الأربعاء 12 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

محمد علي والسيسي ومصر الجديدة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعت حديثًا متلفزًا للمغفور له بإذن الله الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، كان قد سجله بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 2014 عقد فيه مقارنة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ومحمد علي باني مصر الحديثة، وربما أراد الخال أن يستشرف الزمن القادم من واقع مصر في القرن التاسع عشر وفي القرن الحادي والعشرين وهي رؤية شاعر وأديب للتاريخ بغض النظر عن الاختلافات الجوهرية بين الشخصيتين، فقد أراد الأبنودي القول إن إلإنجازات العسكرية والسياسية والاقتصادية تتشابه بين النموذجين رغم الفارق الزمني الذي لا يتعدى 200 سنة ونيف، فقد تولى محمد علي حكم مصر عام 1805 في حين تولى عبد الفتاح السيسي الحكم في عام 2014 إذن ما وجه التشابه بشكل محدد؟
كلاهما جاء بعد ثورة، محمد علي تسلم مقاليد السلطة دون انتخابات ديمقراطية لكن بإرادة شعبية عقب ثورات القاهرة التي تلت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت ( 1798 – 1801) وكان (الأزهر) في ذلك الوقت له دور سياسي تنويري فاعل ومؤثر في الواقع المصري، فسلم نقيب الأشراف عمر مكرم ومشايخ الأزهر حكم البلاد لمحمد علي باشا، رغم أنه غير مصري الأصل بعد أن طغى المماليك وتغولوا في ربوع مصر من الوجه البحري إلى الصعيد، أما السيسي مصري الأصل جاء بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي استعادت ثورة يناير المخطوفة من أيدي جماعة (الإخوان) التي تغولت خاصة بعد أن وصلت إلى السلطة وهنا يبدو التشابه واضحًا بين المماليك والإخوان مع نقطة اختلاف بين سلوك الرجلين تجاه الطرفين، حيث تخلص محمد علي من المماليك بتدبير مذبحة القلعة الشهيرة عام 1811 لكن السيسي لم يستخدم الأسلوب نفسه للتخلص من الإخوان كل ما فعله أزاحهم عن السلطة وقدم للمحاكمة كل مَن ثبت منهم تورطه في جريمة أو جرائم يؤثمها القانون.
في عهد محمد علي هرب بقايا المماليك ممن نجوا من مذبحة القلعة، وفي عهد السيسي هرب بعض بقايا الإخوان من الوقوع في قبضة العدالة.
في القرن التاسع عشر كانت مصر تحتاج الى الاهتمام بالحداثة على الأصعدة كافة وليس فقط بناء جيش قوي يلبي طموحات محمد علي، أما السيسي وافق على ترك منصبه العسكري وانتقل إلى الحياة المدنية بناء على رغبة الجماهير التي انتخبته رئيسًا للجمهورية في فترة كانت مصر تحتاج أيضًا إلى البناء بعد سنوات تعطلت فيها آلة الإنتاج بسبب الثورات وتعرض الاقتصاد المصري لهزات عنيفة وتراجع معدل النمو إلى أدنى مستوياته، لكن إذا كان محمد علي عندما تسلم حكم مصر ولم يكن لديه جيش قوي، فإن السيسي كانت لديه مؤسسة عسكرية قوية ومستقرة حالت دون انهيار الدولة المصرية التي تآمر عليها البعض وراهن على سقوطها بعد ثورة يناير، خاصة عندما ظهرت شواهد عملية اختطافها ويكفي القول إن الجيش المصري العظيم يحتل المرتبة الأولى بين الجيوش العربية وعلى مستوى العالم يحتل المرتبة الثانية عشرة.
محمد علي اهتم بإرسال بعثات علمية للخارج وطوّر الصناعة والتجارة ونظم الري والزراعة وخطت في عهده مصر خطوات حثيثة على طريق التنمية والتقدم وكان يملك العقول التي تدله على الطريق الصحيح.
أما الرئيس السيسي انتخب ولم يكن لديه أي مؤسسة مستقرة سوى المؤسسة العسكرية عدا ذلك تعاني كل مؤسسات الدولة مشكلات نتيجة عوامل مختلفة منها وأهمها الفساد ولم يكن لدى الرجل غير إيمانه بالله وإرادته الحديدية واحتياجه الى بطانة صالحة تساعده على الخروج من نفق مظلم قادتنا إليه قوى الظلام ونتطلع معه لحدوث نقلة نوعية تقود مصر الى آفاق جديدة من التنمية والحداثة.. وهنا لا بد أن نشير إلى أمر لم يكن موجودًا في عهد محمد علي، بيده الهدم والبناء، وهو الإعلام الذي من المفترض أن يكون داعمًا لمصر الجديدة بإلقاء الضوء على السلبيات لتجاوزها وتطوير الإيجابيات للبناء عليها هذا هو الإعلام التنموي الذي تحكمه أجندة واحدة هي مصر الحرة الديمقراطية، أما إعلام النصف الفارغ من الكوب فقط أعتقد أن أجندات أخرى لا علاقة لها ببناء مصر هي التي تحكمه، ولو كان محمد علي يعيش زماننا هذا لما مكنه هذا النوع من الإعلام من بناء مصر الحديثة!!