مطروح وشمال سيناء وبورسعيد ودمياط والبحيرة، كأكثر المحافظات التى تعانى من عجز شديد فى أعداد التمريض، لدرجة جعلت إدارة المعهد القومى لعمليات القلب المفتوح بدمنهور، البحيرة، أن تتخذ قرارًا بإلغاء قسم العمليات، لعدم وجود ممرضات.
على الجانب الآخر، لا يُعانى القطاع الخاص من أى عجز فى أعداد التمريض، لكونه قبلة الهاربين الأولى من ضعف رواتب المستشفيات الحكومية، بالإضافة لاستعانته بخريجى المعاهد الخاصة، ممن ترفُض نقابة التمريض إعطائهم تصريح مزاولة المهنة ولا تعترف بكونهم ممرضين، فى سد احتياجاته اللازمة من مجموعات التمريض، ففى عام ٢٠٠٤ حجمت وزارة الصحة ونقابة التمريض إعطاء تصريح مزاولة المهنة على خريجى معاهد وكليات التمريض الحكومية.
خلال السنوات القليلة الماضية، اتجهت مستشفيات القطاع الخاص إلى استقدام الممرضات الأجنبيات للعمل بها، فحسب ما أكدته الدكتورة كوثر محمود، نقيب التمريض، فإن إدارة التراخيص الطبية والعلاج الحر بوزارة الصحة، وهى الجهة المسئولة عن ترخيص عمل الأجانب فى مصر، سَجَلت فى دفاترها عدد ٦٠٠ ممرضة أجنبية تعمل داخل مستشفيات خاصة مصرية، فيما أكد هيثم سعد الدين، المستشار الإعلامى لوزارة القوى العاملة، أن عدد الممرضات الأجنبيات القادمات إلى مصر خلال النصف الأول من عام ٢٠١٦، ٣٢ مُمرضة، الأمر الذى يتأكد فيه أن غالبية العاملات فى هذا المجال يدخلن البلاد بأسباب مغايرة لفكرة العمل فى التمريض.
بينما يُقدِر الدكتور هشام مبروك، عضو نقابة التمريض، أعداد الممرضات الأجنبيات فى مصر بنسبة ١٠٪ من المنظومة الصحية الخاصة فقط، وهو ما يُقارب ١٠ آلاف ممرضة أجنبية، مؤكدًا أن غالبية أصحاب المستشفيات الخاصة يلجأون إلى التعاقد مع الممرضات الأجنبيات فى بلادهن تحت مسميات أخرى غير التمريض، فقط ضرورة الاتفاق المكتوب على حصول الأجنبية على مبلغ محدد شهريًا، ومنهن أحيانًا من تكُن فى الأوراق الرسمية مُقيدة على أنها فى زيارة إلى مصر لعدة أشُهر، وهى فعليًا تعمل فى مستشفى خاص، ويساعدها فى ذلك غياب الرقابة على تلك المستشفيات.
تنتشر الممرضات الأجنبيات داخل ما يزيد على ٣٠ مستشفى خاصة بالقاهرة والجيزة، وتأتى مستشفيات كليوباترا والقاهرة التخصصى ودار الفؤاد والسلام الدولى على رأس القائمة الحاضنة للممرضات الأجنبيات داخل القاهرة، كما ينتشر بعضهن فى فروع نفس المستشفيات فى المحافظات المختلفة والمستشفيات الخاصة الكبرى القاطنة خارج القاهرة ومستشفيات المدن السياحية، وأغلب جنسيات الممرضات الأجنبيات فى مصر، هندية وفلبينية وبلغارية وأوكرانية، لضعف رواتبهن، وأيضًا تتواجد الممرضات الفرنسيات والإيطاليات بعدد أقل.
«آلاف الدولارات» هو الوصف الذى استخدمته كوثر محمود، نقيب التمريض، فى تحديد راتب الممرضة الأجنبية داخل المستشفى الخاص، بينما قال عضو نقابة التمريض، هشام مبروك، إن راتب الممرضة الأجنبية داخل المستشفى الخاص عند قدومها إلى مصر، يتراوح بين ١٥ و٢٠ ألف جنيه، ما يعادل (١٢٠٠ دولار شهريًا)، بإجمالى إنفاق يصل إلى ١٥٠ مليون جنيه شهريًا على الممرضات الأجنبيات فى مصر، مقابل أن رواتب الممرضات المصريات بنفس المستشفيات يتراوح بين ٣ آلاف و٧ آلاف جنيه.
«محمود» قالت إن الممرضات المصريات يفُقن الأجنبيات أداءً وعلمًا وخبرة، وإن المستشفيات الخاصة تستخدمهن كواجهة لجلب الزبون «المريض» لا أكثر، مضيفة أنها كعضو فى لجنة معادلة شهادات الأجانب بوزارة الصحة، على علمِ تام بأن مناهج التمريض المصرية تفوق المناهج الأجنبية بمراحل.
وتشير نقيب التمريض، إلى أن ما يميز التمريض الأجنبى فى مصر، أنه قادر على التأقلم على أى نظام تحدده إدارة المستشفى وفى أى وقت، وأن الممرضة المصرية تحتاج فقط إلى بيئة العمل المناسبة وبعض المميزات التى تحصل عليها الممرضة الأجنبية، لتكون أفضل منها بمراحل كثيرة.
قانون مزاولة مهنة التمريض حدد النسبة المصرح بها لوجود التمريض الأجنبى فى مصر، وهى ١٠٪ للتخصصات النادرة، غير أنه فى مصر لا توجد تخصصات نادرة فى التمريض، حسب ما أكدته نقيب التمريض، ورغم أن النقابة تحظر نهائيًا إعطائهن تصاريح مزاولة المهنة، إلا أنهن يحصلن على تصريح مؤقت بعد موافقة العلاج الحر بوزارة الصحة، يتم تجديده سنويًا وحسب الاتفاق مع جهة عملهن.
وتُشدد نقيب التمريض على أن الممرضات الأجنبيات اللاتى يعملن فى المستشفيات الخاصة بطريقة غير رسمية أو تحت مُسميات أُخرى غير التمريض، مسئولية إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، كُونها الجهة الرقابية المُخول لها المرور على تلك المستشفيات وتَفَقُد تصاريح العاملين بها.
الممرضة والممرض المصرى يجتازان مهارات فنية أكثر من التمريض الأجنبى، وبأقل الإمكانيات الموجودة يستطيعان الحركة والحصول على أفضل النتائج، على حد قول هشام مبروك، عضو نقابة التمريض، موضحًا أن العمل الفعلى داخل المستشفيات الخاصة التى تعمل فيها الممرضات الأجنبيات يقع على عاتق التمريض المصرى، فى حين أن الأجنبيات يكتفين بدور الواجهة، بدليل أنهن لا يستطعن العمل فى رعاية الأطفال المبتسرين، فقط يعملن فى السكرتارية والأعمال الكتابية واستقبال المرضى والزوار، كما أن آليات مديرين المستشفيات الخاصة فى استقدام الممرضات الأجنبيات تعتمد على المظهر العام غالبًا.
بينما طالبت وردة يوسف، عميد كلية التمريض بجامعة القاهرة، بضرورة دراسة ظاهرة انتشار الممرضات الأجنبيات داخل المستشفيات المصرية، رغم علمها أن السبب الرئيسى لوجود الأجنبيات تسويقى بحت، مشيرة إلى ضرورة إعادة نظر المستشفيات الخاصة فيما تقوم به، خاصة أن كفاءة الممرضات المصريات فى الدول العربية وبعض الدول الأجنبية وتقلُدهن مناصب رفيعة فى مجال التمريض خارج بلدهن، دليل قاطع على تميُزهن.
وتتابع: «عقدة الخواجة موجودة لدينا فى مصر، والتمريض كغيره من المجالات التى قد نجد فيها تلك العقدة، فوجود ممرضات أجنبيات داخل مستشفى مصرى، قد يوحى للبعض أنها على مستوى عال من الكفاءة والتميُز فى تقديم الرعاية الصحية للمرضى».
من جانبه، استنكر بدر محمود «يعمل ممرضا خارج مصر»، وجود تمريض أجنبى فى مصر، قائلًا: «سافرت السعودية ٤ سنوات للعمل فى أحد المستشفيات، من ٢٠٠٧ حتى ٢٠١١ على فترتين، من خلال إعلان يطلُب فنى دبلوم تمريض بمرتب «ألفين و٥٠٠ ريال»، وتعاملت مع ممرضات شرق آسيا داخل المستشفى، وهن غير كفء بالمرة كمادة فنية وتقنية وعلمية، ويعتمدن فى عملهن على التعلُم من الممرضين القُدامى، وبالمناسبة أيضًا، كانت رواتبهم أفضل منا بحُكم التعاقد الأولى».
الوجه الآخر للمستشفيات الخاصة
مستشفيات القطاع الخاص التى تستقدم الممرضات الأجنبيات للعمل مقابل ملايين الدولارات سنويًا، هى ذاتها التى تستغل الكثيرين من خريجى معاهد التمريض غير المعترف بها من وزارة الصحة ونقابة التمريض، التى تمتنع عن منحهم تصريحات مزاولة المهنة، للعمل بها، وهى ذاتها أيضًا التى تُهدد مجموعات التمريض العاملين بها بالفصل فى أى وقت.
«سميرة. ج»، ممرضة بمستشفى خاص بالزقازيق، تقول إنها بدأت العمل داخل العديد من المستشفيات الخاصة بمدينتها، بعد تخرجها عام ١٩٩٩ من معهد تمريض خاص قضت به ٣ سنوات فى الدراسة، حتى استقرت فى عملها الحالى داخل مستشفى، فضلت عدم ذكر اسمه، منذ ٩ سنوات تقريبًا، وأنه خلال فترة العمل تلك ما زال راتبها الشهرى أقل من ألف جنيه فى الشهر.
وتكمل: «المرتب كان فى البداية ٤٠٠ جنيه من ٩ سنين، بزيادة ١٠٪ على كل ١٠٠ جنيه فى السنة، يعنى ٤٠ جنيها كل سنة، وإذا تحدثنا مع الإدارة عن أى زيادة «يقول لنا بالسلامة»، والفلوس مش كافية تعمل حاجة فى الأيام دى قدام الغلاء اللى فى السوق، ورواتب مستشفيات الحكومة أحسن مننا، بس هما مش بيشغلوا المعاهد الخاصة»، منوهةُ بأنها تتناوب على عملها خلال الشهر مع زميلاتها، اللاتى يصل عددهن إلى ١٠٠ ممرضة داخل المستشفى، فى ثلاث ورديات خلال العمل، منها اثنتان مدة العمل فيهما ٧ ساعات، والثالثة ليلًا وتستمر لمدة ١٢ ساعة.
مستشفى المدينة التخصصى ببورسعيد واحد من المستشفيات الخاصة التى تم غلقها مؤخرًا بعدما أخطأ طبيب بمشاركة طاقم تمريض المستشفى فى إجراء عملية قيصرية لسيدة أثناء ولادتها، ما أدى إلى نزيف وتدهور سريع للحالة الصحية للسيدة فقدت على إثرها الرحم داخل مستشفى المنصورة العام.
مئات المستشفيات الخاصة تعتمد على طاقم تمريض لا علاقة له بالمهنة، فقط شخص يحمل شهادة تُفيد حصوله على دورة تمريض لمدة ٦ أشهور بأحد المعاهد الخاصة واجتيازه لمهارة الاستقبال، حسب ما أكده الدكتور هشام مبروك، مضيفًا أن بعض مستشفيات القطاع الخاص أيضًا لا تخجل من إلحاق خريجى دبلومات الثانوى التجارى والصناعى إليها، طالما كان المقابل المادى المدفوع مئات الجنيهات القليلة شهريًا.
وأشار «مبروك» إلى أن جميع المعاهد الخاصة غير معترف بها من نقابة التمريض وبالتالى لا يصرح لخريجِها بمزاولة المهنة، كما اقتصرت تصريحات مزاولة التمريض على خريج معهد عال للتمريض وبكالوريوس التمريض منذ عدة سنوات، وبالتالى تم إلغاء مدارس التمريض ومعاهد الثلاث سنوات مؤخرًا حتى يكون الخريج حصل على الوعى الكامل بالمهنة وتمرس عمليًا على التمريض، لافتًا إلى أن مسئولية رقابة معاهد التمريض الخاصة تقع على العلاج الحر بوزارة الصحة والجهات الأمنية بالدولة.
عجز التمریض الحكومي
الخدمة التمريضية الصحيحة عالميًا، هو أن يكون لكل مريض داخل وحدة رعاية ممرضة تؤدى دورها الخدمى تجاهه، لكن ما يحدث فى مصر أن الممرضة تكون مسئولة عن ٤ إلى ٦ مرضى فى الرعاية، فبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية فى عام ٢٠١٥، هناك ١٤.٨ ممرضة لكل ١٠ آلاف مصرى، وهذه النسبة لا تكاد تصل إلى نصف العدد النموذجى المُقدر بـ٢٨.٦ ممرضة لكل ١٠ آلاف مريض فى الأقسام العادية، بحيث يكون لكل ٥ مرضى ممرضة.
الدكتورة كوثر محمود، ترى أن عجز التمريض فى مصر ليس نتيجة عجز عدد الخريجين ولكن نتيجة أن مهنة التمريض فى مصر طاردة، وتُفسر: «التمريض يتسرب إلى القطاع الخاص والخارج، لتدنى الرواتب والحوافز وبدل النوبتجيات فى القطاع الحكومى، ووزارة المالية حتى الآن تعتبر مطالبنا بزيادة الرواتب والبدلات مطالب فئوية، وهذا يجعلنى أقول إننا لو استطعنا تخريج ١٠٠٠ ممرضة يوميًا، سيظل العجز موجودا، لعدم تقدير الدولة للدور الذى تقوم به الممرضات»، منوهةً بأن نسب العجز فى أعداد التمريض قلت تدريجيًا خلال الأربع سنوات الأخيرة، ففى عام ٢٠١٢ كانت أعداد عجز التمريض فى القطاع الحكومى تتخطى ٦٠ ألف ممرضة وممرض».
فيما تساءل هشام مبروك، عضو النقابة، أنه طالما نبحث دائمًا على المعايير العالمية لمقارنتها بالمصرية لماذا إذن لا نتساءل عن المميزات العالمية المقدمة للتمريض ومقارنتها بما يعانيه التمريض من جحود مادى ومعنوي؟
ويوضح مبروك: «عندما ننظر لمعيار العدوى داخل المنظومة الصحية فى مصر، نجده ١٥ و١٩ جنيها، رغم أنه عالميًا بالآلاف، مع العلم أن بعض الجهات الأخرى فى الدولة مثلًا والبعيدة تمامًا عن مخاطر العدوى بالفيروسات المختلفة، تحصل على بدل عدوى يتعدى مئات الجنيهات».
يقول أحمد سامى، مشرف قسم الطوارئ بمستشفى حكومى بالدقهلية، إن معظم زملائه يقومون بالانقطاع عن العمل داخل المستشفى والتوجه إلى القطاع الخاص بسبب تدنى الرواتب، وأنه خلال عمله بالمستشفى لمدة ١٦ عامًا ما زال راتبه ألفين و٤٠٠ جنيه شاملة الحوافز وبدلات السهر والعدوى والنوبتجيات والجهود غير العادية، فى حين أن زملاءه فى القطاع الخاص يحصلون على مبلغ يتراوح بين ١٥٠ و٣٠٠ جنيه فى وردية العمل الواحدة بالمستشفى.
«سامى» أيضًا عضو بفريق الانتشار السريع للتمريض التابع لوزارة الصحة، الذى تم إنشاؤه بهدف سد عجز التمريض فى حالات الأزمات والكوارث الكبرى داخل المستشفيات الحكومية، وعملهم الرئيسى بعيدًا عن الأقسام العادية ومُحدد فى مجالات الرعاية الحرجة فقط، وهى الرعاية المركزة والاستقبال والطوارئ ومجالات الحضانة والعمليات، وغالبًا ما يتمركز عملهم فى القاهرة داخل مستشفيات صدر العباسية والشيخ زايد والقاهرة الجديدة وحميات العباسية ودار السلام.
نسب العجز المرتفعة فى هيئة التمريض داخل المستشفيات الحكومية، دفع النقابة خلال الشهور الماضية إلى التقدم بمُستندات للجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، تُطالب فيها بالموافقة على عودة ٤ آلاف و٨٠٠ ممرضة وممرض من المفصولين بسبب الغياب لعملهم مرة أخرى، وتحت لافتة «عودة التمريض للعمل مرة أخرى» أكدت النقابة أنها تسعى إلى سد نسب العجز من الممرضات فى عام ٢٠٢٠.
مهنۀ من الدرجۀ الثانیة
العوائد المادية المتدنية لمهنة التمريض فى مصر لم تكُن السبب الوحيد للعزوف عن الدخول إلى مجال التمريض أو هروب خريجى معاهد وكليات التمريض من المهنة إلى غيرها، هناك أيضًا نظرة بخس وتصورات مغلوطة يُطلقها المجتمع فى وجه الممرضات.
كانت الصورة الخاطئة التى قدمها فيلم «الحرامى والعبيط» عن الممرضة فى عام ٢٠١٠، القشة التى قصمت ظهر البعير، فمع عرض الفيلم تأججت مشاعر الممرضات والممرضين، ما دفعهم إلى إطلاق مسيرات ووقفات احتجاجية، حتى تقدمت نقابة التمريض برفع دعوى ضد منتج الفيلم والمطالبة بمبلغ ٢ مليون جنيه كتعويض عن الصورة الخاطئة التى قدمها محتوى الفيلم عن الممرضة.
لمياء السيد، ممرضة، تقول إنها بعد عمل ٥ سنوات فى التمريض بأحد المستشفيات الحكومية، ترى أن المهنة بسيطة، تحمل فى طياتها الإحساس بالمرضى وآلامهم ومساعدتهم على عودتهم إلى منازلهم مرة أخرى فى صحة كاملة، غير أن أعباء المهنة ومشاكلها تظهر إما فى سوء تعامل إدارة المستشفى مع طاقم التمريض أو تصرُفات بعض المرافقين للمريض والمريض نفسه أحيانًا، الذين ينظرون فى بعض الأحيان للممرضات كخادمات، منوهةً بأن منظومة الأمن الضعيفة داخل المستشفيات تُساعد بعض المترددين على المستشفى على التحرش اللفظى بالممرضات والتعدى على بعضهن بالسب والقذف أحيانًا.
«لا مفيش الكلام ده».. بدأت بها الدكتورة «وردة يوسف»، عميد كلية التمريض بجامعة القاهرة، حديثها ردًا عن عزوف كثير من المصريين عن العمل فى مهنة التمريض، وتوضح: «لدينا فى الكلية بخلاف درجة البكالوريوس العادية، بكالوريوس من الدرجة الثانية يسمى (التمريض المكثف) لخريجى الكليات فقط، وهو عبارة عن مساهمة من تمريض جامعة القاهرة فى سد عجز التمريض فى مصر وحل مشكلة البطالة، وهناك إقبال شديد على التمريض المكثف من خريجى الكليات، حتى إن أبناء كليات القمة كالطب والصيدلة يلتحقون ببكالوريوس الدرجة الثانية للعمل فى مجال التمريض بعد التخرج، ونرفض منهم الكثيرين بسبب حاجتنا إلى عدد معين كل عام وعدم استيفاء البعض للشروط المطلوبة، وهذا ينفى عزوف المصريين عن العمل فى مجال التمريض».
وأعرب خبراء فى المجال الطبى عن خوفهم من، السيناريو الذى حدث فى ليبيا قبل سنوات طويلة عندما استخدم ممرضات بلغاريات فى حقن مئات الأطفال بـ«فيروس الإيدز» وهى القضية التى أثارت جدلا كبيرا فى عهد العقيد القذافى انتهت بالحكم على الممرضات بالسجن المؤبد قبل أن يجرى الإفراج عنهن لاحقا عقب قضائهن ٨ سنوات فى السجن.