الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"بشتري راجل".. عنوان صادم.. لرسائل هادفة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قد يكون عنوان الفيلم نفسه «بشترى راجل» وراء الإقبال الجماهيرى الكبير له، وقد تكون قصة الفيلم، التى اعتبرها البعض صادمة لقيم وتقاليد المجتمعات العربية قد تكون وراء الإقبال على الفيلم، ربما بحثًا لمخرج تعانى منه فتيات كثيرات، وهو «ضرورة الزواج» قبل تأخر السن وإلحاق لقب «عانس» بها، وهو اللقب الذى كانت تكرره الأم على ابنتها «شمس» بطلة الفيلم، مما جعلها تتجه لعمل صفحة عبر الفيس بوك عنوانها «بشترى راجل» تهدف من ورائه إلى الحصول على زوج على الورق فقط، يوافق على منحها حيوانات منوية، لكن فى «الحلال»، لأنه زوجها على الورق، كونها تنتمى لمجتمع شرقى يرفض الفكرة من الأساس.. من هنا يكشف الفيلم بصورة كوميدية أحيانًا وتراجيدية أحيانًا أخرى، رسائل مهمة جدًا..
أولًا: موافقة العديد من الرجال على الوضع يدل على أن الإنسان من الممكن أن يلجأ لأى وضع كى يحصل على المال، وهى رسالة من الممكن أن تكسب تعاطفك مع شخص محتاج ماديًا، وقد تجعلك تنبذه، لأنه لم يلجأ إلى وسيلة أخرى للكسب.
ثانيًا: الضغط النفسى الذى يصيب أى فتاة نتيجة كثرة إلحاح الأم والأسرة بأكملها لكى تتزوج، يجعلها أحيانًا تتصرف تصرفات غريبة و«شاذة»، كرد فعل طبيعى للتوتر النفسى الذى تعانيه، جراء الضغوط الأسرية ونظرة المجتمع نفسه، التى ما زالت تلاحقها إذا لم تتزوج، مهما تقدم المجتمع فهناك للأسف موروثات تطاردنا لا نستطيع الهروب منها!
ثالثًا: الحوار بالفيلم له عدة رسائل مفيدة ولافتة للانتباه، فقرار «شمس» بطلة الفيلم بالوقوف إلى جانب «بهجت» البطل عندما ذهبت معه إلى البنك واستطاعت إقناع مدير البنك بطريقة إيجابية للغاية بالقرض الذى يحتاجه بهجت.. رسالة بأن المرأة لديها من القدرة على الإقناع وترتيب الأفكار ما يفوق الرجل، وبالتالى استطاعت اقناع مدير البنك بكل الافكار والأسانيد التى تجبره على الموافقة وتشعره بأن «بهجت» سيرد القرض فى ميعاده بالفعل.. والحقيقة أنها رسالة مهمة تفيد قدرة المرأة على النجاح والتأثير بأدبها وأخلاقها ولباقتها أكثر من الرجل!
رابعًا: الحوار الأكثر من رائع الذى دار بين بطلى الفيلم فى أكثر من مشهد له رسائل مهمة.. البطلة ترى فى الرجل «الخيانة - استعباد المرأة - نظرته للمرأة بأنها مواطن من الدرجة الثانية» والبطل يعترف بأن الرجل قد يقبل على تصرفات غير لائقة، كنظرته لامرأة أخرى، أو إعجابه بجمال وشياكة امرأة أخرى، ولكنه يحتاج من شريكته فى الحياة الى «التسامح -الحب- معاملته كطفل صغير» بمعنى أنها تستطيع أن تتغاضى على الهفوات.. لأنها الحب الكبير فى حياته، والتى لا يستطع أن يستغنى عنها.. وهذا يعتمد على ثقة المرأة بنفسها أولًا وبشريكها فى الحياة ثانيًا.
خامسًا: عندما جرحت «شمس» فى حبيبها الذى وثقت فيه، تركته بلا ندم، وهو رسالة أن المرأة إذا جُرحت تكره، وتكون أقوى مما يتخيله بشر..وهو ما يدل على قوة المرأة وقدرتها على المثابرة والتحدى.
سادسًا: المرأة لا تسامح إلا عندما تتأكد أنها تحب بجد، ومن تحبه يبادلها حبًا أكبر، وهو ما اتضح فى تغير حالة «بهجت»، الذى قام بتغيير حياته وكل ما يحيط به مثلما كانت زوجته تحب وتتمنى..ربما تكون أشياء بسيطة ولكنها تؤثر كثيرا فى حياة المرأة.. أن تشعر بأن هناك رجلًا يتغير من أجلها ويغير الحياة لإرضائها، ولا يتمنى إلا أن يراها سعيدة.. وهو ما جعل بطلة الفيلم، بكل ما فى شخصيتها من كبرياء وعند.. تذهب إلى الإنسان الذى يحاول إرضاءها، ويتمنى أن يراها سعيدة، وبداخلها يقين بأنها لا بد أن تعتذر له وتعود للحياة معه، مسامحة له، ومحبة، لأنه يستحقها.. رغبتها فى أن تعيش معه، وتكمل معه حياتها، جعلتها تتحمّل الألم والمعاناة التى تشعر بها، كونها اقتربت من الولادة. الرسائل التى وضعتها الكاتبة «إيناس لطفى» بين السطور كانت جاذبة ومعبرة، وربما اعتبرها البعض الأهم فى الفيلم بأكمله.. فالحب يجعلنا نتحمل ونسعد بالحياة، الحقيقة.. نحن نحب حتى نستطيع أن نكمل الحياة بكل معاناتها.. كى نسامح.. كى نقهر المستحيل، ونتجاوز الصعوبات.. ولكن هل فكرنا مع كل رسالة أن نقف لحظة مع النفس ونسأل أنفسنا.. «هل نحن نحب بالفعل؟! وبالتالى لدينا القدرة على التسامح والعطاء؟! أم أننا نعيش حالة من الوهم تتحطم مع أقرب مشكلة؟! إجابتك على التساؤلات، هى التى ستجعلك تستطيع الاستمرار فى أى علاقة فى حياتك.. أو انهيارها مع أول مشكلة! الصراحة إذن هى بداية لتصحيح حياتك، وفتح صفحة جديدة.. إما بالاستمرار أو الانسحاب بشجاعة!