الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بدل السكوت .. عيد لا تحتفل به مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الأسبوع الماضى مر 95 عاما على إنشاء أول بنك مصرى دون احتفالات أو تهليل أو كرنفالات رسمية، ورغم أن الحدث يُمثل استقلالا اقتصاديا وتحررا من التبعية الأجنبية إلا أن الدولة لم تحتفل به ولم تحيي ذكراه، رغم احتفائها بحركة 23 يوليو التى قادت مصر إلى ظلام دامس وأزمات مازلنا ندفع ثمنها إلى اليوم. 
فى 13 أبريل عام 1920 ولد بنك مصر بمرسوم نشرته الوقائع المصرية مُنطلقا من رحم ثورة شعبية خالدة وبأيدى وعقول وطنيين عظماء على رأسهم رجل يدعى طلعت حرب، عاش الرجل فى عصر الثورة الوطنية التى أججت النفوس بحب مصر وتبنى دعاوى الاستقلال والتمصير.
عرفت مصر البنوك خلال عهد الخديو إسماعيل مع تزايد عدد الأجانب على أيدى أغنياء اليهود والجاليات الأجنبية، وقد قامت تلك البنوك على تحقيق ربح عن طريق الفارق بين الإقراض والإيداع دون تمويل أى مشروع قومى لصالح المصريين، وظلت فكرة إنشاء بنك مصرى تطل بين الحين والحين، خاصة أن الأجانب كانوا يحتكرون كافة الأنشطة المالية فى مصر، ففى عام 1879 كتب أمين شميل مقالا فى جريدة التجارة دعا فيها إلى ضرورة إنشاء بنك مصرى يرعى المشروعات المصرية ويشجعها ويمولها، ولاقت الفكرة تحمس عددا من الأعيان مثل عمر لطفى باشا، ومحمد سلطان باشا وحاولوا اتخاذ إجراءات فعلية لإنشاء البنك، إلا أن عدم تحمس المصريين أصابهم باليأس وبقيت الفكرة فى قلوب وأذهان أصحابها إلا أن رحلوا. 
وفى عام 1911 نشر طلعت حرب كتابا صغيرا بعنوان "علاج مصر الاقتصادى" تحدث فيه صراحة عن البنك الوطنى الذى لابد من إنشائه، وقال الرجل " لازالت الحاجة لإنشاء مصرف مصري حقيقى يعمل بجانب المصارف الموجودة ويحثهم على المشاركة فى قطاعات التجارة والصناعة" ولاقى الكتاب والفكرة قبولا واسعا مع تعاظم المد الوطنى الذى صاحب الحرب العالمية الأولى وإنشاء عصبة الأمم، وبعد الثورة العظيمة عام 1919 استيقظ الضمير الوطنى ورأى أن عليه أن يحرر بلده من المستعمر ويستعيد حقوقه المسلوبة، لقد كانت الثورة كما يقول الأستاذ لمعى المطيعى، أول ثورة تتجمع فيها جميع عناصر القومية من عمال وفلاحين وتجار وصناع وكبار الملاك والرأسماليين، لقد أحيت الثورة فكرة الاستقلال الاقتصادى وكان على المصريين أن يدفعوا بقوة فى تحويل حلم البنك الوطنى إلى حقيقة وقد كان . 
فى 8 مارس 1920 أسس كل من أحمد يكن باشا ، محمد طلعت حرب بك ، عبد المجيد السويفى بك ، عباس دسوقى الخطيب والدكتور فؤاد سلطان شركة مساهمة مصرية تحت اسم "بنك مصر "، ولقد سارع 126 مصريا فى الاكتتاب فى رأسمال البنك البلغ 80 ألف جنيه وكانت البداية، وفى أبريل 1920 نشر مرسوم التأسيس فى الوقائع المصرية.
وحقق البنك أحلام المصريين فى إنشاء مشروعات تجارية وصناعية وزراعية وخدمية مصرية خالصة، لقد ولدت عشرات الشركات الكبرى الباقية حتى الآن مثل مصر للطيران، مصر للغزل بالمحلة، مصر للسياحة، مصر للتأمين وغيرها، وعاش مؤسس بنك مصر حياة بسيطة متواضعة، حريصا على حب الناس، وخدمة مصر إلى أن أبعد عن البنك بضغوط سياسية عام 1940 ثم وافته المنية فى أغسطس من العام التالى، وعلا اسم الرجل كأعظم الاقتصاديين الأوائل فى مصر وظل الاحتفال بعيد تحرير الاقتصاد كل عام قاصرا على قيادات بنك مصر.