الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بين السطور..الأسوأ جاء وذهب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قد يتحدث البعض من خلال متابعته للتاريخ عن أن الحرب العالمية الثانية التي بدأت عام ١٩٣٩ وانتهت في ١٩٤٥ هي الأسوأ في تاريخ البشرية بعد أن حصدت ٦٠ مليون شخص، وقد يتصور آخرون أن الأنفلونزا الإسبانية التي قضت على حياة ١٠٠ مليون عام ١٩١٨ هي الأسوأ، وقد يظن ثالث أن عام ١٣٤٧ يمثل الطامة الكبرى للإنسانية عندما حصد الطاعون الأسود أرواح مائتي مليون إنسان حول العالم.. وقد يأتي متشائما يعيش معنا في ٢٠٢٠ ويتصور أن عام كورونا هو الأسوأ على مر التاريخ وهذا نقول له: العام الذي كاد أن يفني البشرية تماما كان عام ٥٣٦ ميلادية وهو العام العاشر من حكم الإمبراطور البيزنطي جستيان العظيم.. فقد شهد يوما صيفيا عاديا والناس ينتظرون موسم الحصاد فجأة ظهرت أشعة رمادية حجبت معها ضوء الشمس وتحول النهار إلى ظلام دامس وبدأت درجات الحرارة في الانخفاض وأعقبها انهمار شديد للأمطار والناس في ذهول مما يحدث، واستمر الأمر على هذا الحال، وتحولت أراضي الإمبراطورية البيزنطية إلى ثلوج غطتها بالكامل حتى وصلت إلى الصين والأسوأ من ذلك شهدته القارتين الأمريكتين عندما تدمرت المحاصيل، ولم يبق ما يأكله الناس الذين دخلوا في مجاعة حقيقية.
ولكي تزداد الأمور سوءا تجمدت الأنهار أيضا ومناطق شاسعة غطاها الجليد وغاب الماء والطعام وأصبح ليس هناك شيء يساعد على البقاء.
وفي أمريكا الجنوبية كانت هناك حضارة تدعي الموتشي قد اندثرت ولم يتبق منها سوى بعض الآثار التي تتحدث عنها.
وبما أن المصائب لا تأتي فرادي في مرات كثيرة فبعد الصقيع والأمطار التي استمرت لسنوات ضرب الطاعون أوروبا والشرق الأوسط وهو الذي أطلق عليه طاعون جيستيان نسبة إلى الإمبراطور الذي وقع في عهده وحصد الملايين من الأرواح.
وحسب الأبحاث التي أجرتها جامعة هارفارد الأمريكية فقد قال مايكل ماكروميك مؤرخ حقبة القرون الوسطى.. إن انفجارات بركانية ضخمة سبقت عام الهلاك حدثت في القطب الجنوبي من الأرض تمكن رمادها المنتشر من حجب ضوء الشمس مما مهد لانخفاض درجات الحرارة وانقلاب الطقس الذي مهد لهذه الكارثة.
والأسوأ في تلك الحقبة أن الإنفجارات البركانية لم تتوقف لفترات طويلة مما أطال عمر الأزمة وجعل الأرض تعاني لمدة مائة عام.
لكن دائما رحمة الله أوسع مما يظن البعض وبمن فيهم بعض أهل العلم حيث دخلت الأرض في ركود كبير بعد السنوات الفظيعة تلك واستقر الأمر مما ساعد على الارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة والذي أذاب الجليد وعادت الأنهار تجري من جديد وبدأ الرماد بالانقشاع واستقرت معادن كثيرة في الأرض كانت مختلطة بالجليد سوف يستفيد منها الإنسان.. وشيئا فشيئا بدأت النباتات تعود للنمو من جديد.
وكما يذكر المؤرخون فإن سنوات من الازدهار والانتعاش عاشها البشر بعد الدمار العظيم الأمر الذي يؤكد حقيقة ثابتة وراسخة عبر التاريخ مفادها أن كوكبنا قادر على النهوض دائما بعد كارثة تصيبه الأمر الذي يعطي للإنسان أن الحياة سوف تستمر وتتأرجح دائما بين ازدهار وركود حتى يشاء الله سبحانه وتعالى.
والله من وراء القصد.