رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

أوليفييه دوزون يكتب: كتاب جديد.. «تاريخ منطقة الساحل منذ نشأته حتى اليوم»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

برنارد لوجان يستعرض خريطة التوترات العرقية والتنظيمات الإرهابية

برنارد لوجان عالم جغرافيا ومؤرخ ومتخصص فى تاريخ الأجناس والأعراق البشرية. على الرغم من تجنبه من قبل وسائل الإعلام السائدة وبعض المؤسسات الفرنسية، إلا أنه لا يزال، مطلوبًا ويتم دراسة أبحاثه وكتاباته من قبل العديد من الجهات بسبب خبرته الميدانية التى لا يمكن إنكارها والمعترف بها فى جميع أنحاء العالم.. وبالفعل يعد من أفضل المتخصصين فى إفريقيا.
نشر لوجان مؤخرا "تاريخ الساحل الهائل".. كتاباته، كما قلنا، تشد أى شخص مهتم بهذا الملف وغالبًا ما تكون دقيقة لأنها تستند إلى واقعية التضاريس والتاريخ والجغرافيا. وبالإضافة إلى كل ذلك نذكر أيضا مجلته "أفريقيا الحقيقية" التى يتم نشرها فقط على الإنترنت من أهم المصادر عن القارة الإفريقية.
تغطى منطقة الساحل أكثر من ٣ ملايين كيلومتر مربع، وهى عبارة عن ممر بطول ٤٠٠٠ كيلومتر يمتد من السنغال فى الغرب إلى السودان فى الشرق ولا شك أن منطقة الساحل اليوم، وهى بيئة منفتحة بشكل طبيعى، مقسمة من خلال هذه الحدود المصطنعة التى وصفها بيير جورو بسهولة بأنها "فخ بشرى" حيث تعد منطقة الساحل منطقة إلتقاء لعدة مناطق وثقافات حيث تتألف من مناطق زراعية فى الجنوب ومناطق رعوية فى الشمال، وهى فى الواقع تربط بين العالم البدوى لأفريقيا "البيضاء" (بلاد البيض) والمجتمعات المستقرة للحضارة الجنوبية لمخازن الحبوب فى إفريقيا "السوداء" (بلاد السودان) ثم تنتقل إلى الشمال، لتغرق بشكل غير محسوس فى الامتداد الصحراوى، بينما فى الجنوب، تندمج شيئًا فشيئًا فى عالم السافانا الأخضر.
منطقة الساحل هى "شقاق عرقى - عرقي" يعيش فيه الجنوبيون المستقرون والبدو الشماليون فى تنافس إقليمى منذ فجر التاريخ؛ فلقد حرر الاستعمار (الجنوبيين) من نهب (الشماليين)، ثم جمعهما معًا داخل الحدود الإدارية التى أصبحت حدودًا للدولة أثناء الاستقلال. كما أعطت "الأعداد العرقية" القوة للجنوبيين هناك لأنهم كانوا أكثر عددًا من الناحية الانتخابية من الشماليين.
ثم كان "الانتقام على سن الرمح". لكن فى مالى والنيجر وتشاد، رفضوا الانصياع للمسؤولين الجنوبيين.
كانت هذه نزاعات منطقة الساحل التى امتدت من الستينيات إلى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، ولا سيما فى مالى والنيجر وتشاد أيضًا. علاوة على ذلك، أكد هذا الوضع انقلاب ميزان القوى الناجم عن الاستعمار.
فى الواقع، مع نظام التعددية الحزبية، بدءًا من عام ١٩٩٠ وما بعده، عادت الثوابت العرقية طويلة المدى التى تم تجميدها بسبب الاستعمار إلى الظهور. وقد نتج عن ذلك تكاثر الصراعات التى ستستخدمها الجماعات الجهادية بعد ذلك.
ثم ازدهر المهربون فى جميع أنحاء منطقة الساحل: ٣٥٪ من الكوكايين فى أمريكا الجنوبية المتجه إلى أوروبا يمر عبر منطقة الساحل. فى الواقع، استقرت المنظمات الإرهابية فى المنطقة، مستغلة سهولة اختراق حدودها والتجار والإرهابيين العابرين للحدود باستخدام الهياكل القديمة التى كانت موجودة قبل الاستعمار والتى كانت تدور بين الشمال والجنوب.
 


أخيرًا، منذ العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، تدخل الجهاديون الإسلاميون الذين طُردوا من الجزائر فى اللعبة السياسية المحلية، مما تسبب فى مصفوفة "عدوى الجرح العرقى - العرقي" للنزاعات الحالية.
علاوة على ذلك، بعد عام ٢٠١١، أعطى القضاء على العقيد القذافى فرصًا جديدة للمتاجرين بالبشر والإرهابيين وخلق تعريفًا جيوسياسيًا إقليميًا جديدًا، ناهيك عن الأسلحة المسروقة من الترسانات الليبية (انفجار تهريب الأسلحة من ليبيا المضطربة) التى تزعج هذه الصراعات.
هذا الجرح من غير المرجح أن يلتئم لأن المنطقة جميلة ويطمح إليها الروس والصينيين والأتراك الذين ينجذبون إلى المواد الخام مثل اليورانيوم أو الحديد أو النفط.
على طول الطريق، لا يفشل برنارد لوجان فى الإشارة إلى أخطاء فرنسا. على هذا النحو، هناك اثنان على الأقل:
- كانت فرنسا تضفى "طابعًا أساسيًا" على مسألة الجهادية من خلال تصنيفها بشكل منهجى على أنها جهادية أى قطاع طرق مسلح أو حتى أى حامل سلاح
- كانت فرنسا تقوم بعولمة القضية بينما كان من الضرورى إضفاء الطابع الإقليمى عليها. ويمكن أن ندلل على ذلك بالقول أنها لم تكن قادرة على اغتنام الفرصة السياسية والعسكرية المتمثلة فى فصل(الدولة الإسلامية فى الصحراء الكبرى) عن (القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي)، لأن هذه الجماعات مختلفة تمامًا. من هذا المنظور، كان من الحكمة الاقتراب من الطوارق إياد أغ غالى، أى الانبثاق المحلى للفصائل الكبيرة؛ فى حين أن بول أحمدو كوفا، يناضل من أجل خلافة عابرة للأعراق. "كان يجب أن نتفق مع زعيم إيفورا هذا (إياد أغ غالي) الذى كانت لدينا فى الأصل اتصالات ومصالح مشتركة معه، والذى يدور قتاله فى المقام الأول حول الهوية قبل أن يكون إسلاميًا" بحسب ما يؤكده العديد الأفارقة.
 


وبمتابعة أكثر من ٦٠ خريطة ملونة، نجد أن كتاب "تاريخ الساحل" الذى رسمه برنارد لوجان يستحق أن يكون كتابًا مهما للغاية للخارجية الفرنسية، ولا سيما القسم المختص بشئون إفريقيا. فهذا الكتاب يخاطب بشكل خاص الجنود الذين يضعون أنفسهم فى الميدان؛ لكنهم سيقرؤون هذا الكتاب بكل التأكيد! أما بالنسبة لقادتنا السياسيين، فمن المؤسف أنهم ما زالوا مثل هؤلاء الطلاب السيئين.

معلومات عن الكاتب 
أوليفييه دوزون..مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى.. من أهم مؤلفاته" القرصنة البحرية اليوم"، و"ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟"، و"الهند تواجه مصيرها".. يقدم لنا صورة بانورامية لمنطقة الساحل الأفريقيى من خلال استعراضه لأهم ما جاء فى الكتاب الجديد للخبير بتلك المنطقة برنارد لوجان.
 لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:
https://www.ledialogue.fr/