السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علي التركي يكتب: «صفقة الدخيلة».. الدور الأمريكي في الفساد «2»

علي التركي مدير تحرير
علي التركي مدير تحرير البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بالأمس تحدثنا عن دور وزير الصناعة الأسبق، ورئيس شركة حديد الدخيلة، «إبراهيم سالم محمدين»، وعن أقذر صفقات برامج الخصخصة على الإطلاق، وكيف وقع ضحية الضغوط التي مورست ضده من «عصابة جمال مبارك» وأعوانه، وانتقدنا الدور السلبي الذي لعبه خلال الأشهر الأولى من الصفقة، واليوم نتحدث عن الدور الأمريكي الغامض، الذي قد يكشف كثيرًا عن متهمين جدد في ملف الخصخصة الذي استنزف مقدرات الشعب. 

في فبراير 2006، أرسل السفير الأمريكي الأسبق في القاهرة في الفترة بين (2005 - 2008)، «فرانسيس ريتشاردوني»، برقية سرية، إلى البيت الأبيض يُشير فيها إلى أن المصالح الخاصة لنظام حسني مبارك، تشكل خطرًا على عمليات الإصلاح، والفساد ما زال يشكل عائقًا هامًا في النمو، وأصبح من الصعب السيطرة عليه. 

«ريتشاردوني»، الذي سيصبح رئيسًا للجامعة الأمريكية في القاهرة أول يوليو المقبل، أشار في برقيته إلى أن القيادات الجديدة للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في ذلك الوقت، أصبحوا مسيطرين تمامًا على كل شيء في الدولة، وأغلبهم كانوا نِتاج للتعاون المستمر بين الولايات المتحدة والقاهرة، فأصبح أغلب الشباب الذين تربوا وتعلموا السياسات الأمريكية وزراء، أمثال يوسف بطرس غالي، وأحمد المغربي، ومحمود محيي الدين.. وغيرهم. 

وفي 19 أغسطس 2011، بعد الثورة بأشهر قليلة، نشرت صحيفة «واشنطن بوست»، تقريرًا مهمًا يحمل عنوان «قضايا الفساد في مصر لها جذور أمريكية»، أوضحت فيه أن كل المتهمين في قضايا الفساد خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، هم نتاج التعاون الوثيق بين واشنطن ممثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والقاهرة ممثلة في المركز المصري للدراسات الاقتصادية. 

«التقرير» أشار إلى أن الولايات المتحدة، منحت المؤسسة البحثية المصرية - المركز المصري للدراسات الاقتصادية - هبةً قدرها 10 ملايين دولار، بشكل سري للغاية، بهدف إنتاج أبحاث تحث الحكومة على خصخصة الشركات، وإحداث تغيرات جذرية في السياسات الاقتصادية المصرية، بشكل عاجل ومباشر، وهو ما نتج عنه ما يسمى بـ«الفساد العمودي»، في المستويات العليا من الحكومة، وأثر بالسلب على موارد الدولة، وكبّدها خسائر باهظة تصل إلى 120 مليار جنيه على الأقل. 

وسردت الصحيفة، كيف أصبح أعضاء هذا المركز وزراء وسياسيين وبرلمانيين؟، وباتوا يتحكمون في مقاليد الحكم، موضحةً أن محمود محيي الدين أصبح رئيسًا لـ«الجنة الاقتصادية للحزب الحاكم» ووزيرًا في الحكومة، و«أحمد عز» أصبح مليارديرًا بفضل صفقة بيع شركة الإسكندرية للحديد والصلب، وأحمد المغربي أيضًا، وكلهم متهمين في قضايا فساد. 

«صفقة الدخيلة»، احتلت اهتمامًا خاصًا في ذلك التقرير الذي نقله أيضًا موقع «ويكيليكس»، وأشار إلى أنه تصدر الكثير من اجتماعات أجهزة الاستخبارات الأمريكية، واعتبرتها أكثر الصفقات «فجاجة»، خصوصًا أن الشركة كانت تسير بشكل جيد، وتحتاج فقط إلى بعض الاهتمام والمساندة. 

«ويكيليكس»، أكد أن سرية المنحة الأمريكية للمؤسسة البحثية المصرية، سببها يأس واشنطن؛ بسبب تباطؤ «القاهرة» في الإيفاء بوعودها، بتحرير الاقتصاد من النظام الاشتراكي الذي أنشأه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، خصوصًا أن ملف الخصخصة يتحرك بوتيرة «جليدية»، وذلك لأن الرئيس الأسبق حسني مبارك «متعلق جدًا بالسلطة»، ولديه تخوّفات من مخاطر الانزلاق ضد المعارضة الشعبية.

«واشنطن» استغلت الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت مصر مطلع التسعينيات، التي أدت إلى توقف القاهرة عن دفع ديونها الخارجية، وفشل كل خطط الجدولة، في هدم مقدرات الدولة، وهو ما نفذه بجدارة الراحل عاطف عبيد - بقصد أو غير قصد - فارتكب أكبر مذبحة اقتصادية، مستغلًا الاتفاق الذي تم توقيعه مع البنك الدولي وقتها، وسارع بمعاونة «العصابة» في إفشال عشرات الشركات وبيعها لمستثمرين جشعين، وذلك وفقًا للمخططات التي وضعها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، وأشرف عليها رجال مخلصين للسياسات الأمريكية.

وفي هذه الفترة برز اسم الملياردير الهارب «محمد طاهر حلمي»، الذي وصفته الوثائق الأمريكية بالمحامي الطموح، مشيدةً بدوره في إخراج مشروع قانون، في عام 1991، فرض به برنامج الخصخصة لأكثر من 350 شركة بقيمة 104 مليارات دولار، وسرعان ما تصدر المشهد، وأصبح المخطط الاقتصادي الأول للدولة، ويعد أحد أهم العناصر الفاعلة في «صفقة الدخيلة»، وسنتحدث عنه في الحلقة القادمة، وكيف ساعد «أحمد عز» في جني الأرباح الطائلة؟.

إجمالًا.. أردنا الإشارة إلى أن الرغبة الأمريكية في الدفع بملف الخصخصة للأمام، هي محاولة واضحة لإفساد البلاد، رغم أن القطاع العام حتى منتصف الثمانينيات كان يشارك بما يقارب من 90%، من إجمالي الناتج القومي، و65% من الإنتاج الصناعي في مصر، لكن «واشنطن» ترى حتمية التخلص من ذلك القطاع العريض بأي ثمن!!.

وسننتظر قليلا، حتى يتولى «ريتشاردوني»، منصبه كرئيسا للجامعة الأمريكية بالقاهرة في أول يوليو المقبل، لعله يفتح لنا «الصندوق الأسود».


للتواصل:

علي التركي

مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»

Ali_turkey2005@yahoo.com

 مقالات تهمك:-

«صفقة الدخيلة».. إبراهيم محمدين المُذنِب والبطل «1»

«صفقة الدخيلة».. الدور الأمريكي في الفساد «2»

«صفقة الدخيلة».. طاهر حلمي «الصندوق الأسود» «3»