رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

البرلمان السلفي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنت قد كتبت مقالًا منذ ما يزيد على العام، حول مسألة المحاولات بل المؤامرات السلفية للسيطرة على البرلمان المصرى القادم منذ تمت الإطاحة بالإخوان من المشهد السياسى المصرى، ومحاولاتهم لإعادة الإخوان مرة أخرى عبر البرلمان، وذلك بالتعاون مع بعض القوى السياسية والمعروفة بكونها طابورًا خامسًا، وكذلك مع بعض فلول الحزب الوطنى الفاسدين وبرعاية أمريكية وصهيونية، من أجل إفشال الدولة المصرية والقضاء على ما تبقى منها. و لما كانت المؤامرات هى هى، بل تزيد ولما اقتربت الانتخابات البرلمانية، وكان كثير من الناس يعيشون فى غفلة عن حقائق هذه التيارات المتسترة بالدين والسلف الصالحين، أحببت أن أعيد نشر ما كتبته مرة أخري تحت عنوان «البرلمان السلفى» لأكون قد أديت أمانة العلم وأبرأت ذمتى أمام الله والناس، وعسى أن ينفع الله به أحدًا من عباده وفيما يلى نص المقال.
منذ أن تمت الإطاحة بالإخوان المسلمين فى مشهدٍ تاريخى، وظهر ممثل الحزب السلفى فى هذا المشهد ليعلن تحولهم من منطق الحليف الإخوانى إلى منطق «الشريك المخالف».
ومنذ ذلك التاريخ وفلسفة الحزب هى: «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض»، ويعلمون تمام العلم أن الدور سيدور عليهم يومًا ما لا محالة.
ولعلمهم بذلك علم اليقين عملوا منذ ذلك التاريخ على تجنب مصير «الثور الأبيض».
صحيح أنه حصل ارتباك فى بدايات الأمر وبسبب ضبابية المشهد، إلا أنهم وبمجرد أن اتضحت الرؤية وتيقنوا أنه لا عودة للماضى البتة، راهنوا على الحصان الرابح، ولعبوا مع النظام الجديد.
وحين تمت الصفقة مع النظام أو قل الهدنة - تيقن القادة فى الحزب ومن ورائهم، قادة الدعوة أن الأمر لن يستمر طويلًا، وأن النظام الذى يحتاجهم الآن -أو قل يستغلهم- سيلقيهم فى أقرب سلة للنفايات مع أول لحظة من شعوره باستغنائه عنهم.
وعلى هذا التصور عمل القادة فى الحزب والدعوة هم أيضًا على استغلال الهدنة – أو قل الصفقة: ما شئت - من أجل إفشال مخطط الإطاحة.
فشارك الحزب فى لجنة الخمسين لإعداد الدستور، وعصروا على أنفسهم قفص ليمون - لتخرج الوثيقة خالية من المادة التى جيّش الحزب من قبل كل جيوشه للدفاع عنها وتصويرها على أنها حامية حمى الشريعة وأنها أول درجة فى سُلم تطبيق الشريعة.
ومع ذلك خرج الحزب ليعلن أن الدستور الجديد، ومن دون المادة التى ناضل من أجلها، أقربُ إلى الله وأقومُ سبيلًا وأحسنُ قيلًا وأكثر تحقيقًا للشريعة من الدستور القديم المشتمل على مادة الشريعة من وجهة نظرهم القديمة.
ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل وجابوا محافظات المحروسة ليعلنوا دعمهم للدستور الجديد عبر مؤتمرات جماهيرية ضخمة، لم يكن يعنيهم فى الحقيقة منها سوى العين الصحفية والإعلامية التى ترصدهم، ليبدوا للناس فيما يبدو لهم أن الحزب هو الداعم الأكبر أو ربما الأوحد للوثيقة الجديدة فى مصر.
وخرج بعض الطيبين ولا أقول المغفلين - من النخب الإعلامية المصرية والذين هم بالمناسبة سبب النكبة - ليمتدحوا الحزب ودعوته وقادته خالعين عليهم من الحُلل العالية السديدة والصفات الحسنة المجيدة من الوطنية تارة ومن الإصلاحية تارة أخرى ومن السلمية والتفتح وغيرها تارات أخرى.
ولكن الحقيقة التى قد لا يعلمها الكثيرون أو قد يتغافل عنها الأكثرون أن الحزب السلفى ما خرج ليدافع عن الدستور، ولا روج له ولا طار به فى الآفاق لأجل اقتناعه به ولا أجل الشريعة والدين، ولا لوجه الله كما قال رئيس الحزب بل لوجه البرلمان ولأجل عيون مجلس النواب القادم.
فإنه وبسبب الدفعة الإعلامية، والتى حصل عليها الحزب بعد ترويجه للدستور وبسبب الهجوم الإخوانى – والذى قد يكون مدبرًا ومتفقًا عليه - وبسبب الطبيعة التنظيمية للحزب، والتى لا تقل عن الإخوان أو ربما تزيد، قد نفاجأ بمفاجأة غير سارة على الإطلاق بأننا أمام برلمان سلفى، أغلبيته سلفية ورئيسه سلفى، وهو ما يدفع لمفاجأة أخرى لا تقل فى قتامتها عن سابقتها أننا أمام رئيس للحكومة من الحزب السلفى وهى الطامة الكبرى.