رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حرب الإرهاب والشائعات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوم الأحد الماضى وأثناء قيام الرئيس السيسى بتدشين قاعدة شرق القناة لمكافحة الإرهاب فى سيناء وهى صرح عسكرى كبير، أتمنى أن يأتى وقت ويعرف المصريون أهميتها، طلب الفريق محمد فريد رئيس الأركان مد مهلة القضاء على الإرهاب قليلا، حيث حدث قبل نحو ثلاثة شهور أن طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى منه أن يقضى على الإرهاب فى سيناء خلال ثلاثة شهور، وقد وافق الرئيس على مطلب رئيس الأركان المنطقى جدًا والطبيعى. وقد لاحظت أن الكلام فى هذا اليوم كان مختلفًا وأننا نتعامل مع عدو وخصم شرس، ليس فقط على المستوى الفكرى ــ حيث يكفر الجميع ــ ولكن لأنه أيضا ينفذ عمليات غاية فى الإجرام والوحشية، ويتلقى دعما خارجيا متواصلا وضخما، سواء على مستوى السلاح أو التمويل أو التخطيط أو الترويج الإعلامى، كان من الواضح أن اللغة السائدة هى التعامل بجدية مع التهديد الإرهابى، والحمد لله فقد اختفت النبرة التى شاعت فى بعض وسائل الإعلام لفترة طويلة، وهى أن الإرهابيين مجرد شرذمة صغيرة، سوف يتم القضاء عليها خلال أسبوع أو شهر أو بضعة أشهر، فمن المعلوم أن أحد أهم الأسباب للقضاء على الإرهاب أن نشخصه جيدًا وأن نعرف حقيقة قوة الإرهابيين، بحيث لا نهون أو نهول منها. ولكن ما الذى حدث خلال تلك الثلاثة أشهر؟ من المهم فهم الظروف التى تحدث فيها الرئيس يوم الاحتفال بالمولد النبوى، وأعطى خلالها رئيس الأركان مهلة الشهور الثلاثة للقضاء على الإرهابيين، نتذكر وقتها كانت المشاعر جياشة ومنفعلة بسبب المجزرة الإرهابية الأكبر على الإطلاق بمسجد الروضة واستشهاد أكثر من ٣٠٠ شخص كانوا يؤدون صلاة الجمعة فى المسجد، أما اليوم ونحن نتحدث بلغة العقل، وبعد دراسة كل الأسباب والظروف وامتلاك أكبر قدر من المعلومات عن الإرهابيين، حتى يمكن القضاء عليهم، وفى ذات الوقت فإنه معلوم للجميع أن القضاء على الإرهاب عملية مركبة ومعقدة وتحتاج وقتا وجهدا ومالا، والأهم تعاونا حقيقيا بين المتضررين منه، خصوصا البلدان العربية، تخيلوا لو أن مصر قضت على كل الإرهابيين فى الداخل، لكنهم ظلوا يتحركون بكل حرية فى سوريا أو اليمن أو ليبيا، فى هذ الحالة فسوف نظل متأثرين بتحركاتهم بسبب تقدم التكنولوجيا ووجود دعم خارجى لهم، وبالتالى علينا الإدراك أن هناك سياقًا عامًا فى المنطقة والإقليم والعالم، صار يتحكم فى تصعيد أو تخفيض وتيرة العنف والإرهاب، ومن لا يصدق عليه قراءة التفاصيل والمناورات بشأن ما يحدث فى الغوطة الشرقية لدمشق. إضافة إلى آثار الإصلاح الاقتصادى الصعبة التى نمر بها وتداعياتها على ملايين المصريين، فسوف ندرك أن القضاء على الإرهاب، يحتاج نفسا طويلا وصبرا عظيما، وقبل كل ذلك جبهة داخلية قوية حتى تستطيع التصدى لكل أنواع الإشاعات التى تستهدف بث الإحباط بين نفوس المواطنين، فبعدما شاهدنا واستمعنا للشروح التفصيلية لما حدث خلال ١٥ يوما من القتال الضارى ضد بؤر ومواقع الإرهاب ومخابئه ومخازن سلاحه ومراكز اتصالاته- وهو الشرح الذى رفع معنويات المواطن المصرى وجعله يشعر بالثقة بأن أمنه وأمن الوطن فى أيد أمينة، وأن هذا الشعب وهذا الجيش لديهم القدرة على حماية مشروع الدولة الوطنية من السقوط، لا قدر الله- سمعنا الرئيس وهو يشدد على ضرورة استثمار ٢٧٠ مليار جنيه فى خلال حد أقصى ٤ سنوات لتنمية وإعمار جنوبى وشمالى سيناء، وجعلها نموذجًا عالميًا للتنمية والسياحة. فهل يعقل بعد ذلك أن يتآمر مع أمريكا وإسرائيل للتفريط فى أراضٍ من سيناء لتحقيق صفقة القرن المشبوهة؟ هل الجيش الذى يقاتل فيه أكثر من ٥٤ ألف ضابط وجندى فى معركة مواجهة الإرهاب من جميع الأسلحة فى حرب ضروس لمكافحة الإرهاب يمكن أن يفرط فى الأرض التى يقاتل من أجلها؟ وإذا كانوا طرفًا فى مؤامرة لبيعها فلماذا ينفق عليها ويقاتلون من أجل حمايتها؟ مرة أخرى الإرهاب فى مصر ليس سهلا، والقضاء عليه ليس مستحيلا، لكن المهم أن تكون الاستراتيجية واضحة ومرنة فى مقاومته.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها