الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

السينما وسيط ثقافي مهم في التواصل بين مصر والأشقاء الأفارقة

وزير الثقافة حلمي
وزير الثقافة حلمي النمنم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فيما تشكل السينما وسيطا ثقافيا إبداعيا مهما لدعم العلاقات والتواصل الحميم بين الشعوب، فان مصر تمضي بخطى لافتة على صعيد توظيف ابداعات" الفن السابع" في تواصلها مع الأشقاء بالقارة الافريقية وبما يحقق التفاعل الحقيقي بين الثقافة المصرية وثقافات القارة السمراء.
وفي خطوة جديدة تعزز دور السينما كوسيط ثقافي للتواصل الحميم والبناء بين مصر وقارتها الافريقية، يفتتح اليوم "الاثنين" وزير الثقافة حلمي النمنم "نادي السينما الافريقية" بمصر ليقدم عروضه كل شهر في سينما الهناجر وفي اطار التعاون بين مهرجان الأقصر للسينما الافريقية وصندوق التنمية الثقافية.
ولعل افتتاح نادي السينما الافريقية الذي يقدم عروضا لأفلام افريقية على مدار العام يأتي في اطار نظرة ثقافية مصرية جديدة تعالج نوعا من الخلل تعرضت له من قبل العلاقة بين الثقافة المصرية وثقافات افريقيا وغياب مؤسف او تغييب للمنجز الثقافي-الابداعي الافريقي عن ارض الكنانة واغفال او عدم معرفة بالجديد في هذا المنجز رغم ان البعد الافريقي حاضر ضمن مستويات الهوية المصرية ومكوناتها الثرية.
وفي احتفالية الافتتاح التي يحضرها سفراء عدة دول افريقية بالقاهرة هي تونس وكوت ديفوار وبوركينا فاسو وكينيا واثيوبيا جنبا الى جنب مع شخصيات دبلوماسية وثقافية مصرية تعرض اربعة افلام من تونس وكينيا واثيوبيا الى جانب الفيلم المصري "ربيع شتوي" كما تتضمن الاحتفالية معرضا لافيشات السينما الافريقية.
وكذلك تقام ندوة تديرها المخرجة عزة الحسيني مدير مهرجان الأقصر للسينما الافريقية حول السينما في افريقيا ويحضرها الدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشؤون السينما والمخرج اشرف فايق مسؤول النشاط السينمائي بسينما الهناجر الى جانب المنتج السينمائي محمد العدل ولفيف من الشخصيات الثقافية.
وكانت الدكتورة نيفين الكيلاني رئيس صندوق التنمية الثقافية قد نوهت بالدور المأمول لنادي السينما الافريقية كمشروع ثقافي مهم لدعم العلاقات الثقافية بين مصر والدول الافريقية الشقيقة.
وفيما اشار السيناريست سيد فؤاد رئيس مهرجان الأقصر للسينما الافريقية الى ان الدعوة وجهت لعدد من نجوم السينما المصرية لحضور هذه الاحتفالية فقد اوضح في تصريحات صحفية ان نادي السينما الافريقية يعزز دور مهرجان الأقصر في نشر الثقافة الافريقية وعرض الأفلام القادمة من دول القارة التي تنتمي لها مصر.
وأمسى مهرجان الأقصر للسينما الافريقية يشكل بؤرة ثقافية مشعة للتواصل الثقافي السينمائي بين مصر والدول الافريقية الشقيقة ونجح في جذب نجوم كالفنان الأمريكي داني جلوفر الذي حضر دورته الأخيرة فيما يحظى هذا المهرجان "بورشة سينمائية اصبحت من اهم الورش السينمائية الافريقية ويشرف عليها المخرج الاثيوبي الكبير "هايلي جريما" بينما أضحت السينما الافريقية دالة على امكانات "المخزون الابداعي الافريقي".
وفي سياق تناولها للمخزون الابداعي الافريقي"- قالت الفنانة ومصممة الأزياء ايلي هيوسون في صحيفة الأوبزرفرالبريطانية ان "افريقيا ستطيح بعقولنا خلال الأعوام العشرين القادمة" موضحة انها التقت في باريس العديد من الفنانين والموسيقيين الأفارقة الشبان الذين ابهروها بمواهبهم وقدراتهم الابداعية.
ونوهت هيوستون بأنها دشنت مع بعض الفنانين في الغرب ما يعرف "باستديو افريقيا" كتجمع للمبدعين الشبان في افريقيا سواء كانوا موسيقيين او مصممي ازياء ومصورين معتبرة انه على الغرب ان يستعد للاستفادة من المخزون الابداعي الافريقي الذي سيفيض خلال العقدين القادمين.
ولعل هذا المخزون الابداعي الافريقي يتجلى في دورات مهرجان الأقصر الأخير للسينما الافريقية وكشف عن بعض جوانب المنجز الثقافي الافريقي في مجال الفن السابع في وقت تكتسب فيه الأطر المؤسسية للسينما الافريقية المزيد من الرسوخ كما يتبدى مثلا في كيان سينمائي افريقي هو "الاتحاد الافريقي للسينمائيين" الذي ظهر لحيز الوجود منذ عام 1969.
والمخرج المالي الشهير شيخ عمر سيسوكو هو رئيس هذا الاتحاد الذي بات نشاطه لافتا في الآونة الأخيرة للنهوض بدور اكثر فعالية على صعيد تطوير الصناعة السينمائية بدول القارة الافريقية والاستفادة من منجزات التقنية الحديثة وتوظيفها "في خدمة الفن السابع".
وإذ نوه ابراهيم اللطيف رئيس مهرجان "أيام قرطاج" السينمائي التونسي بأهمية مهرجان الأقصر للسينما الافريقية الذي حضر دورته الخامسة في شهر مارس الماضي، تفيد تقارير بأن دولا افريقية كنيجيريا قطعت خطوات كبيرة في مسيرة الانتاج السينمائي حتى ان هناك من يطلق على استديوهات السينما النيجيرية الاسم الدال والموحي "نوليوود" على غرار هوليوود حاضرة السينما الأمريكية او "بولييود" التي تشير لصناعة السينما الهندية العملاقة.
وحسب هذه التقارير المنشورة، فان نيجيريا تنتج نحو 100 فيلم كل عام وتحقق ايرادات سنوية من صناعتها السينمائية تصل لنحو 540 مليون دولار امريكي فيما يتجاوز مجموع استثمارتها في هذه الصناعة الـ 3 مليارات من الدولارات الأمريكية.
وكما يوضح تقرير اعده الاتحاد الافريقي للسينمائيين عن واقع السينما بالقارة الافريقية، فان هناك توجها حميدا للربط بين الفن السابع وخطط التنمية وتطوير اوجه الحياة في ربوع القارة وزيادة مداخيل دولها من الصناعات الثقافية الابداعية وفي طليعتها السينما.
ولئن تبدى الاهتمام في هذا التقرير للاتحاد الافريقي للسينمائيين بتدريب شباب السينمائيين الأفارقة وتأسيس مراكز اقليمية متطورة للانتاج السينمائي فلمصر ان تنهض بدور كبير على هذا الصعيد بوصفها "الدولة الرائدة في السينما الافريقية"، كما يمكن لمهرجان الأقصر للسينما الافريقية أن يخدم هذا التوجه البناء بعد ان نجح في تطوير علاقات عمل وتواصل ابداعي مع مهرجانات سينمائية افريقية مهمة كمهرجان"ايام قرطاج" في تونس ومهرجان "فيسباكو" ببوركينا فاسو.
وكانت بوركينا فاسو قد اختيرت كضيف شرف للدورة الرابعة لمهرجان الأقصر للسينما الافريقية عام 2015، وهي دولة قدمت اسهامات وأسماء كبيرة في عالم السينما كالمخرج البوركيني ادريسا ادراجو الحاصل على جوائز من مهرجانات سينمائية عالمية شهيرة كمهرجان "كان" ومهرجان "برلين".
ومع افتتاح نادي السينما الافريقية بالهناجر في القاهرة وانعكاساته الايجابية على مهرجان الأقصر للسينما الافريقية، فان هذا المهرجان السينمائي المصري بات من اهم مهرجانات الفن السابع في القارة السمراء جنبا الى جنب مع مهرجان فيسباكو البورطيني ومهرجان قرطاج التونسي.
ويتفق العديد من النقاد والمعلقين المعنيين بالسينما الافريقية بأن المهرجانات الثلاثة تشكل نافذة رحبة للأفلام الافريقية كوسيط ثقافي يعكس واقع الحياة في دول القارة والتعرف على هموم وطموحات ابناء افريقيا، فضلا عما تنطوي عليه الأفلام التي تعرض بهذه المهرجانات من دعم للهوية الافريقية.
ومن هنا حق للمخرج السينمائي البوركيني جاستون كابوريه- الذي كرمه مهرجان الأقصر السينمائي للسينما الافريقية في دورته الأخيرة الى جانب المخرجة السنغالية صافي فاي والممثلة المصرية منة شلبي- ان يقول ان السينما الافريقية قادرة على تقديم التاريخ الحقيقي لافريقيا.
ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، نجح في فتح سوق للسينما الافريقية للمرة الأولى في مصر فيما كان سيد فؤاد قد اوضح ان قنوات رسمية وافقت على عرض افلام افريقية، كما تم الاتفاق مع قنوات خاصة على شراء الأفلام الفائزة في مسابقات المهرجان الطويلة والقصيرة.
وهذا المهرجان الذي يحظى بدعم من محافظة الأقصر ووزارات الثقافة والسياحة والخارجية استضاف من قبل اسماء كبيرة في عالم السينما مثل الناقد السينمائي الأمريكي جيه ويسبيرج والمخرجة التونسية مفيدة التلاتلي الى جانب الاسمين الكبيرين في سينما مالي شيخ عمر سيسكو وسليمان سيسيه والسنغالي موسى توري.
ولا ريب ان مثل هذا المهرجان المصري للسينما الافريقية يثير جدلا ويطرح اسئلة الثقافة الافريقية التي ينبغي ان تكون حاضرة في العقل الثقافي المصري ليبحث لها عن اجابات متجددة وغير تقليدية.
واسئلة الثقافة الافريقية بظلالها وجوانبها المتعددة بحاجة لمتخصصين في الثقافات الافريقية وفنونها على غرار الناقد السينمائي الفرنسي اوليفييه بارليه المتخصص في السينما الافريقية ومدير تحرير المجلة الفرنسية: "الثقافة الافريقية" ومدير برامج السينما الافريقية في مهرجان كان السينمائي الدولي.
وكان كتاب لأوليفيه بارليه حول السينما الافريقية في الألفية الثانية هو محور ندوة اختتم بها مهرجان الأقصر سلسلة ندواته في دورته لعام 2013، كما تولى الاشراف على ورشة بهذا المهرجان لتدريب وتطوير مهارات شباب النقاد السينمائيين.
واذا كانت الثقافة المصرية تمضي بخطى جديرة بالثناء على صعيد توظيف السينما كوسيط إبداعي في التواصل الحميم مع الأشقاء الأفارقة فقد يحق التساؤل في هذا السياق عن عدد الكتب التي ترجمت للعربية في العالم العربي ككل للمبدعين من الأدباء الأفارقة وخاصة الأجيال الجديدة وهو رقم لا يعبر بأي حال عن اهمية التواصل الثقافي العربي-الافريقي.
لكن ها هي السينما تشهد على ان مصر تمضي بثقة وتفاؤل على طريق نسج مزيد من خيوط حلمنا المشترك كعرب وافارقة بمزيد من التواصل الثقافي.. فلنواجه معًا تحديات المستقبل ولنستنفر أفعال بناء الغد الأفضل ولنغترف الحكمة من منابعنا الافريقية وليزهو وجه قارتنا الافريقية بابداعنا المشترك.