لم يكن الطبيب "متى" الوحيد الذي لقب بـ"طبيب الغلابة" في محافظة البحيرة؛ فهناك أبطال آخرون أقسموا أن يكونوا مُحبين وداعمين للفقراء والمحتاجين؛ فالإنسانية والرحمة والمسئولية الطبية كانت أيضًا مُلازمة لأستاذ دكتور أمراض الباطنة والحميات نبيل عبد الحميد ساري والذي لا يتخطى سعر كشفه الـ 20 جنيهًا ويجري الكشف على مرضاه باستخدام جهاز السونار.
تخرج "ساري" في كلية طب جامعة الإسكندرية عام 1982؛ مُتخصصًا في أمراض الباطنة والحميات؛ ولمدة 41 عامًا عمل على تضميد جراح وآلام المرضى داخل عيادته لـ مدة 5 أيام أسبوعيًا يأتيها من الإسكندرية إلى عيادته بـ كفر الدوار بالبحيرة.
يقول ساري: "منذ أن فتحت العيادة كانت الفيزيتا بـ10 جنيهات لأكثر من 15 سنة؛ إلا أن أحد المُترددين من المرضى على العيادة أصر أن يكون الكشف 20 جنيهًا خاصة وأنه يتم بجهاز السونار؛ لافتًا إلى أن أحد المواقف العصبية من أسرة مريض دفعته للتفكير في رفع الكشف لـ 30 جنيهًا؛ وقال للسكرتيرة: أول حالة تدخل لك ثمن الكشف 30 جنيهًا؛ وبعد دقائق كانت أول حالة لرجل مسن على كرسي مُتحرك وأنا أعرف ظروفه المعيشية الصعبة جدًا فتراجعت عن قراري وعاد ثمن الكشف لـ20 جنيهًا مرة أخرى معللًا: "الشيطان حاول يرجعني عن طريق الخير".
ويسرد استشاري أمراض الباطنة والحميات أحد المواقف المؤثرة التي جعلته متمسكًا بموقفه النبيل واستكمال نهجه في دعم المرضى وتخفيف الأعباء عن كاهلهم: جاءت العيادة سيدة لإعادة الكشف عليها مرة أخرى ولا تملك الـ5 جنيهات قيمة الإعادة؛ فخرجت السيدة إلى الشارع وتسولت الـ 5 جنيهات قيمة إعادة الكشف؛ وحين دخلت غرفة الكشف قالت لي: اتفضل يا دكتور الـ5 جنيه.. مستورة الحمد لله" كلماتها كانت قاسية للغاية ولحظات أصعب. رفضت أخذ الـ 5 جنيهات قيمة الكشف وعلمتني السيدة البسيطة أن الرضا بالمقسوم أهم النعم، واعتبرتها رسالة من الله للثبات على ما أنا عليه. مختتمًا حديثه بقوله: "أنا راضي جدًا بما أفعله يكفيني الدعوة الصادقة النابعة من القلوب".
