الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

جوانب خفية في شخصية "عرابي" يكشفها عبدالرحمن الرافعي

الزعيم احمد عرابي
الزعيم احمد عرابي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

المتأمل في شخصية الزعيم البطل أحمد عرابي يجد أنها تتمتع بالعديد من المزايا، والتي كان لها دور كبير في التأثير في الدور السياسي لمصر فهو رجل قائد ذو شخصية قوية، محبوب بين جماهيره، صادق في نضاله فلم يكن مرائيا فيما كان يبتغي من أجل وطنه.

نشأ البطل أحمد عرابي كأي إنسان مصري بسيط، ولم يكن في مقدور أي متنبئ أن يرسم له مستقبلا يقود فيه شعبا ضد مستعمريه ، فنشأته كأي رجل بسيط مثله مثل غيره لا تدل على أن هذه الشخصية تقود شعبا ضد الاستعمار فيما بعد، فلمي كن له موقف بطولي أو أنه خاص معارك لكن هذه النشأة، لم تمنعه  أن يقوم بدور هام في حياة البلاد.

بحسب ما وثقه المؤرخ المصري الكبير عبدالرحمن الرافعي في كتابه "أحمد عرابي الزعيم الثائر"  فإن روح عرابي الوطنية بدأت تظهر علاماتها حين سمع خطبة لسعيد باشا بقصر النيل بمقر وزارة الحربية مخاطبا فيها جموع الحاضرين وقتها من العلماء وكبار رجال الحكومة التي دعا خلالها الجماهير إلى أن يستغني المصري بنفسه عن الأجانب وإبراز هذا في الفكر والعمل، وكانت هنا نقطة الانطلاق في ذهن عرابي ليكون هذا هو الحجر الأساس في مبدأ "مصر للمصريين".

امتلك عرابي تأثيرا كبيرا على نفوس المصريين الذين خرجوا خلف ثورته، فحمل هذا الرجل أهم صفات زعماء الأمة، وهي الجمع بين قوة الشخصية وحب الناس له،  فكان محبوبا بين الجماهير والتف حوله الناس لصدق نضاله ودفاعه عن أمته إلى جانب شخصيته القوية الجذابة

كل هذا ساعده أن ينال ثقة الجماهير ويملي إرادته عليهم دون تكلف منه، ولولا هذه الموهبة ما استطاع أن يجتذب إليه محبة الجيش والأمة فاجتمعت لديه موهبة الخطابة والصوت الجهوري القوي مناديا بالحرية والاستقلال دون رياء، وعلى هذا قامت دعوته ضد الإنجليز.

مجموعة من السمات السلبية الأخرى كانت في شخصيته التي أثرت في مسار الثورة، من أهمها الاعتداد بالنفس ؛إذ كان يعتقد أن لديه القدرة على تصريف الأمور والشئون السياسية دون حاجة لأحد، فعدم استعانته بمستشار سياسي من الشخصيات الوطنية المعاصرة له كان له الأثر البالغ في فشل الثورة، ذكر ذلك الرافعي مشيرا الى شخصية محمد شريف باشا الذي أقصاه عرابي من الوزارة فلو لم يكن هذا لكانت لحركته مسارا مختلفا.

الانقسام والوقيعة، عاملان أثرا في حركة عرابي وأسلمها ذلك إلى الضعف والفشل، ولو أن عرابي تمكن من معالجة هذه الأمور لحقق اهداف البلاد ولما استطاع  الانجليز تحقيق أغراضهم الاستعمارية والهيمنة على شئون البلاد، فهذا الانقسام جعل من البلد معسكرين متحاربين: معسكر الثورة ومعسكر الخديوي فوقع الاصطدام بينهما وتفاقم لينتهز الإنجليز فرصة ذلك لتحقيق أغراضهم الاستعمارية في التدخل في شئون البلاد، إلى جانب ذلك غرور عرابى في التعامل مع الانجليز فكان دائما يقول "أنا أقوى من الانجليز" فكان ظنه أن الإنجليز لا طاقة لهم على قتال البر وأن قوتهم محصورة في البحر، وهو ما ردده مناصروه أن الإنجليز كالسمك إذا خرج من البحر هلك، فكان ينقصه أيضا الخبرة السياسية .

ولو عولجت أسباب الفرقة والانقسام بالحكمة لمضت الثورة على صراطها المستقيم ونجت البلاد من الاحتلال، فكانت الحكمة تقتضي بعد إجابة مطالب عرابي وصحبه ونزول الخديو على إرادتهم أن يعالجوا الشئون العامة بالأناة والتريث ليعملوا على توحيد الكلمة وإزالة الفرقة بينهم والخديوي إلا أن العرابيين اعتزموا خلع الخديوي وتحدثوا في هذا علنا وهذا يعد أقصى مظاهر التنازع والشقاق.