الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نتنياهو.. في مستنقع غزة 

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 لم يتوقع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن يتورط في هذا المأزق الذي أصبح مستنقعا، لن يخرج منه  سالما أبدا. أصبح قطاع غزة، بما شهده خلال أسابيع قليلة، نموذجا للإرادة والتحدي في وجه احتلال بغيض لايعرف القيم الإنسانية ولا المبادئ الأخلاقية التي يتعلمها العسكريون، ولا المواثيق الدولية، ولا اتفاقيات جنيف الأربع، التي تؤكد علي تفادي قتل او إصابة المدنيين العزل في زمن الحرب.                   

 لم يحدث في تاريخ القضية الفلسطينية ما يشهده حاليا  قطاع غزة الفلسطيني من أحداث دموية واعتداءات وحشية على المواطنين العزل، كانت نتيجتها استشهاد ما يقرب من ١١٥٠٠ شهيد وإصابة أكثر من ٣٠ ألفا، حسب أخر الاحصائيات المعلنة من قبل وزارة الصحة الفلسطينية. ووفق الأرقام المعلنة، فإن أكثر من نصف الشهداء والمصابين، أطفال ونساء، تعرضوا لأبشع أنواع القصف الجوي الذي أدى لهدم المنشأت على رؤوس ساكنيها واختفاء المئات تحت الأنقاض، لم يتم العثور عليهم حتى الأن، واعتبروا في عداد المفقودين. وبلغ إجرام الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، حدًا، لم يخطر على بال أكبر عتاة الإجرام قديما وحديثا؛ فلم يحدث في تاريخ الحروب أن لجأ طرف يحارب طرفا آخر، إلى قصف المستشفيات ودور العبادة، والتهجير القسري لأكثر من مليون مواطن، تركوا ديارهم وكل مايمتلكون من متاع، هربًا من تلك الأعمال الوحشية والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ليل نهار.     

  والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ينجح نتنياهو في تنفيذ خطته بتفريغ قطاع غزة من سكانه وضمه إلى إسرائيل بالقوة المسلحة وإدارته عن طريق جيش الاحتلال؟ إن الإجابة على هذا السؤال ليست بالأمر الهين، خاصة أن المقترحات التي قدمتها دوائر الاستخبارات الإسرائيلية لصناع القرار في تل أبيب لم تلق قبولًا، فلا يزال الوقت مبكرًا، من وجهة نظر بنيامين نتنياهو لاتخاذ القرار النهائي بالنسبة لمستقبل الأوضاع في قطاع غزة؛ إذ هو يطمع إلى استئصال منظمة حماس من جذورها وتصفيتها تماما في القطاع، رغم إدراكه، ووزير دفاعه جالانت، أن الصراع يكلف إسرائيل عشرات القتلي والمصابين، إضافة إلى حالة الهلع التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر، بشكل لم يحدث له مثيل في تاريخ إسرائيل منذ نشأتها عام 1948.    لقد سقط نتنياهو في مستنقع لن يخرج منه سالمًا، إذ هو يواجه مقاومة شرسة من جانب أفراد يختفون كالأشباح، ولو كان جيش الاحتلال الإسرائيلي متمتعًا بأدنى المبادئ الأخلاقية للعمل العسكري، كما يدعى، لتفرغ للبحث عن القوة الخفية التي تحاربه، ولما تعرض أبدًا للمدنيين العزل، خاصة الأطفال والنساء.

   منذ أيام، تقدمت إحدى منظمات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية بدعوى أمام إحدى المحاكم الاتحادية، مدعمة بالوثائق التي تدين القيادة الأمريكية لدعمها الحكومة الإسرائيلية في ارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين من أهالي غزة الأبرياء. وليت منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي تتحرك لتوثيق هذه الجرائم لرفع دعوي أمام محكمة العدل الدولية، لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، الذي فاق في إجرامه، مافعله شارون ومناحم بيجن وموشي ديان وعصابات الهاجاناه، خلال أكثر من ٧٠ عامًا..  لقد سقط نتنياهو سقطة مدوية وسوف يتم محاكمته قريبًا داخل إسرائيل عن طريق لجنة، نتوقع أن يتم تشكيلها علي غرار لجنة اجرانات، التي حاكمت قادة اسرائيل عقب حرب أكتوبر. ولن يكون لأمثال هذا المجرم نتنياهو ووزير دفاعه وقادة جيشه، من مصير، إلا في مزبلة التاريخ.

* أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة بنها