الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

محمود صلاح يكتب: السادات في إسرائيل

الرئيس أنور السادات
الرئيس أنور السادات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مهما قيل وسيظل يقال من آراء واجتهادات حول أشهر رحلات الرئيس الراحل أنور السادات في نوفمبر 1977 إلى إسرائيل، ظروفها التاريخية والدرامية، وأسبابها ومعطياتها السياسية، آثارها وتوابعها الجغرافية والتاريخية، مهما قيل وسيظل يقال. سوف تبقى هذه الرحلة المثيرة، دليلا لا يقبل أي شك على الرؤية السياسية المتفردة، وجرأة شخصية الزعيم، التي انفرد بها الرئيس أنور السادات، وبوابة ثانية دخل منها إلى التاريخ، بعد أن دخل بعبقرية سياسية وشجاعة شخصية بوابة التاريخ الأولى بقرار حرب أكتوبر 1973. 
لقد فاجأ السادات إسرائيل. والعالم بحرب السادس من أكتوبر 1973 من أجل الحق، ثم بعد أربع سنوات فاجأ إسرائيل والعالم أيضا، بقراره بالسفر إلى إسرائيل من أجل السلام !
وكانت الزيارة التاريخية صدمة للجميع !
وكان الإسرائيليون أنفسهم من وقعت على رءوسهم هذه الصدمة !
ولو كان هناك في ذلك الوقت عرب لا يتخيلون أن السادات يمكن أن يفعلها، فمن المؤكد أنه كان هناك الكثير من الإسرائيليين يجدون صعوبة هائلة في تصديق عيونهم وهم يشاهدون الرئيس المصري يهبط في مطار الدولة العدو التي حاربها وانتصر في حربه معها قبل سنوات قليلة ! 
ومن الجائز أنهم وجدوا صعوبة في التصديق، لأنهم وجدوا صعوبة في التصديق، لأنهم من اللحظة الأولى لبداية الزيارة التاريخية، شاهدوا الرئيس المصري أنور السادات يسير على ارض إسرائيل فور نزوله من الطائرة، وهو مرفوع الرأس ! 
كيف عاشت إسرائيل تفاصيل رحلة السادات إلى القدس؟ 
كيف رآه الإسرائيليون خلال مباحثاته مع مناحم بيجين ؟ 
بماذا شعروا وهو يتحدث في شجاعة عن السلام تحت قبة الكنيست الإسرائيلي ؟
وكيف كان اللقاء بينه وبين "السيدة العجوز".. جولدا مائير ؟ 
وماذا في ذاكرة إسرائيل عن أسرار رحلة السادات ؟
كل شئ في هذه الوثيقة بالكلمة والصورة. التي أعدتها جريدة " جيروزاليم بوست".
تفاصيل وأسرار رحلته دخلت التاريخ مهما قيل عنها، ولن تخرج منه أبدًا.

الفصل الأول


أخطر قصة صحفية في العالم !

لعل زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس. كانت أخطر قصة صحفية، غطاها أي صحفى اسرائيلى، منذ قيام دولة إسرائيل نفسها !
قبل الزيارة وفور الإعلان عنها، وكما حدث في كل الصحف الإسرائيلية، اشتعل الحماس داخل مكاتب صحيفة " جيروزاليم بوست" وألقى رؤساء تحرير الصحيفة بأوامرهم إلى الصحفيين بالانتشار في كل مكان وكل اتجاه، للكتابة عن ذلك الحدث التاريخى.
وخلال الأسبوع الذي سبق قبول الرئيس السادات للدعوة التي وجهها له مناحم بيجين رئيس الوزراء الاسرائيلى، وعلى الرغم من أحدا في إسرائيل لم يكن على يقين من حضور الرئيس السادات بالفعل، إلا إن مسئولى " الجيروزاليم بست " يعدون مشرعا خاصا " للترحيب بالسادات "، مشاركة في الترحيب الاسرائيلى العام والحار، الذي يليق بالرئيس المصري.

استقر رأى مسئولى " الجيروزاليم بوست " على اعداد طبعة خاصة تاريخية باللغة العربية بخط كبير. يكون عنوانها " أهلا سهلا رئيس السادات " !
وقد تم توزيع هذه الطبعة ليلة حضور الرئيس السادات، تم وضع نسخ منها في مطار بن جوريون، لتكون متاحة للصحفيين المصريين الذين سيصلون مع الرئيس السادات في الطائرة.
في هذه الطبعة نشرت " البوست" صورة ضوئية نادرة، من الدعوة التي وجهها مناحم بيجين للرئيس السادات، وكانت كلمات هذه الدعوة تقول بالحرف:
" رئيس الوزراء الإسرائيلي.. فخامة الرئيس أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية.. سيدي الرئيس.. بالنيابة عن الحكومة الإسرائيلية أتشرف بأن أقدم لكم دعوتنا الودية لزيارة القدس، أن استعداد فخامتكم للقيام بهذه الزيارة. كما عبرت في مجلس الشعب المصرى. قائلا في بيانك أنك تتمنى أن تخطب في أعضاء البرلمان الاسرائيلى في الكنيست وأن تلتقى معهم. تم متابعته باهتمام شديد وإيجابي.
" واذا قبلت دعوتى. فسوف يتم اتخاذ الإجراءات لكي تلقى خطابا في الكنيست من على منبره. وسوف تتمكن - إذا كانت لديك الرغبة - من مقابلة الجماعات البرلمانية. الذين يساندون الحكومة. وكذلك الذين يعارضونها" !


وفيما يتعلق بيوم الزيارة المقترحة. يسعدنا أن يحوز موافقتك وقد كان أن رتبت لزيارة كولجهان" رئيس الوزراء لأغادر إلى لندن يوم الأحد 20 نوفمبر. في زيارة رسمية لبريطانيا العظمى.
" فهل ترى سيدى الرئيس أنك ستكون مستعدا للمجيء إلى القدس يوم الإثنين 21 نوفمبر. حتى أطلب من سماح "كولجهان" وأرتب معه لتأجيل زيارتى إلى بريطانيا. حتى أستطيع استقبالك شخصيا. ونبدأ سويًا محادثات لتوطيد السلام. حيث إن كلانا يعرف مدى شوق شعب الشرق الأوسط له".
" البديل.. أن تأتى هنا يوم الثلاثاء 24 نوفمبر أو بعد ذلك. وسأعود من لندن ظهر يوم الأربعاء وأرحب بك لدى وصولك.. وأؤكد لك سيدى الرئيس أن البرلمان والحكومة والشعب الاسرائيلى سيستقبلونك بحفاوة ".
التوقيع.. المخلص " مناحم بيجين

كانت الأحداث المثيرة في أجندة أسبوع ما قبل الزيارة التاريخية قد تلاحقت في سرعة قطعت أنفاس العالم الذي بهرته فكرة السادات الشجاعة الجريئة.
في يوم الأربعاء 9 نوفمبر 1977.. وفى خطابه أمام مجلس الشعب المصري قال الرئيس أنور السادات أن الإسرائيليين سوف يصدمون عندما يسمعون أنه مستعد للذهاب إليهم في بيتهم. وأنه مستعد للذهاب إلى الكنيست ومناقشة قضية السلام هناك. إذا احتاج الأمر إلى ذلك. 
في يوم الخميس 10 نوفمبر أعرب مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل في لقائه مع صامويل لويس السفير الأمريكى في إسرائيل عن ترحيبه بهذه المبادرة.
ويوم الجمعة 11 نوفمبر وفى رسالة مذاعة وجهها مناحم بيجين إلى الشعب المصرى. وجه بيجين الدعوة للرئيس السادات لزيارة القدس. وقال " لا مزيد من الحروب لا مزيد من الدمار".
في يوم السبت 12 نوفمبر قال الرئيس أنور السادات لوفد من الكونجرس الأمريكي أنه يتطلع لزيارة القدس. لكنه لم يتلق بعد دعوة رسمية.
ويوم الأحد 13 نوفمبر أبلغ مناحم بيجين الوزراء الاسرائيليين أنه ينوى توجيه دعوة رسمية للرئيس السادات لزيارة القدس. وأوصى الكنيست الاسرائيلى بدعوة السادات.
يوم الإثنين 14 نوفمبر بدأت على الفور اتصالات إجراءات بشأن الزيارة. بين السفيرين الأمريكيين صامويل لويس في إسرائيل وهيرمان القيس في مصر.
وفى صباح الأربعاء 16 نوفمبر طار الرئيس أنور السادات إلى دمشق.للتشاور مع الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد.
ويوم الخميس 17 نوفمبر صدر إعلان مشترك في القاهرة والقدس أن زيارة الرئيس السادات ستبدأ مساء السبت 19 نوفمبر  1977