الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

في ذكرى رحيله.. فرج فودة دفع حياته ثمنا لأفكاره الجادة

المفكر الراحل فرج
المفكر الراحل فرج فودة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تمر اليوم الخميس ذكرى اغتيال المفكر الراحل الدكتور فرج فودة، الذى تعرض طوال حياته لموجة هجوم من أنصار الجماعات المتطرفة، وصلت حدتها إلى اغتياله في الثامن من يونيو لعام 1992.

 بسبب أفكاره، دفع المفكر الراحل حياته ثمنًا لها، وخلال مؤلفاته دائما ما كان يتساءل: ما القيمة الحقيقة لأبطال مثل طه حسين وعلي عبدالرازق وسعد زغلول إذا لم يتحدثوا ويتبنوا الوعي والمعرفة؟
انتبه "فودة" لفكرة الاختيار التي تمثلت في قرار رموزنا الثقافية والسياسية الكبيرة، أمثال طه حسين و"عبدالرازق" وغيرهما أُتيح لهما أن يعيشان مثل بقية الناس، يأكلان وينامان ثم يموتان، لكنهم اختارا المواجهة بعزيمة لا تلين، وفككا مقولات تراثية أخذت ثوب الحقيقة والثبات واليقين، صنعا نهضة فكرية، فلم يكتفِ سعد زغلول الدارس للقانون أن يكتب مذكرة في الأحوال الشخصية، واختار أن يدافع عن حقوق الأمة المصرية ضد المحتل. ولم يقتصر دور "عميد الأدب" على تقييم أدب أبي العلاء المعري، بل ذهب إلى خلخلة التراث ونقده لاستبعاد الرديء والتأكد من الحسن. أيضا لم يعكف علي عبدالرازق على كتابة مذكرات أحكام القضاء الشرعي، بل تحدث عن "أصول الحكم في الإسلام".

حثَّ "فودة" نفسه على السير في طريق الأبطال، هدفه المواجهة الصادقة وفضح ألاعيب التيارات المتطرفة، دون أن ينتظر شيئًا غير التأكد من وصول الرسالة لأصحاب الرأي وأنصار المبدأ وطالبي الحقيقة، لكنه في هذا الطريق سيجد الأصوات المرتفعة التي تشاغبه، والسيوف اللامعة تهدده، ربما يخذله المؤمنون بما يقول، ومن المؤكد أن خصومه لن يتراجعوا في الهجوم عليه، هنا تتجلى مقولته الرائعة التي تُبرز ثباته وعزيمته وهي: "لا أُبالي إن كنت في جانب والجميع في جانب آخر، ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم أو لمعت سيوفهم، ولا أجزع إن خذلني من يؤمن بما أقول، ولا أفزع إن هاجمني من يفزع لما أقول، وإنما يؤرقني أشد الأرق ألا تصل هذه الرسالة".

أكد "فودة"، أن أرقه الأشد نتج عن خوفه من عدم وصول رسالته إلى جمهورها، موضحًا "أنا أخاطب أصحاب الرأي لا أرباب المصالح، وأنصار المبدأ لا محترفي المزايدة، وقُصاد الحق لا طالبي السلطان، وأنصار الحكمة لا محبي الحكم، وأتوجه إلى المستقبل قبل الحاضر وألتصق بوجدان مصر لا بأعصابها، ولا ألزم برأيي صديقا يرتبط بي، أو حزبا أشارك في تأسيسه، وحسبي وإيماني بما أكتب، وبضرورة أن أكتب ما أكتب، وبخطر أن لا أكتب ما أكتب، والله والوطن من وراء القصد".
الطريق الذي يحدده "فودة" وعر، وصعوباته كثيرة ومخيفة، فقد دفع حياته ثمنًا لهذه الرسالة، لذا حاول خلال مسيرته أن يتحدث عن خبرته التي اكتسبها من صراعه معهم، ففي كتابه "النذير" وصف فودة أنصار التيارات الإسلامية بأنهم يحملون أحقادًا دفينة لا حدود لها للمجتمع، وكراهية للحضارة، واشمئزازا من الوحدة الوطنية، وازدراء للقومية المصرية، وإنكارًا للتاريخ المصري، يرفضون المستقبل، يعشقون التدمير لسهولته، والرفض لبساطته، ويحبون سفك الدماء لأنه يتناسق مع ما تَهيأ في وجدانهم.