الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فضيحة النهضة وشركات الضغط الأمريكية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كثر الحديث خلال الساعات الماضية في الشارع التونسي ووسائل الإعلام عن فضيحة النهضة وإبرامها لعقد يوم 29 يوليو مع شركة ضغط "لوبيينج" تنشط في الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على الرئيس قيس سعيد للتراجع عن قراراته، وفقا لما كشف عنه العقد المنشور في موقع وزارة العدل الأمريكية، وهذا ليس العقد الأول من نوعه، حيث تؤكد عقود سابقة نشرت بين 2014 و2019 أن الإخوان يستخدمون جماعات الضغط  مقابل آلاف الدولارات للتأثير في السياسة الأمريكية لتلميع صورتهم وكافة أنشطتهم المشبوهة والاستقواء على وطنهم وشعبهم. 

وقد سبق أن تضمن عقدان نشرتهما وزارة العدل الأمريكية خلال الانتخابات التونسية عام 2019 خدمات طلبتها حركة النهضة من شركة "بي.سي.دبليو"، التي تعرف نفسها عبر موقعها بأنها شركة مختصة بالعلاقات العامة والتسويق مقرها واشنطن. وقد دفعت النهضة آنذاك ما قيمته 112.500 دولار لفائدة تلك الشركة لتحديد قائمة من الشخصيات في الإدارة الأمريكية وترتيب لقاءات لهم مع إخوان تونس؛ وضمت القائمة جاسون بونتين مدير شؤون أوروبا والشرق الأوسط في مكتب التمثيل الأمريكي للتجارة (يتبع مكتب الرئيس الأمريكي)، وروبرت فيرويذر نائب المدير المساعد للشؤون الدولية في مكتب الإدارة والميزانية الأمريكية، إضافة لمايكل بيل وهو المستشار السابق للرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط.

كما سبق وأبرمت النهضة عقدا مع شركة ضغط تسمّى "بورسن مارستالر"، المتخصّصة في الاتصال والعلاقات العامة، وبلغت قيمة العقد 285 ألف دولار في 2014، ويهدف إلى تحسين صورتها والقيام باتصالات مع مسؤولين أمريكيين. 

ورغم صدور بيان للنهضة ينكر كالعادة صلته بالعقد، لكن مفتاح العقد الجديد والعقود السابقة والعنصر المشترك فيها يتمثل في شخصية سيدة مقيمة في لندن من أصل باكستاني وتدعى افهات سميث أو عفت شاهين سميث.

الوثيقة المنشورة على صفحة وزارة العدل الأمريكية تحتوي على توقيعات ثلاثة أشخاص بتاريخ 28 و29 يوليو 2021، أي بعد ثلاث أيام فقط من قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة والإشراف على النيابة العامة والتي استجاب فيها لحراك الشارع التونسي الذي لفظ الإخوان بلا رجعة بعد أن تردت أوضاعهم بشكل غير مسبوق.

الشخصية الأولى هي السيدة افهات سميث بصفتها الممثلة القانونية ومديرة حزب النهضة وعنوانها في لندن. وقد كتب في العقد أن مقر الحزب في تونس. وتم التأكيد مجددا في الصفحة الثانية من العقد على أن المستفيد من الخدمات هو حزب النهضة التونسي... يعني لا مجال للكذب والإنكار!

و في آخر صفحة من العقد يوجد إمضاء ممثلته الرسمية إيفهات سميث يوم 29 يوليو. كما تم تسجيل العقد باسم "حزب حركة النهضة" والمفروض أن عنوان مقره في تونس، ولكن المفاجأة أن عنوان المقر في العقد هو لندن، وبالتحديد 55: شارع كريانستون، برج ماربل آرتش،  لندن، (W1H7AA ).

ومن المعروف أن الوثائق وعناوين المراسلة الرسمية تتثبت منها وزارة العدل الأمريكية قبل أت تتولى تسجيل العقد ووضعه في موقعها الرسمي. لذلك لا مجال للنهضة لترويج المغالطات مجددا!

ويشير العقد إلى الطرف الثاني وهو السيدة شارون بلكام، مديرة Burson Marsteller التي اندمجت مع Cohn & Wolfe لإنشاء Burson Cohn & Wolfe، وأصبح اسمها مختصرا "بي.سي.دبليو"(BCW). وهي متخصصة في التمويل وإنفاذ العقود. أما الطرف الثالث في العقد فهو السيدة شيلا مانيام، نائب الرئيس الأول في "بي.سي.دبليو". وهي متخصصة في الشؤون العامة والدبلوماسية والاتصالات وإدارة الأزمات. 

وبالبحث والتقصي عن افهات سميث عند كتابة هذا المقال لمعرفة نوعية ارتباطها الرسمي بالنهضة، ظهر اسمها مكررا في وسائل الإعلام البريطانية بعد قضية تمييز ضد ابنها في المدرسة. وتم نشر هذه القضية بشكل خاص من قبل جريدة الجارديان عام 2019. كما ذكر روبن سيمكوكس، المتخصص في قضايا الإرهاب والأمن القومي، القضية الخاصة بابنها في مقال نُشر في مؤسسة التراث. وأشار فيه إلى السيدة افهات سميث بصفتها مديرة مكتب لندن لحزب النهضة التونسي. كما لوحظ أن السيدة سميث أعادت نشر تغريدات على تويتر عن تونس بعد احتجاجات 25 يوليو ضد الإخوان وهي تغريدات لابنة الغنوشي "انتصار". 

وظهر اسم افهات سميث في عقود أخرى مع نفس الشركة منذ عام 2014 نشرتها وزارة العدل الأمريكية. وقد رفعت دعوى قضائية ضد صحيفة صنداي تلغراف بتهمة التشهير وأخذت حكما لصالحها عام 2016. ودفعت لها الصحيفة تعويضات ونشرت اعتذارًا في صفحاتها. ومن الملاحظ أن مكتب المحاماة الذي دافع عن السيدة سميث في هذه القضية يسمى كارتر روك في لندن ومن بين عملاء هذا المكتب القانوني دولة قطر وراشد الغنوشي. 

هذه المعلومات المتفرقة تدل على شبكة عنكبوتية تتورط فيها قيادات إخوان تونس وعلى رأسهم الغنوشي ويديرون غسيل السمعة وأنشطتهم المشبوهة واستدعاء التدخل الأجنبي في شؤون بلدهم. وكل تلك الجرائم ينتظر التونسيون حاليا التحقيقات بشأنها من قبل النيابة العامة !

olfa@aucegypt.edu