الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

محمد حسنين هيكل.. 4 مشاهد فارقة فى التاريخ العربى الحديث

محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أيقونة الصحافة العربية، وصحفي القرن، وواحد من أعلام الفكر والثقافة، إنه محمد حسنين هيكل الذي تحتفل الأوساط الثقافية بمئويته، بعدما أثرى الصحافة المصرية والعربية بكتاباته وتحليلاته السياسية التي تناولت فترات ممتدة من تاريخ مصر والأمة العربية، فكان شاهدا على أحداث ومحطات تاريخية هامة في التاريخ المعاصر، فضلا عن إسهاماته العديدة من خلال الكثير من المؤلفات التي تناولت العديد من الأزمات والأحداث التي مرت بها مصر ومنطقة الشرق الأوسط .

يعد هيكل ذاكرة حقيقية للوطن، فقد ترك رصيدا هائلا من المؤلفات الرصينة والقيمة التي أصبحت ذخيرة صحفية وثقافية للأجيال المقبلة، وثق من خلالها بتفرد كامل، تاريخ مصر والمنطقة، ومن بين تلك الكتب كان كتابه "أزمة العرب ومستقبلهم" الذي يتناول فيه دور العالم الخارجي في تحقيق مطامعه في الأمة العربية وكيف واجه العرب ذلك.

وذكر أن هناك أربعة مشاهد مرت على مصر كانت هي الفارقة في التاريخ العربي الحديث، وكانت البداية من عند مشروع محمد علي باشا وهو المشهد الأول، فذلك المشروع كان يقوم على بناء دولة عصرية في مصر والشام، إلا أن هذا المشروع ضُرب بواسطة تحالف  القوى الأوروبية التي لا تريد قيام دولة عربية قادرة على أن تحكم مصر والشام.

وكان المشهد الثاني، عند المشروع التنويري لعصر إسماعيل باشا في مصر حيث بدأت بشائر التعليم والعمران والاهتمام بالفنون وإنشاء الصحافة العربية الا أن هذا المشروع انتهى مع الغزو البريطاني عام 1882.

لتنتقل مصر الى المشهد الثالث وهو التجربة الشبه ليبرالية التي أعلنت عن ثورة 1919 في مصر بصرف النظر عن الظروف والملابسات.

المشروع القومي لعبدالناصر

وتختتم بالمشهد الرابع الذي يقف عند المشروع القومي للزعيم الراحل جمال عبدالناصر بعد ثورة يوليو، فيعد هذا المشروع محاولة طموحة لوضع مصر وبقية الامة العربية على مداخل عصر جديد عقب الحرب العالمية الثانية.

والملاحظ في جميع المشاهد الأربعة التي تعرضت لها مصر أنها كلها قوبلت بالقوة، حتى لا تكتمل فكان كل مشروع يقابل بقوة السلاح ففي البداية مشروع محمد علي تحالفت كل القوي الأوروبية لتعطيله وانتهى بضرب أسطول محمد علي وتمزيق جيشه الذي دفع محمد علي واضطره إلى توقيع معاهدة لندن عام 1840 فكانت الضربة بقوة السلاح.

في المرة الثانية تعرض أيضا مشروع إسماعيل باشا للعرقلة بالغزو البريطاني أيضا بقوة السلاح، وهذا ما يؤكد أن هناك مصالح وارادات خارجية تريد الإفشال لمصر لذلك تتدخل قوى مباشرة بقوة السلاح لتمنع أي تجربة من النجاح.

ويبيّن محمد حسنين هيكل أن مشروع محمد علي سار إلى الحافة الخطرة حين عجز عن التنبه أن الدولة العصرية ليست مجرد جيش، فلابد أن يكون هناك إدراك عميق لفكرة أن المجتمعات تعيد صياغة مستقبلها جيلا بعد جيل بوسيلتين أساسيتين هما التعليم والتشريع.

على الجانب الآخر، سار عصر إسماعيل باشا على الحافة الخطرة حين غاب عنه أن الحضارة لا تأتي بالاستعارة، وأن التجديد لا يأتي بالتقليد، كما أن الرقي لا تدل عليه باقة محكوم عليها بالذبول صباح اليوم الثاني، إنما دورة الرقي تربة وبذرة وريّ.

كذلك وصل مشروع عبدالناصر للمرحلة الخطرة حين تصور الزعيم الراحل أن مراحل التطوير يمكن اختصارها والقفز فوقها وهذا ما تسبب في نكسة 1967.

هذه المشاهد الأربعة التي عاشتها مصر رغم ما كان بها من جراح والم، دفع ثمنها المصريون، إلا أن نتائجها كانت أو بالمعنى الأدق دلت على أن المستقبل يولد في قلوب الناس ومن قلوبهم إلى عقولهم ثم إلى ارادتهم، وإرادة الحياة تتصدى لنزاعات القتل وتخطي مزالق الانتحار.

هذه المشاهد أضافت تعزيزات هامة لا يستهان بها، من بينها أن الأمة في كل ما عاشته من تجارب إلى العصر الحديث بداية من مشروع محمد على الى مشروع جمال عبدالناصر اكتسبت مجالات هامة في التعليم والنمو الاقتصادي والاجتماعي والفكري والاتصال بالعالم، الى جانب مواردها الإنسانية، كذلك استطاعت الامة أن تحشد معها ووراءها تحالفا دوليا وعالميا حول قتالها من حرب بالسلاح على حق يستحيل تجاهله وهذا ما أثبتته حرب أكتوبر 1973.

وأثبتت الأمة أيضا كفائتها في ميادين القتال، وهذه الكفاءة بما تعنيه من ثقة بالنفس يمكن سحبها من مواجهة العدو الى مواجهة الذات والتصالح مع الماضي والمستقبل.

ويؤكد محمد حسنين هيكل أن أزمة العرب ومستقبلهم يصعب الحديث عنها، دون فحص دور العامل الخارجي في صنعها ووضعه جنبا الى جنب مع العوامل الداخلية، فالعرب يعيشون في موقع جغرافي ومحيط حضاري، أرادت القوى الغالبة باستمرار السيطرة عليه، ثم استجد عنصر الموارد الاقتصادية، ما استوجب الإلحاح على السيطرة وصلت الى درجة القتل إذا لزم الأمر لذلك.

والجانب الآخر هو أن العرب تعاملوا مع أقدارهم على مستوى أدنى بكثير مما كان عليه في قدرتهم، والنتيجة أنهم بما فعلوه وبما لم يفعلوه وصلوا بأنفسهم الى حالة وحافة الانتحار، وأحيانا بدون لزوم.