السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

اللاجئون في الغرب: معاناة لا تنتهي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رحلة قاسية تلك التي يقطعها اللاجئون فارين من آلة الحرب الدائرة رحاها في منطقتنا العربية، منذ ذلك الغزو الأمريكي للمنطقة واحتلال العراق، التي كانت في طريقها للازدهار، وأتذكر هنا مقولة لأديبنا المصري العربي العالمي نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الآداب، في كتاب "مع نجيب محفوظ" للكاتب الصحفي رجاء النقاش الذي أصدره متضمنًا لقاءاته مع الأديب الكبير، والذي قال فيه، إنه لم يزر العراق، ولكن أصدقاءه الذين زاروها أخبروه، أن هناك دولة عربية على أعتاب أن تغادر العالم الثالث، والذي يبدو أنه كان غير مسموح به، كان ذلك قبل غزو الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين للكويت، والذي كان نتيجته احتلال أمريكا للعراق، وتمترسها بقواعدها العسكرية في المنطقة، لتصبح فيما بعد قاعدة العديد القطرية أكبر قاعدة أمريكية في العالم.
منذ ذلك اليوم، أصبح هناك من الجنس العربي، بعد أبناء فلسطين الحبيبة، عديد الجنسيات تبحث عن اللجوء للدول الأوربية وغيرها من دول العالم التي تتمتع بالأمن، إضافة للمستوى الاقتصادي المرتفع والحالة والاجتماعية المستقرة، بعدما ضربت منطقتنا العربية خلال العقدين الأخيرين على وجه العموم والخمس سنوات الأخيرة، بعد ما حدث نتيجة لما أطلق عليه الربيع العربي، على وجه الخصوص، الفوضى وعدم الأمان والحروب التي تم افتعالها افتعالا، أضف لذلك الصراع الطائفي الذي خُطِّطَ له منذ عقود ليكون سببا في حروب بين أبناء المنطقة.

يخوض اللاجئ مغامرة قاسية، غير محسوبة العواقب، ولا محسومة النتائج، ولكن الفرار من جحيم المعارك يدفع الإنسان للمغامرة بحياته، ملقيا بها في مجاهل الغيب، آملا في النجاة، ينجح بعضهم في ذلك، كما يفشل كثيرون فيكونون عرضة للهلاك، في زوارق الموت، أو في صقيع حدود البلدان الأوربية. 
ومن يكتب له النجاة ويجد من يمد يدا لمساعدته، فإنهم يقاسون الأمرين، ابتداء من إلقاء القبض عليهم من قبل شرطة البلدان الأوربية، التي تفتح تحقيقا، لها الحق فيه، لمعرفة هوية طالب اللجوء، انتهاء بإيداعهم أماكن ودور خاصة بهؤلاء اللاجئين، تعاني فيها الأسر والأفراد معاناة شديدة.
ولا تقتصر هذه المعاناة على ذلك الإحساس بالغربة والوحدة والألم الذي ينتاب هؤلاء اللاجئين نتيجة لرحلة العذاب التي قطعوها، ولكن هناك ألما جديدا قاسيا مضاعفا، يتجسد في تلك النظرة الرافضة لوجودهم من قبل أهالي تلك المدن التي تستقبلهم، وشعوب هذه الدول التي فتحت أبوابها جبرا لاستقبال بعض هؤلاء اللاجئين، ففي الآونة الاخيرة، تزايدت بشدة النظرة العنصرية، والرفض شبه التام للمهاجرين بصفة عامة وهؤلاء اللاجئين الجدد بصفة خاصة، يساعد على ذلك بعض التصرفات الفردية من هؤلاء اللاجئين التي لا تلبث وتعمم عليهم جميعا، بل على كافة الأجانب في تلك البلدان.
فليس صحيحًا ذلك التصور المثالي الذي يرسمه الخيال الجمعي العربي عن تلك المثالية التي يتم التعامل بها مع اللاجئين، فالحقيقة القاطعة أنهم أشخاص غير مرغوب بهم في البلدان المستقبلة لهم، ويعانون نظرة دونية ليس هناك من سبيل لرفعها عنهم في المستقبل القريب أو حتى البعيد، فاليمين المتطرف في ازدياد في كافة بلدان القارة العجوز، وأكبر دليل على ذلك، ما يحدث في ألمانيا التي هي من أكثر الدول استقبالا للاجئين وما تواجهه المستشارة الألمانية ميركل من ضغوط، الأقرب لليقين أنها ستأتي بنتيجة سلبية على اللاجئين والأجانب بصفة عامة.