الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كن نملة ولا تكن فيلا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أكبر منصة للتضليل ونشر الشائعات، وتداول التفاهات!! ولكن رغم ذلك استطاع البعض تحويل صفحاتهم إلى منابر علمية وأدبية، تجتذب عشرات الآلاف من المتابعين، وربما تكون أكثر قراءة من العديد من الصحف المنشورة!!.. أحد هؤلاء هو العالم الطبيب الدكتور أسامة شوقى، أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة القاهرة، والذى يتمتع بأسلوب أدبى وثقافات متنوعة.. ورغم أنه من أهم علماء المناظير في مجاله، واخترع أدوات جراحية جعلت اسمه محفورًا في الكتب الطبية العالمية، وله نشاطات علمية وطبية حول العالم، إلا أنه يولى اهتماما خاصا بنشر الثقافة من خلال صفحته على فيس بوك، سواء من خلال عرضه أهم الكتب التى يقرأها بأسلوب شيق وجذاب، أو بالتعريف بالشخصيات المهمة في الماضى والحاضر، أو بكتاباته المبهجة التى تنشر التفاؤل والطاقة الإيجابية، وتحث البشر على العمل وتغيير حياتهم للأفضل.. وقد كتب مؤخرا: «٩٩٪ من البشر لا يعلمون أن باستطاعتهم تحقيق أكثر بمراحل مما ينجزون..عموم البشر يظنون أن هذا هو أقصى ما يستطيعون وآخر طاقتهم.. فلسنوات طويلة اعتقد رياضيو ألعاب القوى أنه من المستحيل للإنسان أن يركض مسافة الميل في أربع دقائق.. كان الفائز بالميدالية الذهبية دائما يحقق نهاية سباق الميل في أربع دقائق وعدة ثوان.. فاعتقد الناس أن هذا هو أقصى قدرة بشرية ولا يمكن كسرها.. حتى جاء العداء الإنجليزي روجر بانستر الذى اعتقد أنه من الممكن أن يركض بشكل أسرع، وبذل عدة أشهر من الجهد لتغيير نمط جريه حتى يصل إلى هدفه.. وفى عام 1954م أصبح (روجر بانستر) أول رجل يفوز بسباق الميل في أقل من أربع دقائق.. المذهل في الأمر أن اعتقاده بقدرته على النجاح ساهم في تغيير سلوك الآخرين.. فقد استطاع العدائون في العالم أيضا إنجاز الميل في أقل من أربع دقائق.. رغم أن هؤلاء العدائين لم يغيروا كثيرا في نمط جريهم كما غير بانستر، إن التغيير كان في تفكيرهم حيث اعتقدوا أنه من الممكن الركض بهذه السرعة، وتغيير سلوكهم بتغير أفكارهم.. وقد استوقفنى ذات مرة منظر الفيل مربوطا بسلسلة ضعيفة..ورأيته يقف ساكنا خنوعا مستسلما لذلك القيد الضعيف.. وفجأة استوقفتنى فكرة حيرتنى وهى حقيقة أن هذه المخلوقات الضخمة قد تم تقييدها بواسطة حبل صغير يلف حول قدم الفيل الأمامية، فليس هناك سلاسل ضخمة ولا أقفاص!.. كان من الملاحظ جدًا أن الفيل يستطيع وببساطة أن يتحرر من قيده في أى وقت يشاء، لكنه لسبب ما لا يقدم على ذلك!..شاهدت حارس الفيل بالقرب منه وسألته: لم تقف هذه الحيوانات الضخمة مكانها ولا تقوم بأى محاولة لكسر القيد والانطلاق للحرية؟؟.. أجاب المدرب ضاحكا: حينما كانت هذه الحيوانات الضخمة حديثة الولادة وكانت أصغر بكثير مما هى عليه الآن، كنا نستخدم لها نفس حجم القيد الحالى لنربطها به، وكانت هذه القيود- في ذلك العمر- كافية لتقييدها، وتكبر هذه الحيوانات معتقدة أنها لا تزال غير قادرة على فك القيود والتحرر منها، بل تظل على اعتقاد أن الحبل لا يزال يقيدها، ولذلك هى لا تحاول أبدًا أن تتحرر منه.. كنت مندهشًا جدًا، هذه الحيوانات- التى تملك القوة لرفع أوزان هائلة- تستطيع وببساطة أن تتحرر من قيودها، لكنها اعتقدت أنها لن تستطيع، فعلقت مكانها حبيسة ذليلة.. كحيوان الفيل، الكثير منا أيضًا يمضون في الحياة معلقين بقناعة مفادها أننا لا نستطيع أن ننجز، أو نغير شيئًا وذلك ببساطة لأننا نعتقد أننا عاجزون عن ذلك، أو أننا حاولنا ذات يوم ولم نفلح.. فكر جيدا وأنظر لحالك.. ابحث عن ذلك القيد الوهمى وحطمه.. حطمه في الواقع وحطمه في عقلك.. بعدئذ انطلق إلى آفاق حرية تحقيق أمنياتك وأحلامك.. وقد تعمقت في مراقبة مجموعة من النمل وتصرفاتها، شدنى ذهول عجيب واكتشفت حقائق مذهلة.. رأيت مجموعة من النمل تحلق حول فتات خبز منثور على الأرض.. رأيت نملة تحاور وتدور لالتقاط ورفع (فرفوتة) خبز.. أذهلنى أن وزن تلك (الفرفوتة) يماثل على الأقل ١٠ أضعاف وزن النملة!.. المذهل أكثر أننى نظرت بتركيز إلى جسم وعضلات النملة..المفاجأة.. أنها ليس لها عضلات بل سيقان مثل الشعرة!.. تعجبت للإنسان وضعفه وكسله مقارنة بالنملة!.. الإنسان ذو العضلات والقوام، لا يقوى أبدا على رفع ضعف وزنه!.. إذن ما الفرق بين النملة والإنسان؟.. النملة ليس لديها عضلات ولكن لديها مخ.. عقل.. عقلها هو مصدر قوتها وعزيمتها.. ما أذهلنى أكثر هو تصرف زحام النمل حول فتات الخبز!.. أبدا لا يتعاركون.. لم يتخاطفوا ويجروا، بل بالعكس.. تعاون وهارمونى ودقة نظام في التعاون والمشاركة لحمل الغذاء وتخزينه..تعجبت للبشر.. يتقاتلون.. يتصارعون.. يخطفون الرزق من بعضهم البعض!.. أعدت التفكير مرة أخرى، وتيقنت أن الإنسان رغم كل تطوره وتمدنه، لم يصل إلى مستوى مخ النملة!»..هذه الكلمات الرائعة التى يحاول أن يحفز بها دكتور/أسامة أصدقاءه وطلابه ومتابعيه، تدفعنا للتفكير والتغيير، والبحث داخل أنفسنا عما نتمتع به من قدرات دون أن ندرك، وقد تحمست لنشرها، لعلها تصل إلى عدد أكبر من القراء، وتدفعنا للعمل الجاد الذى يجعلنا نطور أنفسنا وواقعنا إلى الأفضل.