مع اقتراب موسم الحج، يثور الجدل حول مدى تأثر «الفريضة» بشرب الدخان والسجائر، لا سيما مع تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لحجاج، فى الأعوام الماضية، وهم يدخنون السجائر والشيشة، ويتساءل البعض: هل يبطلُ التدخينُ الحجَ؟
الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، كان ممن تصدوا للإفتاء فى تلك القضية من العلماء المحدثين، ففى لقائه مع ممثلى الجمعيات الأهلية، أثناء تأديته للحج، عام ٢٠١٢، قال الشيخُ ردًا على سؤالٍ بهذا الشأن: «التدخين حرام فى الحج، إلا أن الحج مقبول».
أما الشيخ عبدالحميد الأطرش، الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر، فيرى أن «التدخين حرامٌ، سواء كان فى الحج أو فى غير الحج، لكنه فى الحج أشد حرمة، بدليل أن المسلم خرج حاجًا، تاركًا الأهل، وأنفق الأموال، يريد رحمة ربه، وعليه أن يكون أشد امتثالًا لأمر ربه».
وأضاف «الأطرش» أن «من يدخن حجه صحيح، لكن التدخين حرام، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار». فالقاعدة الفقهية أن كل ما أضر بالمال والصحة حرام، والتدخين مٌضر لهما معًا.
من جانبه، يعتبر الدكتور محمود عبدالرحمن، أستاذ أصول الفقه، بجامعة الأزهر، أن التدخين فى الحج حرام، وأنه يؤثر على ثواب الحاج، لأنه معصية، والمعاصى منهى عنها، فى كل وقت وفى كل مكان، خصوصًا أثناء أداء فريضة الحج.
وقال «عبدالرحمن»: معلوم لدى عامة المسلمين، بسبب كثرة الفتاوى، أن التدخين حرام فى الحج وغيره، وحرمة التدخين إنما كانت بسبب أنه ضار بالصحة، والإسلام يُحرِّم على الإنسان تناول ما هو ضار، سواء كان مشروبًا أو مشمومًا، وفى الحديث: «إن الله حرم كل مسكر ومفتر»، والمفتر هو ما يضر بالصحة، لأن بدن الإنسان ليس ملكًا له».
واستدرك قائلا: «لا يليق بالمسلم أن يكون فى مجتمع، ويضر من حوله، وفى الحج زحام شديد فى الطواف والمبيت، كما أن الحج له خصوصيات، ويحرم فيه الجدل والإضرار بالغير، حتى وإن كان مباحًا فى الأصل، كتقليم الأظافر، وأخذ حشائش الأرض، أو حلق الشعر، فإذا كانت الكثير من المباحات ممنوعة فى الحج لخصوصيته، فما بالنا بالتدخين، حيث ينبغى أن يأمن الحجاج على صحتهم فى هذا المكان الطاهر؟».
وعن تأثر ثواب الحاج بالتدخين، قال «عبدالرحمن»: «من يُصر على التدخين فى الحج، فإنه يؤثر بذلك على ثواب حجه، لأنه ملتزم بالإحرام والطاعة، ولا ينبغى للحاج أن يلوث طاعته بالذنوب والمعاصي، والتى منها التدخين، خاصة وأن الحج تدريب على الصبر والامتناع عن أشياء كثيرة، ولعل الحج يكون فاتحة خير له، ومن يدخن يعلن نقيض ما يقوم به من عبادة».
