رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الشباب بين سياسة بلا برامج وبرامج بلا سياسة! «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظهرت -خلال حكم عبدالناصر- فكرة إنشاء المجلس الأعلى للشباب تحت إشراف كمال الدين حسين وتولى أمانته (النقيب عادل طاهر) الوزير فيما بعد، ولا يدهش أحد حين يعلم أن المسئول عن ملف الشباب فى الحكومة كان جزءًا من وزارة الشئون الاجتماعية، وتم توزيع كيكة الشباب، فالجامعات أصبح فيها إدارة لرعاية الشباب والشئون الاجتماعية وملف التربية العسكرية أسند إلى اللواء عبدالفتاح فؤاد السفير، وظلت هيئة التحرير تحاول استقطاب الشباب بدعوة رجال الثورة لعقد لقاءات معهم، وأذكر الشباب بدعوة رجال الثورة لعقد لقاءات معهم، وأذكر أننى تلقيت دعوة لحضور مؤتمر الشباب فى مقر المنظمة ٩٠ طريق الحرية، والدعوة كانت من الأستاذ شوقى عبدالناصر نقلها إلى الأستاذ الفاضل محمد محمود كامل مراقب عام المنظمة، وحضرت اللقاء الذى أفهمونى أن الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الوزراء سوف يجرى حوارًا مع عدد من الشباب، وفوجئت بحضور الصاغ صلاح سالم وزير الإرشاد القومى، ودار الحوار واستمر تقريبًا حتى منتصف الليل، وأذاع يومها سرًا لم يكن يعرفه حينما أبلغنا بتفاصيل خطة خطف الضابط البريطانى «ريجدن» من الإسماعيلية، والتى هددت بريطانيا بضرب الإسماعيلية فى حالة عدم ظهور الضابط المختطف وعرض الوقائع بأسلوب جذاب ودخل الشباب مرحلة الاتحاد القومى وساهم فى إشعال نار المقاومة الشعبية، وتمت تصفية الاتحاد القومى بقيام الاتحاد الاشتراكى وتفرق دم الشباب بين القبائل كما يقولون، على صبرى اختار حسين كامل بهاء الدين أمينًا للشباب، والدكتور مفيد شهاب أمينًا مساعدًا، وقوى أخرى اختارت اللواء أنور بهاء الدين أمينًا للشباب، فأصبح هناك أمينان للشباب، واستطاع الدكتور حسين كامل بهاء الدين أن يكسب المعركة ونقل أنور بهاء الدين ليصبح رئيسًا لمؤسسة الثروة السمكية، ودخل على الخط فى هذه المنافسة السيد زكريا محيى الدين، نائب رئيس الجمهورية وكلف اللواء عبدالحميد الصغير ليكون ضابط الاتصال، لكن دهاء حسين كامل بهاء الدين أقوى، وبدأت منظمة الشباب الاشتراكى بناءها وهى قصة يطول شرحها، لكن أهم ضربة حققتها، عقد مؤتمر المبعوثين بالإسكندرية برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر بمدرج كلية الحقوق فى حضور قيادات منها الدكتور محمود شريف، والدكتور عبدالأحد جمال الدين، وغيرهما من الكوادر صاحبة الرؤية السياسية المستنيرة، بل إن الرئيس عبدالناصر اختص هذا المؤتمر بالإعلان عن تكوين الجهاز السياسى (التنظيم الطليعي) الوارد فى الميثاق الوطنى وهى نقطة تحول فى العمل السياسى أى إنها كانت بداية ارتباط السياسة بالبرامج، لكن لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن، والأمانة تقتضى أن نذكر أن هذه التجربة الخصبة لم تنل حقها من التحليل.
جاء عهد السادات الذى أهمل ملف الشباب تمامًا سوى فى لقاءات أواخر عهده رغم أن الشباب المثقف المجند كانوا العمود الفقرى فى نصر أكتوبر حيث امتلأت الخنادق بزهور شباب مصر، ومع ذلك كان الملف فى آخر أجندة الاجتماعات الرئاسية واختار لهذا الملف من خلال الاتحاد الاشتراكى شخصيات محدثة منها الدكتور محمود شريف، والدكتور أحمد مرسى أستاذ الفنون الشعبية بجامعة القاهرة والذى حاول تقريب الرئيس السادات مع الشباب فكان يعقد لقاءً أسبوعيًا فى استراحة المعمورة بالاتفاق مع كمال الشاذلى أمين التنظيم، وكانت تجربة حوارية ناجحة لكنها لم تجد آلية لتفعيل تداعيات الحوار، وخسرت التجربة، وخسر الشباب، ويمكن تلخيص موقف الرئيس السادات أنه يعالج هذا الملف الشبابى بمجرد الحوار، فلم توجد سياسة أو يوجد برنامج، وأطرف شىء أنه اختار الدكتور محمد صبحى عبدالحكيم أمينًا للشباب، وهو ما عرض الدكتور صبحى عبد الحكيم للانتقاد لكنه تميز بخفة الدم والذكاء الحاد فكان يشير إلى شعره الأبيض قائلًا: «أنا لست أمينًا للشباب.. لكننى أمينًا لشئون الشباب وهناك فرق بين المفهومين».
ولقاءات الشباب الأربعة آخرها لقاء شرم الشيخ كشف أن القاعدة العريضة للشباب.. شباب ثورى.. سياسى.. واستطاع أن يشكل لوبى يجيد واستطاعت القيادة السياسية أن تعرض كل تفاصيل السياسة المصرية أمامهم من خلال حقائق مجردة، فليس هناك سر على هؤلاء باعتبارهم حائط الصد.
وفى عهد الرئيس حسنى مبارك كانت الرؤية للشباب من خلال كرة القدم والبطولات سواء كأس العالم أو البطولات الإفريقية، أو بطولة العالم العسكرية، وربما تكون هناك محاولات جادة قام بها الدكتور عبدالمنعم عمارة بفكرة شباب «حورس» ولكن هذه المباردة تعرضت للفشل نتيجة الخلافات بين رئيس الوزراء وقتها الدكتور كمال الجنزورى وبين الدكتور عبدالمنعم عمارة، أما غير ذلك فإن أدق وصف لحالة مراكز الشباب سجلها فيلم «التجربة الدنماركية» للزعيم عادل أمام.. فكان هذا أصدق تعبير عن حالة الشباب الحارس اليقظ للدولة ضد خطر الإرهاب وهدم الحضارات.. لا يوجد بعد اليوم تغييب للشباب عن قضايا وطنه حتى لا تكون السطحية هى رائدة التصدى للتحديات لكن من خلال وعى عميق وحضور فاعل وإدراك مسئول بعيدًا عن سياسة الاستقطاب والهدف هو تحقيق التماسك فى الأداء كنغمة متناغمة باستثناء المتأسلمون ولن نلجأ إلى التخوين أو التهوين أو الآراء المرسلة، نريد جيلًا ثوريًا سياسيًا يفكر ويشارك فى صياغة الحلول بعمل ثورى حقيقى بحيث نجتاز المرحلة ولا يتأرجح فيها الشباب بين سياسة بلا برامج.. أو برامج بلا سياسة.. أو لا برامج ولا سياسة لأن هذا وحدة طريق التقدم وبدونه قولوا على المستقبل السلام.