الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

اقرأ.. مراسلات الجهاز السري في ثورة الوحدة الوطنية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تكشف مذاكرات عبدالقادر محمد شحاتة، أحد أعضاء الجهاز السرى لثورة ١٩، وهو صاحب المهام الخطيرة فى الصعيد وتوزيع المنشورات فى المنيا، وإشعال الثورة فيها، وهو الذى حكم عليه الاحتلال البريطانى بالإعدام رميًا بالرصاص، عن لقائه دولت فهمى بعد أن قام بإلقاء قنبلة بداخل سيارة محمد شفيق باشا، وزير الأشغال وقتها.
يقول: «ومشيت فى طريقى شخصًا عاديًا حتى وصلت إلى شارع النزهة، ثم لاحظت أن هناك من يتبعنى عن بعد، وأسرعت ومعى صديقى عباس حلمى الذى كان ينتظرنى فى شارع النزهة، ووجدنا مدرسة بنات قبطية، فدخلناها، وشعرنا بأن البوليس يحيط بالمدرسة، وإذا بناظرة المدرسة تطلب منى المسدس، وتخفيه! ووصل الحكمدار رسل باشا وإنجرام بك وفتشانى، فلم يجدا شيئًا! ولست أعرف اسم هذه الناظرة التى أظهرت هذه الشجاعة العجيبة فى هذه الظروف!
وقبض علّى، ووضعت فى السجن، وتعرف على محمد شفيق، باشا ووزير الأشغال، حين سرى باشا، الذى كان مديرًا لمكتبه، وبدأ التحقيق فقلت: «إننى الذى ألقيت القنبلة لقتل محمد شفيق باشا لأنه قبل منصب وزير الأشغال بعد استقالة إسماعيل سرى باشا، بعد أن رفض أى مصرى أن يقبل هذا المنصب»، وكانت السلطة العسكرية البريطانية تريد إثبات أن الحادث هو مؤامرة كبيرة، وتبحث عن الشركاء، وتحاول أن تعرف من هم قواد الجهاز السري!
وإذا بى أتلقى داخل السجن رسالة من الجهاز السرى من خارج السجن، بأن سيدة اسمها «دولت فهمي»، ناظرة مدرسة الهلال الأحمر سابقًا، ستتقدم للشهادة وتقول إنى كنت فى تلك الأيام أبيت عندها! وأنه يجب أن أعترف بهذا، رغم أن هذا يسىء إلى سمعتى، وإلى سمعتها، لكنها قبلت أن تقوم بهذه التضحية!
واستدعانى النائب العام توفيق رفعت باشا للتحقيق من جديد ليسألنى أين كنت أبيت؟ وكانوا يتصورون أن هذا السؤال هو الخيط الذى سيوصلنى إلى الجهاز كله! فقلت وأنا أظهر الخجل: «إننى كنت أبيت عند السيدة دولت فهمى ناظرة مدرسة الهلال الأحمر سابقًا».
وأصدر النائب العام على الفور أمرًا بالقبض على دولت فهمى، فذهب إليها اللواء رسل باشا الحكمدار وإنجرام بك وكيل الحكمدار وقبضا عليها، وجاءت النيابة مكبلة بالحديد، ودخلت سيدة حسناء إلى غرفة النائب العام، وإذا بدولت هذه تهجم عليّ، وتقبلنى، وتناديني: «يا حبيبي! يا حبيبي!» واعترفت دولت فهمى هذه بأننى أبيت فى بيتها، وأننى عشيقها!».
وذهل النائب العام، والحكمدار، ووكيل الحكمدار!، وحاول الإنجليز أن يغروا السيدة بأن تمتنع عن هذه الشهادة، وتقرر عدم معرفتى، فرفضت رفضًا باتًا،ـ رغم جميع التهديدات التى هددوها بها!، وفلشت السلطات العسكرية البريطانية مرة أخرى فى معرفة الجهاز السري! وحكمت المحكمة العسكرية البريطانية العليا عليّ، وعلى صديقى عباس خلمى بالإعدام شنقًا! ومكثت أرتدى البذلة الحمراء، بذلة المحكوم عليهم بالإعدام، ٢١ يومًا! وفى اليوم الثانى والعشرين استدعانى القائد الحاكم للجيوش البريطانية فى مصر، وابلغنى الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة طول الحياة!، وكان عمرى يومها ٢١ سنة، وأمضيت فى سجن طرة ٤ سنوات، أكسر الأحجار، إلى أن أفرج عنى سعد زغلول فى ١١ فبراير ١٩٢٥.
ولم أرَ السيدة دولت فهمى، منذ أن قبلتنى فى غرفة النائب العام، فى شهر فبراير ١٩٢٠، وبحثت عنها فى كل مكان! وسألت عنها زعماء الجهاز السرى، فطلبوا منى ألا أسأل عنها!.