الأربعاء 12 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الصراع على السلطة بالفتاوى الشاذة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أن مصر هي أحوج ما تكون إلى إنشاء مجلس قومي لمواجهة الفكر المتطرف التكفيري، إلا أنها لم تفعل بعد، وأظن أن مسئوليها يغطون في نوم عميق! ولله الأمر من قبل ومن بعد، إلا أن بارقة أمل تظهر من بعيد، بارقة يتضح منها أن هناك دولا تريد أن تكون صاحبة مشروع حضاري فكري يكون منطلقه الإصلاح الديني، ومن هذه الدول دولة الإمارات العربية المتحدة التي ومنذ عدة سنوات وهي تواجه فكريا التطرف والتكفير والإرهاب، وكم من المؤتمرات والندوات التي عقدتها الإمارات بصدد هذه الأمور حتى أنني أطلقت عليها "دولة المؤتمرات العربية المتحدة" ولم يكن الأمر قاصرا على المؤتمرات فحسب، فلم تكن مكلمة هدفها إثبات الوجود، بل إنها كانت حريصة على ترجمة التوصيات التي تخرج من هذه المؤتمرات إلى واقع عملي سواء في التعليم أو الإعلام أو الثقافة أو غير ذلك.
ومنذ أيام كنت أشارك في ندوات مغلقة عبارة عن ورش عمل انعقدت في أبوظبي كان موضوعها "الفتاوى الشاذة، التطرف والتكفير، مفهوم الجهاد، الصراع على السلطة باسم الدين" وكانت الجهة التي نظمت ورش العمل هذه هي مركز "مداد" وهو أحد المراكز البحثية المعنية بمواجهة ظاهرة التطرف ومشروع الإسلام السياسي والسعي لإنشاء مشروع متكامل للإصلاح الديني، ومن حسن الحظ أن مدير هذا المركز هو الصديق الأستاذ "سالم الكتبي" وهو أحد الشباب الإماراتي الواعد صاحب الثقافة الواسعة والجهد الوفير والرؤية المتزنة، وكان من حسن حظي أيضا أن شاركني في ورش العمل هذه مجموعة من العلماء الكبار كان على رأسهم الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، والدكتور صبري عبادة وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية وهو من الخطباء الكبار حيث وهبه الله فصاحة في اللسان وقوة في البيان وشجاعة في الجنان، وكان معنا أيضا الشيخ المفوه أحمد تركي مدير المساجد في وزارة الأوقاف، وهو مع صغر سنه فقيه حقيقي لديه قدرة متميزة على فهم النصوص وتطبيقها على الواقع، ومع هؤلاء حضر معنا كل منا الأساتذة "مختار نوح، وكمال الهلباوي، وعمار علي حسن، وخالد ميري" عضو مجلس نقابة الصحفيين ومجموعة أخرى لا تقل عن أولئك علما وفهما.
كان المحور الأول الذي دار النقاش حوله هو الفتاوى الشاذة، التحديات والمواجهة، وكم كم مؤلما على النفس تلك الفتاوى الشاذة التي أساءت للإسلام أيما إساءة، بل كانت سببا لاتجاه كثير من الشباب إلى الإلحاد ظنا منهم أن هذه الفتاوى هي الإسلام، وما هي الإسلام ولا منه، بل هي بضاعة غريبة عنه خرجت من نفوس مريضة تفتقر للعلم والفقه، وسبحان الله على هؤلاء الذين كان تصورهم عن الله غريبا، وكان تصورهم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مريضا، وكان من تلك الفتاوى الغريبة ما انطلق من خلفية سياسية، أو بالأحرى ما كانت السياسة والأطماع في الاستيلاء على الحكم سببا له، وعلى سبيل المثال تلك الفتوى التي خرجت أثناء استفتاء التاسع عشر من مارس 2011 والتي تقول: إن من سيوافق على التعديلات الدستورية سيكون من أهل الجنة، ومن لن يوافق سيكون مثواه النار وبئس المصير ! حينها بدأت التفرقة الدينية في المجتمع المصري، وأخذ الاستقطاب يشق طريقه إلى حياتنا ، ففي انتخابات الرئاسة الماضية أفتى أحد دعاة الإخوان بأن من سيمتنع عن التصويت لمرسي فسينال الويل والثبور وعظائم الأمور وسيلدغ في قبره مدة أربع سنوات من الثعبان الأقرع، وقد حدد سيدنا الشيخ هذه المدة على أساس أن مدة الرئاسة أربع سنوات، والحمد لله أن التعديلات الدستورية خفضت مدة الرئاسة من ست سنوات إلى أربع، الأمر الذي سيترتب عليه حتما تخفيض مدة قرص الثعابين، والحمد لله أيضا ، فإن كان من لم ينتخبه سينال قرص الثعابين في القبر، فإن الأحياء ممن سيكونون تحت رئاسته قد نالوا قرص الثعابين لمدة عام في كل بر مصر، الساكن منهم في العشة والساكن منهم في القصر!.
وفي ذات الانتخابات التي أرادت فيه جماعة الإخوان أن تستولي زورا على الحكم باسم الدين قال صفوت حجازي إن محمد مرسي سيحقق الله على يديه "صرف صحي إسلامي"! ومن الفتاوى الشاذة ما أفتى به الشيخ يوسف القرضاوي من وجوب أن ينضم المسلمون في أمريكا للجيش الأمريكي الذي ذهب إلى العراق، ولهم أن يشتركوا في قتل العراقيين حتى لا يتسببوا ـ إن امتنعوا ـ في ضرر للمسلمين في أمريكا، أي فليمت المسلمون في العراق لينجوا المسلمون في أمريكا من السجن!.
وعشرات بل مئات من الفتاوى التي أخرجتها الآلة الإفتائية الإخوانية من أجل الوصول للحكم، وكانت كيفية مواجهة هذه الفتاوى الشاذة هي الورشة الثانية ومعها سيكون المقال القادم إن شاء الله ، فانتظروني.