الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أعيدوا صناعتنا التي ماتت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا ما نظرنا إلى الدول التى تقدمت سريعًا من حولنا، سنجدها اعتمدت على نفسها فى ميدان الصناعة، حيث هى الحائط القوى الذى يقف حائلًا أمام تحويل الدولار للخارج. وتجارب الدول الصناعية الكبرى تشير إلى أن الصناعة هى قاطرة النمو الاقتصادى، وماكينة فاعلة للقضاء على مشكلتى الفقر والبطالة، وهذا ما يجب أن نحذوه فى المرحلة المقبلة، للنهوض من عثراتنا الاقتصادية، ولإنهاء مشكلة «التضخم» التى وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عنه أو تجاهله. 
إن دعم الصناعة يمكّن الدولة من السيطرة على النقد الأجنبى، خصوصًا بعد انخفاض العائد الدولارى الآتى من قطاع السياحة، لذا يجب على المسئولين فى الدولة اتخاذ إجراءات، عاجلة وسريعة، لتحقيق التنمية الصناعية المرجوة، من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة، وتعميق التصنيع المحلى، ورفع جودة المنتجات، وتحفيز وتنمية الصادرات الصناعية، وتشجيع الصناعات الصغيرة، وتسهيل الإجراءات الأساسية لتهيئة المناخ العام للاستثمار، مثل توفير عناصر التكلفة بأسعار مناسبة، تسمح بزيادة القدرة التنافسية للصناعة الوطنية، والقضاء على الروتين والبيروقراطية والتهرب الضريبى.
هذه الأمور لا يمكن أن تتحقق دون حدوث إصلاح تشريعى حقيقى جاذب للاستثمار، مع خفض الفائدة على القروض ووضع استراتيجية دائمة للصناعة، لتحديد مجموعة الصناعات ذات القيمة المضافة التى تحتاجها البلاد، والعمل على تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية والخامات المحلية، والاهتمام بالصناعات الكبرى مثل صناعة «الحديد والصلب» وصناعة «الغزل والنسيج والملابس الجاهزة». فهاتان الصناعتان كانتا من أهم الصناعات المصرية التى تميزت بها بلادنا فى الماضى لدى العالم، فصناعة الحديد بمصر كان لها دور كبير فى السنوات الماضية، كما أن صناعة النسيج والملابس الجاهزة كانت لها سمعة طيبة عالميًا، إلى جانب استيعابها عمالة كثيفة، مدربة على أحدث نظم صناعة النسيج فى وقتها، فعامل النسيج المصرى عرف عالميًا بمهارته وحرفيته الكبيرة فى هذا الميدان، لذلك يجب النظر لهاتين الصناعتين فورًا وإحيائهما، ليكونا حجر الزاوية فى تقدمنا صناعيًا.
فرغم فقد مصر الكثير من قوتها فى هاتين الصناعتين، إلا أنها لا تزال لديها تلك المصانع، وإن كانت قد أغلقت فى السنوات العشر الأخيرة، ولا تزال لدينا العمالة المدربة فى هذا المضمار، ونستطيع فى فترة وجيزة (فى تقديرى لا تزيد على ستة أشهر) أن نعيد مصر إلى الطريق الصحيح من خلال هاتين الصناعتين، يساندهما فى هذه المهمة الوطنية «صناعة الجلود» التى كانت مصر أحد أهم الدول اللاعبة فى تلك الصناعة. 
الخطوات السابقة لا بد أن تتبعها إجراءات يتوجب على الحكومة اتخاذها، أهمها، وقف تصدير المواد الخام التى تحتاجها هذه الصناعات، واستغلالها بخبرتنا وتفوقنا المهارى لإعادة إحيائها، هذا بالتوازى مع وقف استيراد المنتجات الصينى منها، التى تقضى على كل شيء.
ليس هذا فحسب، فهناك صناعة أخرى يمكن للدولة أن تتجه إليها لتعضيد الصناعات السابقة، لما لديها من قدرة استيعابية فائقة لتقليص البطالة بحاجتها إلى قوة عاملة كبيرة، وموادها الخام متوفرة، وأرباحها طائلة، هذه الصناعة هى «البتروكيماويات» ولنا فيها أيضا خبرات لا يستهان بها. إن الحل الوحيد للخلاص من أزمة الدولار هو السعى لتقليل الفجوة بين الاستيراد والتصدير. فالتصدير يتعزز عن طريق تغذية المواد الزراعية والصناعية، ونحن من المفترض أننا نمتلك الاثنين معًا، لذلك يجب الإسراع فى وتيرة إحياء الصناعات الثقيلة مرة أخرى، والتى يمكن أن يكون مردودها كبيرًا فى القريب العاجل، فالصناعة عماد الاقتصاد ودواء حقيقى وفعال للبطالة والتضخم.
مصر تحتاج لمن يخطط لها، وينفذ خططه على أرض الواقع بمساعدة التشريعات والقوانين الحاسمة، والحكومة الحالية عليها دور كبير فى وضع الخطط وتنفيذها فى أسرع وقت ممكن فليس لدينا رفاهية إضاعة الوقت.