رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

محمود بركات: 200 مليار دولار خسارة مصر في ثلاثين عاما من المشروع النووي.. و8 مليارات لفرق سعر الوقود


محمود بركات، رئيس
محمود بركات، رئيس الهيئة العربية للطاقة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مفاعلات التدريب في القرية تحولت إلى مراعٍ للأغنام والجِمال
إسرائيل أرهبت العرب باغتيال العلماء حتى لا ينافسوا مفاعلات ديمونة
رجال الأعمال والمنتفعون استغلوا أهالي الضبعة في تفجير الموقع النووي
لا شك أن إهمال وتكاسل مصر في استمرار برنامجها النووي الذي تم تدشينه بالفعل في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر جعلنا نتخلف عشرات السنين عن جني أرباح الطاقة النووية التي تعتبر من أهم مصادر الدخل في العصر الحديث، بالإضافة إلى إسهام ذلك في تخلفنا التكنولوجي، فمن يصدق أن دولا مثل إيران والهند وباكستان وماليزيا وإندونيسيا وغيرها من الدول التي كنا نسبقها في هذا المجال أصبحت، من أهم الدول في مجال الطاقة، ويصبح السؤال الأهم في أذهان جموع المصريين، لماذا ولمصلحة من أعرضت مصر عن استكمال برنامجها النووي.
“,”البوابة نيوز“,” التقى الدكتور، محمود بركات، رئيس الهيئة العربية للطاقة، وكبير استشاريي الضمانات بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي طرحت عليه أسئلة بخصوص محطة الضبعة النووية والمشكلات التي تواجهها.
في بداية حديثه معنا أكد أن الوكالة الدولية هددت مصر بوقف المساعدات الفنية، بعد أن تحول موقع الضبعة النووي إلى مراعٍ للأغنام والجِمال، موضحا أن تفجيرات الضبعة لا تقل خطورة عن حريق القاهرة، لأننا فقدنا جميع السجلات التاريخية التي لا يمكن تعويضها، مبينا في الوقت نفسه أن الفرنسيين والسويسريين والأمريكان والأستراليين، أثبتوا علميا أن موقع الضبعة هو أفضل المواقع النووية، وأن الخبراء أكدوا أنه قادر على استقبال 8 مفاعلات لإنتاج الطاقة الكهربائية.
وأضاف: الكيان الصهيوني تعمد إرهاب مصر والعالم العربي باغتيال علماء الذرة حتى لا يبنوا مفاعلات ذرية تنافس مفاعل ديمونة. موضحا أن اعتراف إسرائيل بقتل العالم المصري يحيي المشد في فيلمها الوثائقي “,”غارة على مفاعل“,” جريمة تستحق الذهاب إلى “,”الجنائية الدولية“,”.
وإلى نص الحوار:
** في البداية.. إلى أين وصل مصير البرنامج النووي بعد تفجيرات الضبعة الأخيرة؟
الجميع يعلم أن موقع الضبعة، تم اختياره لإنشاء المحطة النووية الأولى لمصر، منذ عدة عقود، بعد إجراء دراسات علمية وفنية معمقة ومعقدة استغرقت عددا من السنين، قام بها الخبراء الفرنسيون والمصريون، وتم الاطمئنان إلى صلاحية الموقع للغرض المطلوب، ولكن للأسف الشديد جاءت الأحداث الأخيرة لتعرقل تلك الجهود ويقف البرنامج النووي محلك سر.
** وما الإجراءات القانونية التي اتبعتها هيئة المحطات النووية في هذه الحالة؟
يجب أن نعلم، أنه منذ أوائل الثمانينيات، كانت سيادة هيئة المحطات النووية، على الموقع سيادة مستقرة وشاملة وكاملة، في ظل قرار جمهوري بتخصيص الأرض، وتم صرف التعويضات الشاملة لواضعي اليد من الأفراد وأقروا باستلامها، وفي إطار هذه الملكية المستقرة انصرفت الهيئة المختصة لشؤونها وأعلن عن المشروع وتقدمت الشركات العالمية بعروضها لتنفيذ المشروع، والآن هيئة المحطات تقف عاجزة لا تملك أي شيء في انتظار تحسن الأوضاع في مصر.
** هل تعتقد أن أهالي الضبعة متورطون بالفعل في تدمير الموقع؟
أهالي الضبعة تم استغلالهم للأسف، ولكني أعتقد أن التفجيرات أكبر من أهالي الضبعة المسالمين، ولا تنسى أنه لم يكن التجميد الأول ولكنه التجميد الرابع للبرنامج، والأخير كان بسبب تفجيرات تشرنوبل 1984، وبذلك توقف المشروع وكان لمصر شرف أنها كانت الدولة الوحيدة في العالم التي قتلت مشروعها عمليا! وقد استمر ذلك الوضع لفترة طويلة إلى أن أعيد إحياؤه نظريا مرة أخرى في 2007 لأسباب انتخابية ولتلميع خطة توريث جمال مبارك.
** معنى ذلك أنك ترى أن هناك جهات أخرى سواء داخلية أو خارجية متورطة؟
لن تنجح أي مؤامرات خارجية، إلا إذا كان هناك من يؤيد هذه المؤامرة داخليا، ولا تنسى أن رجال الطاقة الذرية دائما ما كانوا يعانون من مطامع رجال الأعمال المرتبطين بالسلطة لضم الضبعة إلى إقطاعياتهم، وحاولوا باستماتة الاستيلاء عليها على أساس أن السياحة وإنشاء الفنادق هو مسألة أفيد لمصر من محطة تعطى شوية كهربا وعلى النوويين الذهاب إلى أي مكان آخر لإنشاء محطتهم.
** القضية لم تكن أبدا شوية كهربا..
بالطبع.. فالقضية لها علاقة بالتطور التكنولوجي والصناعي والاجتماعي، بالإضافة إلى تأمين طاقة نظيفة في ظل ازدياد حالة انقطاع الكهرباء المستمرة كل صيف.
** هل تعتقد أن حالة الانفلات الأمني كانت سببا في سقوط موقع الضبعة النووي؟
حالة الانفلات الأمني كانت الفرصة التي استغلها كل من يطمع في موقع الضبعة النووي، وللأسف استغل حالة الانفلات الأمني عدد كبير من الطامعين في الضبعة، ويشجعهم مجموعة من غير المتخصصين في إثارة وتحريض بعض الأفراد للاستيلاء على الموقع واحتلاله بدعوى ملكيتهم له، وبذلك نجح الطامعون في الضبعة أخيرا في الاستيلاء على الموقع بأساليب همجية لا علاقة لها بالقانون أو النظام العام، رسمها وخطط لها هؤلاء الطامعون، متجاهلين أن الحقوق المرتبطة بوضع اليد على الموقع قد تمت تسويتها من زمن طويل، وقد ساعد على قيام هذا الوضع توقف الشرطة عن العمل الأمني وقت حدوث الاعتداء وانشغال القوات المسلحة في حل مشكلات المليونيات وما حدث في أثنائها وبعدها.
** هل تعتقد أن تفجير الموقع سيعني نهاية البرنامج النووي للمرة الرابعة؟
على العكس.. البرنامج النووي لن يتجمد ثانية، لأن هذا المشروع أمل مصر لتتابع تقدمها وتطورها خلال العقود القادمة وسيكون بداية لدخول مصر عصر التكنولوجيات الحديثة لتوليد الكهرباء التي تعد عصب التقدم العالمي، خصوصا أن مصر تدخل الآن مرحلة التطوير الصناعي وستحتاج إلى مصادر جديدة للطاقة الكثيفة ولن يمكن إتاحتها إلا من خلال الطاقة النووية، لذلك يجب الضرب بيد من حديد على يد كل من عبث ودمر الموقع النووي وقام باحتلاله.
** الحالة الطارئة التي يعانيها موقع الضبعة يمكن أن تضع مصر في مشكلات مع الاستشاري النووي؟
يكفي على الاقل أنها أهانت الدولة المصرية بعد أن علم العالم كله أن هناك مواطنين استولوا على موقع نووي، وهذه فضيحة كبرى باعتبارها من أملاك الدولة.
** أقصد أن البعض يقول إن الحالة السياسية والانفلات الأمني الذي تعيشه مصر يمكنها أن تجعل الشركات الدولية تستغل الموقف في تعاملها مع مصر؟
هذا صحيح بالطبع.. فاستمرار الوضع وامتداد حالة الانفلات الأمني في موقع الضبعة سيؤدي إلى مشكلات كبيرة عند التعاقد أو التعامل التجاري مع الشركات الأجنبية والموردين النوويين عند تنفيذ المشروع، وقد تظهر على هيئة زيادة في أسعار التعاملات التجارية نفسها.
** هل تعتقد أن موقع الضبعة ما زال يصلح لهذا المشروع بعد التفجيرات الأخيرة؟
سيظل موقع الضبعة هو الأفضل للبدء في برنامج نووي مصري قوي، ويكفي أنه قادر على حمل 8 مفاعلات قوية قادرة على توليد 8 آلاف ميجاوات، وقد تعززت صلاحية الموقع بعد انتهاء عمل الاستشاري الأسترالي في إعادة تقييم موقع الضبعة والذي انتهى إلى صلاحية الموقع تماما للغرض المطلوب.
** هل تعتقد أن مصر يمكنها أن تواجه عقوبة من الوكالة لما حدث لموقع الضبعة؟
للأسف الشديد، مصر ستعاني كثيرا بسبب ما تعرض له موقع الضبعة، خصوصا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدمت تهديدا بسحب كل المساعدات الفنية التي تقدمها، بعد أن شاهدت كيف تحول موقع الضبعة النووي إلى مراعٍ للأغنام والجمال، ولا تنسى أن الخبراء الأجانب وعلى الأخص الكوريين تعرضوا للمنع ولم يستطيعوا دخول الموقع في ظل الانفلات الأمني هناك.
** وهذا سيؤثر على مستقبل البرنامج بالطبع؟
بالطبع.. فتفجيرات الضبعة لا تقل خطورة عن حريق القاهرة، خصوصا أننا فقدنا جميع السجلات التاريخية التي لا يمكن تعويضها، كما أننا فقدنا أحد أهم ستة مفاعلات التدريب في العالم والذي تحول إلى عشش للحيوانات، فمصر خسرت 200 مليار دولار خلال الـ30 عاما الماضية لتأخر المشروع النووي، كما أننا نخسر سنويا 8 مليارات لفرق سعر الوقود النووي عن الغاز والبترول.
** الكثير يتساءل: لماذا موقع الضبعة تحديدا ليثير هذا الجدل وهناك أربع مواقع بديلة في سفاجا والنجيلة وعيون موسى، ألا تصلح هذه المواقع لإنشاء البرنامج النووي لإنتاج الطاقة؟
يجب أن تعلم أنه تم اختيار 23 موقعا في أوائل الثمانينيات، وتم دراسة هذه المواقع وغربلتها جيدا حتى وصلنا إلى هذه المواقع، فوجدنا أن موقع الضبعة هو أفضلهم جميعا، فهيئة الزلازل والفوالق أكدت أنه أفضل المواقع فتم عمل دراسات على موقع الضبعة، من قبلهم الشركة الفرنسية “,”سفراتون“,” وهي أول شركة على مستوى العالم، ثم تم مراجعة هذه الدراسات عن طريق بيت خبرة سويسري، ومؤخرا تم تحديث هذه الدراسات بواسطة بيت خبرة أمريكي وأسترالي ممثلا في شركة “,”ووارلي بارسونز“,”، وتمت مراجعة تعديل هذه الدراسات على ضوء حادثة اليابان من قبل خبراء من وكالة الطاقة الذرية قاموا بمراجعة الدراسات والمواصفات، ثم تم تشكيل لجنة من كبار خبراء الجيولوجيا في مصر ورؤساء مراكز الأبحاث بمراجعة الدراسات، وتم اتخاذ القرار بصلاحية الموقع بالكامل، وبالتالي أي تفكير في تغيير موقع الضبعة يعتبر إهدارا لملايين الجنيهات، خصوصا أن اختيار موقع بديل للضبعة سيؤدي إلى تأخير المشروع أربع سنوات طبقا لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهذه السنوات الأربع ستجعلنا نخسر 32 مليار دولار بالإضافة إلى تكلفة دراسة الموقع التي تتكلف 2 مليار دولار، لتصبح الخسائر 34 مليارا، وما أدرانا أنه بعد تكبد كل هذه الخسائر أن أهالي المنطقة الأخرى سيوافقون على إنشاء المشروع.
** البعض يطالب بنقل الموقع إلى منطقة البحر الأحمر وترك الضبعة للمشروعات السياحية؟
من يطالب بهذا، بالتأكيد لا يفهم طبيعة دراسات الأمان بالنسبة للمواقع، فأي موقع في مصر يصلح لبناء مفاعلات، والإشكالية في تكاليف الإنشاء تبعا للدراسات البيئية والجيولوجية، وموقع البحر الأحمر لا يتوافق مع متطلبات السلامة المنشودة في مواقع إقامة المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء، فمنطقة البحر الأحمر هي منطقة نشيطة زلزاليًّا، وعلى الرغم من أنه يمكن اعتماد المواقع في المناطق النشيطة زلزاليا من حيث المبدأ كمواقع لإنشاء المحطات النووية فإن ذلك لا بد أن يقترن بحالة الضرورة القصوى ويحتاج إلى دراسات مستفيضة ومعمقة لمقتضيات التصميم للمفاعل والمنشآت الأخرى وغير ذلك من المتطلبات الكثير الذي يرفع من تكلفة المحطة بشكل هائل، بالإضافة إلى أن منطقة البحر الأحمر قريبة من المناطق الحدودية الشرقية وهي من المناطق غير المستقرة أمنيا وسياسيا، وبذلك يظل موقع الضبعة هو الموقع المناسب والجاهز لاستخدامه بشكل فوري.
** وماذا عن المواقع الإضافية التي درسها الاستشاري النووي، هل يمكن أن تصبح بديلا للضبعة؟
ستظل المواقع التي تحمل رقم 2 في الأهمية، ولن تكون قادرة على استقبال مفاعلات نووية إلا بعد سنوات طويلة من الدراسة والتجهيزات، وستتكلف عشرات المليارات وفي المقابل ستخسر مصر أكثر من 200 مليار دولار أنفقتها على موقع الضبعة.
** البعض يؤكد أن هناك ضغوطا غربية وإسرائيلية لإجبارنا على عدم الاستفادة من التكنولوجيا النووية، فهل يتعرض العرب لمثل تلك الضغوط أم أننا لا نسعى جاهدين؟
لا أحد ينكر أن هناك ضغوطا مستترة وفي كل اتجاه سواء من إسرائيل أو بعض الدول الأخرى الداعمة لها لعدم دخول مصر بالتحديد والعالم العربي بشكل عام للعصر النووي والاستفادة بثمراته في جميع المجالات وهذا مدون في الأعمال الفكرية الصادرة عن المفكرين والإعلاميين الصهاينة والإسرائيليين، وكذلك في المدونات السرية المعلنة لبن جوريون وخلفائه، وكل هذا كان بسبب حماية المشروع الصهيوني في المنطقة العربية من خلال مقاومة أي تطوير علمي أو فني في المنطقة وبصفه خاصة في مجال توطين واستيعاب التكنولوجيا النووية ليس هذا فقط وإنما وضعت قيود خفية لطالبي الدراسات العليا من العالم العربي في مجالات الفيزياء والكيمياء النووية المتقدمة.
** لماذا فشلت مصر في امتلاك مفاعل قوي طوال 50 عاما وسبقتنا دول مثل الهند وكوريا والصين وباكستان وحتى بنجلاديش؟
مصر حاولت كثيرا الحصول على مفاعل قوى لتوليد الطاقة النووية وإزالة ملوحة مياه البحر منذ ستينيات القرن الماضي في 1963، ثم في السبعينيات وبعد ذلك في الثمانينيات وأخيرا في بداية القرن الجديد وما زالت الصورة غير واضحة، بينما في نفس هذه الفترة نجحت الهند والباكستان وكوريا الجنوبية ثم الشمالية ومن قبلهم الصين في استكمال مشروعاتها النووية المدنية والعسكرية كذلك في مواجهة نفس المجتمع الدولي الذي يتهم المسلمون والعرب زورا وبهتانا في أغلب الأحوال بأنها تتجه إلى السلاح النووي دون أن يكون هناك أي أدلة على ذلك وكلنا نعلم ما حدث في العراق ويحدث الآن مع إيران.
** العديد من خبراء البيئة يؤكدون عدم جدوى البرنامج النووي لتوليد الطاقة ويمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؟
هذا غير دقيق.. فقد أثبتت الطاقة النووية على امتداد تاريخها أنها آمنة تماما وصديقه للبيئة، بل أنها تحظى حاليا بتأييد البيئيين على مستوى العالم باعتبارها مصدرا نظيفا لإنتاج الكهرباء، فقد أدركوا أن حجم الانبعاثات التي تخرج عند حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة الكهربائية في المحطات الحرارية أكثر بكثير من مفاعلات القوى النووية، والآن يتزايد عدد الدول التي تتوجه لاستخدام المفاعلات الذرية.
** هناك دول مثل ألمانيا وسويسرا توقفت عن إنشاء مفاعلات قوى؟
أولا هي مجرد مواءمات سياسية، كما أنها دول تشبعت بتكنولوجيا الطاقة النووية منذ أكثر من نصف قرن، ومصر دولة لا تقارن بهما لأنها في مرحلة تحتاج إلى الطاقة من أجل النهوض الصناعي وإلى إعادة التصنيع على نطاق واسع لاستيعاب العمالة العاطلة منذ فتره طويلة بسبب الفساد السياسي وتحريك الاقتصاد الوطني الملتزم لمزيد من النمو.
** وهذا لا يمكن أن تحققه طاقة الشمس أو الرياح؟
لا تزال تلك النوعية من مصادر الطاقة محدودة الفاعلية وأقصى ما يتطلع إليه المجتمع الدولي هو الوصول إلى نسبة إمداد من الطاقة المتجددة تقترب من 20% بحلول عام 2030 فمن أين يمكن تأمين النسبة الباقية؟ بالإضافة إلى أنه ثبت علميا أن الطاقة الشمسية غير اقتصاديه لأنها مكلفة بشكل كبير، كما أن إنتاج بعض مكوناتها كالخلايا الشمسية يصاحبه إنتاج ملوثات بيئية خطيرة، أما بالنسبة لطاقة الرياح فما زالت المناطق التي تصلح لإقامة ما يسمى بمزارع الرياح محدودة بشكل كبير.
** وما الضرر في تأخير البرنامج النووي عدة سنوات حتى يستقر الاقتصاد؟
سنخسر كل شيء.. المليارات وفرصة التطور والنهوض الاقتصادي.
** البعض يقول إن تأمين المفاعلات أصبح صعبا خصوصا بعد حادث فوكوشيما الياباني وإنها أصبحت تكنولوجيا غير آمنة؟
حادث فوكوشيما، وقع بسبب زلزال قوي ضرب المنطقة وقد تحملت أجهزة المفاعل الزلزال وقامت بإيقاف المفاعلات بسلام، ولكن توابع الزلزال أدت إلى حدوث تسونامي وهي موجة بارتفاع نحو تسعة أمتار غمرت منشآت حيوية بالمفاعل وأدت إلى انصهار القلب، ولكن ما يهمنا هو أن الأجهزة النووية أدت دورها بكل كفاءة إنما الهجوم القدري لحائط المياه بعد ذلك هو الذي أدى إلى الحادث، كما التحقيقات اليابانية أكدت أن الحادث مجرد خطأ بشري.
** خطأ بشري تفاعَل مع كارثة طبيعية؟
هذا صحيح.. فالهيئة الرقابية النووية قبل الحادث قامت بإبلاغ مشغل المنشأة بضرورة إجراء بعض التعديلات الفنية التي إذا تم تنفيذها لما حدث ما حدث، ولكن المشغل أجل التنفيذ، وهذا يؤكد دور الهيئة الرقابية وضرورة الامتثال لطلباتها وتأشيراتها الفنية وكلما رفعنا كفاءة الهيئة الرقابية ودعمنا قراراتها سوف نضمن سلامة إنشاء وإدارة المشروع.
** أبجديات تنفيذ المشاريع الضخمة تتطلب بعض المطالب يجب تنفيذها أو شروط يجب توافرها، فما الخبرات التي تحتاجها مصر لتنفيذ برنامجها النووي؟
مصر تحتاج لتنفيذ البرنامج النووي إلى توافر وتوفير عدد من المتطلبات، أولها اختيار دولة أو شركة كبرى بشرط أن تكون مستقلة عن أي دوائر صهيونية أو إسرائيلية سواء على المستوى التمويلي أو الصناعي، على أن تكون الشركة المنفذة قد قامت بإنشاء محطات مشابهة للمحطة المطلوبة في بلدها أو في أي دولة أخري، ثم كتابة شروط التعاقد بحرفية وشروط واضحة بعيدا عن العبارات المطاطية وتغطي جميع الجوانب المالية والفنية والهندسية، وبعدها يتم تخصيص هيئة فنية كهيئة المحطات النووية لعمليات الإنشاء الهندسي ووزارة مختصة بالجوانب الإدارية والإجرائية والتنظيمية والتمويلية حتى يتفرغ كل فريق في ممارسة ما هو مؤهل له بالفعل.
** هل تعتقد أن الأوضاع السياسية يمكنها أن تؤثر على برنامجنا النووي كما حدث مع إيران في المحطة النووية بوشهر؟
لا أعتقد أن ما حدث مع إيران يمكنه أن يتكرر مع مصر، وبصرف النظر عن ما يحدث في إيران فإن الموقف مع مصر مختلف تماما، فلا توجد لمصر أي مشكلات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بل على العكس العلاقة مع الوكالة تجرى بشفافية متناهية ولا يوجد لدى مصر أي اتجاه أو حتى تفكير في عسكرة برامجها النووية ولكنها توجه البرنامج النووي للاستخدامات السلمية للطاقة.
** وما الحل حتى لا تتكرر تجربة إيران معنا؟
مصر دولة ملتزمة بالمعاهدات والمواثيق الدولية في مجال عدم الانتشار والحد من التسلح وتشارك بجدية لدعم إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط.
** وأيُّ الدول مناسبة لتنفيذ المشروع النووي في مصر؟
أي دولة في العالم يمكن أن تكون مناسبة لاستيراد التكنولوجيا النووية سواء كانت دول شرقية أو دول غربية، وأعتقد أن أفضل الدول التي يجب أن نتفق معها هي روسيا الاتحادية لأسباب كثير نذكر أهمها أن مصر بدأت دخول التكنولوجيا النووية من خلال الجمهورية الروسية وأعطتنا مفاعل أبحاث ظل يعمل منذ الستينيات دون كلل، بالإضافة إلى مسرع فانديجراف، ثم مسرع أيوني، كما ساعدتنا بتمويل مشروع معامل الحارة المصرية والتي تستخدم حاليا لمعالجة النفايات.
** ما نوع المحطات النووية التي من المفروض أن تتعاقد عليها مصر؟
معظم المفاعلات المستخدمة على مستوى العالم لا تخرج عن ثلاثة أنواع إما مفاعلات الماء المضغوط وإما مفاعلات الماء المغلي وإما المفاعلات الكاندو، وأكثر تلك المفاعلات استخداما هي مفاعلات الماء المضغوط بنسبة تقترب من 50% وبعيدا عن أي تفاصيل فنية فإن الأفضل دائما هو استخدام مفاعلات أكثر استخداما عالميا وهناك شركات كثيرة ودول متعددة بإنتاجه مثل أمريكا وروسيا وفرنسا وكوريا وألمانيا وفرنسا.
** لماذا الإصرار على استخدام نظام المناقصات الذي ثبت فشله بدلا من الاتفاق المباشر؟
أعلم جيدا أن استخدام أسلوب المناقصات هو أسوأ وسيلة، خصوصا أن هذه النوعية من المشروعات تعتبر من المشروعات الدقيقة التي تحتاج إلى المتابعة المستمرة والارتباط الدائم بين المتعاقد والمنشأة التي يجري إنشاؤها وهو ما لا يتحقق في أسلوب المناقصة، فالتعاقد يعمق العلاقة بين المورد والمنشأة وينشئ مسؤوليه كفالة حسن التوريد ثم الإنشاء حتى مرحلة تسليم المنتج.
** ما رأيك في مطالبة علماء الطاقة باللجوء إلى محكمة العدل الدولية بعد اعتراف إسرائيل بقتل الدكتور يحيى المشد؟
بالتأكيد يجب أن لا يمر هذا الاعتراف مرور الكرام، ويجب محاسبة إسرائيل بقوة لأن العالم المصري الدكتور يحيى المشد لم يحارب أو يضر إسرائيل بشكل مباشر وإنما كان يؤدي عمله، وقتله بهذا الشكل جريمة كاملة مع سبق الإصرار والترصد، ومن حق مصر أن تلجأ بها إلى المحاكم الدولية والمحكمة الجنائية الدولية حتى لا يذهب دماء علماؤنا هباء.
** وهل ظهور هذا الاعتراف الآن بمثابة تهديد غير مباشر للجمهورية الجديدة بمصر؟
إسرائيل دائما ما تهدف إلى إرهاب العرب بشكل عام بما يؤدي بالضرورة إلى إعاقة برامج التطوير النووي والإشعاعي.
** اغتيال العلماء طريقة من طرق إسرائيل حتى يتوقف البرنامج النووي المصري، فما الحل للخروج من هذا المأزق؟
الجميع يعلم أن الموساد الإسرائيلي قام باغتيال عدد من العلماء العرب والمصريين النابهين، بالإضافة إلى بعض العلماء الإيرانيين على مدى العقود الأخيرة، لذلك فالتعامل مع إسرائيل يجب أن يكون حذرا والند بالند.
** هل تعتقد أنها كانت السبب الرئيسي في فشل البرنامج النووي أم أنها كانت سببا من الأسباب؟
لا أعتقد أن الأفعال الإسرائيلية موجهة إلى عرقلة البرنامج النووي المصري لأن البرنامج النووي المصري يتم بكفاءة وبأيدٍ مصرية.