الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«البوابة نيوز» تُكرم محمود حامد.. عبد الرحيم علي: رفيق درب يحمل الكثير من الذكريات ونموذج صحفي جدير بالاحتفاء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أقامت مؤسسة البوابة، حفل تكريم للكاتب الصحفي محمود حامد على مسيرة عطاء امتدت لسنوات كان فيها نموذجا للصحفي الدؤوب الحريص على عمله الذي تفانى فيه بكل إخلاص ليعطى نموذجًا وقدوة لكل شباب الصحفيين. 

وحرص الكاتب الصحفى عبد الرحيم رئيس مجلس إدارة وتحرير البوابة، والكاتبة الصحفية داليا عبد الرحيم على تكريمه في يوم مولده لما بذله ومازال يبذله من مجهود للرقي بالعمل في مؤسسة البوابة نيوز مُتمنييْن له دوام الصحة ومزيدا من النجاحات. 

حضر الاحتفال كل من الكاتب الصحفي سليمان شفيق، والكاتب الصحفى إسلام عفيفي، مستشار التحرير، ولفيف من الزملاء الصحفيين في جو تسوده المحبة والوفاء.. قدم الاحتفال وأداره الكاتب الصحفى تامر أفندى مدير التحرير.
 

عادل الضوي

عادل الضوى: «أبومازن» الأستاذ

محمود حامد.. الأستاذ والمعلم.. واحد من «أسطوات» الصحافة المصرية.. المهني المدقق الصارم.. المناضل السياسى الصلب، بلا تشنج أو مزايدة، الصديق الحق.. الإنسان الذى يحمل قلب طفل.. المثقف الموسوعي.. عاشق السينما متذوقًا، وناقدًا، ومؤرخًا.
محمود حامد هو كل ذلك وأكثر، وفى كل ذلك هو الإنسان الجاد، الحاد قد يراه البعض، والحق فى رأيي، من خلال اقترابى منه، لما يقارب العقود الأربعة، فى تجارب وعلاقات سياسية ومهنية وإنسانية، أنه الصعيدى الواضح، الذى لا يعرف، ولا يقبل اللف والدوران ولا يستحسن أنصاف الحلول، أو أنصاف المواقف.
الجدية والوضوح المدخل الرئيس لشخصيته وعالمه، والرجل يأخذ نفسه بها، يلزمها وتلازمه، فى كل تعاملاته وعلاقته، حتى إنى فى كثير من المواقف والأحداث أشفق عليه، وأنا أراه يحمل نفسه ويلزمها ما فوق طاقته.
تلك الجدية والوضوح، ربما قاداه لمواجهات وتقاطعات، فى مسيرته المهنية والسياسية والإنسانية، ولكن فى ذات الوقت أكسبته تقديرًا واحترامًا وثقة، من كل من تعامل معهم، رؤساء ومرؤسين، قادة وزملاء وتلاميذ.
أتذكر هنا كيف كان محل تقدير وثقة خاصة من الراحلين الكبيرين خالد محى الدين ورفعت السعيد، مع علمهما بأنه قد يحمل رؤى وتقديرات مهنية أو سياسية قد تكون مغايرة لرؤيتهما، ومع ذلك يوكلان له مهام ومسئوليات على صعيد العمل السياسى الحزبي، أو المهنى الصحفى فى جريدة «الأهالي»، ودائما كان «حامد» على قدر تلك الثقة والمسئولية.
نعم الجدية وتقدير المسئولية والأمانة المهنية والأخلاقية، القيم الثابتة، الملازمة لمحمود حامد فى كل تعاملاته.. هكذا عرفناه.. وأثق أن الأصدقاء سليمان شفيق وعبدالرحيم على ومصطفى بيومي، وكل الزملاء والأصدقاء فى «البوابة» يتشاركون معى فى تلك الرؤية لصديقنا محمود.
وما يؤكد تلك الثقة وذلك التقدير الذى يحظى به من الصديق عبدالرحيم فى تجربة «البوابة» ومشروعها الطموح الرائد.
إن دور محمود حامد الفاعل والناجز فى «البوابة»، محل تقدير واحترام وعرفان منا جميعًا، فوجوده يشعرنا بالطمأنية والارتياح، فهو العين الساهرة الواعية المدققة، واليد المبادرة بالدعم والنصح، والخبرة المسخرة بتواضع ومحبة وتفان لخدمة الجميع، والحريصة على أن يخرج منتجنا الصحفى والإعلامى بشكل يليق بنا وبمؤسستنا ومشروعنا.
الصديق والرفيق العزيز محمود حامد.. دمت بخير وصحة وسعادة.. ودامت محبتك وصحبتك.. والقادم أجمل.

مصطفي بيومي

مصطفى بيومى: هذا رجل جدير بالحب

لسبب ما، لا أستطيع تحديده والبرهنة عليه، يذكرنى الأستاذ محمود حامد، دائمًا بالشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل، وعند الاستماع إلى رائعة «النهر الخالد»، بصوت محمد عبدالوهاب الملون المضيء، يغمرنى الشعور اليقينى بأن هذا الصحفى القدير المتمكن، المهنى الملتزم المنظم، لا بد أن يكون صعيديا خالصا؛ من أولئك الذين يحرسون جبال الحق والخير والجمال.
فى أعماقه مزيج بالغ العذوبة من القوة والرقة، لكن أولوية أى من هذين العنصرين رهينة بالطرف الآخر ومدى وعيه بمفاتيح الشخصية وثوابتها التى لم تعد شائعة منتشرة فى زمن الانهيار العظيم.
هذا رجل جدير بالحب والاحترام، وما أقل الجديرين بالحب والاحترام.

 

خالد حريب

خالد حريب: رجل المهام الصعبة

أخيرا يأتى التكريم المستحق، سنوات طوال والكاتب الصحفى والسياسى الملتزم محمود حامد صامدا كنخلة فى الصحراء، لن تراه إلا فيما هو جاد وعملى ومنجز على الأرض، لذلك كانت ثقة قيادات حزب التجمع- وهو واحد منهم- فى محمود حامد مطلقة، ويعتبره الكثيرون أنه رجل المهام الصعبة، لا يعرف التهاون ولا يعرف التأجيل ومن الصعب أن تقنعه بأى مبرر تسبب فى تعطيل ما تم الاتفاق عليه.
لذلك نحن أمام رجل من الزمن القديم، يعرف جيدًا ضرورة الورقة والقلم وترتيب الأولويات للوصول إلى الهدف المنشود، نحن أمام رجل كانت أولى خطواته فى الحياة الحزبية والصحفية فى مدرسة الالتزام الصارم، وهى مدرسة حزب التجمع المشهود لها، وكذلك مدرسة جريدة الأهالى الدقيقة والمنضبطة، والتى تشرفت بأن محمود حامد «أبومازن» هو واحد من أهم صناعها.
سنوات طوال وأبومازن يجوب مصر طولا وعرضا من أجل صيانة وترميم وتطوير البناء الحزبي، وإن كانت سلطته فى الصعيد كانت أقوى بحكم علاقته الوطيدة بقيادات الجنوب باعتبار جذوره الممتدة هناك، وبينما عقل حامد فى الصعيد إلا أن قلبه كان بمنطقة القناة، حيث كانت مدينة القنطرة شرق صاحبة ذكريات الشباب بحكم عمل والده هناك، لذلك يستطيع المتابع أن يقول وهو واثق بأن القائد السياسى محمود حامد هو كادر عابر للمحافظات وأن رؤيته للبناء تتجاوز التخندق الإقليمي.
هذه فرصة طيبة، وقد أحسنت مؤسستنا نبض قلوبنا «البوابة نيوز» عندما قررت الاحتفاء باسم وتاريخ المناضل والكاتب والإنسان محمود حامد، وإن كان هذا ليس غريبا على روح عمود الخيمة الصديق العالمى الباحث والمناضل عبدالرحيم علي، وإن كنت أتعشم أن تكتمل فرحتنا بهذا الاحتفاء ومجمع تلك الشهادات فى كتيب، حتى يتمكن محمود حامد من إهدائه إلى ولده النابة مازن ليقول له إنه يحبه، وأن حامد لم يضيع سنوات عمره سدى، لكنه أمضاها دفاعًا عما يعتقد بين رفاقه وأهله ملح الأرض اليسار المصري.
تعرفت على الأستاذ محمود حامد منتصف ثمانينيات القرن الماضى عندما كنت طالبا بالجامعة أدرس الصحافة وأعمل مراسلا لجريدة الأهالى من الإسماعيلية، تعرفت عليه ليس من موقع الصديق، ولكن من موقع التلميذ الذى يتعامل مع الأستاذ، لفت الدنيا ودارت وصارت إقامتى بالقاهرة وانتقل مقر جريدتنا من ٢٣ عبدالخالق ثروت إلى ١ شارع كريم الدولة وفى المقر الجديد لابد أن يبحث حامد عن أقرب مقهى لضمان جودة الشيشة، حامد لا يحب رائحة السجائر، لكنه شيخ طريقة مع الشيشة، وكانت قهوة التكعيبة المجاورة للمقر، هناك يمكن أن أقول إننا شربنا شايا يكفى كامل سكان وسط البلد، وهناك مصنع الأفكار الصحفية بل والمؤامرات الطيبة الحزبية، وصار أبو مازن صديقى الذى يسألنى كلما التقينا عن ابنتى «ليلى».
يسبقنى حامد فى العمر والمقام، وبالرغم من ذلك عندما صرخت ميادين مصر قبل يناير بسنوات مطالبة بالتغيير كان محمود حامد هناك أكثر شبابا من جيلى وأكثر حيوية، متواضعا يرفع اللافتة كمشارك فاعل ويرد على الهتاف كما طالب جامعي، وبينما الحال كذلك لا يعرف المشاركون فى تلك المظاهرات أو تلك الوقفات الاحتجاجية أن أغلب البيانات التى نقوم بتوزيعها فى الميادين هى من صياغة المنضبط الصلب محمود حامد.
أبو مازن.. هذه كتابة سريعة لا تعبر بشكل كامل عن اسمك وتاريخك فهل يساعدنى الزمن على كتابة أكثر شمولا، ربما لو عدنا إلى مقهى التكعيبة قد نجد هناك التفاصيل التى تحاول الاختباء فى زوايا الأيام الصعبة.
 

عبد الستار حتيته

عبد الستار حتيته: جندى مجهول فى بلاط الصحافة

عرف كثير من الصحفيين محمود حامد، منذ بدأ العمل فى المطبوعات العمالية، خاصة فى بداية الثمانينيات. وتعرف عليه البعض الآخر، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، أى بعد أن أصبح المحرك الرئيسى للصحيفة التى يصدرها حزب التجمع اليساري، بغض النظر عمن يتولى رئاسة تحريرها. 
كانت صحيفة الأهالى تتوسع، وتنتشر، وتنافس صحفًا معارضة أخرى. وأخذ محمود حامد ينقب عمن يصلح للعمل التحريري. لا فرق لديه بين من يأتى من مدينة صحراوية نائية، أو مدينة ريفية قريبة. المهم.. الفيصل للقدرة على إنجاز موضوعات متكاملة وصالحة للقراءة. بمجرد أن يستشعر فيك الحس الصحفي، يبدأ فى فتح عينيك على عديد القضايا الإنسانية التى تستحق الكتابة. إن الصحافة ليست مستنقعًا سياسيًا فقط. 
والأهم أنك يمكن أن تتعلم من محمود حامد- وفعل ذلك بشكل غير مباشر- كيف تتحول الموضوعات التى تهم الناس إلى عناوين رئيسية فى واجهة الصحيفة. ماذا يهم المواطنين؟ رغيف الخبز. ما مدى جودته؟ هل مناسب لهم أم لا؟ هل يشترونه من الفرن، مثل كثير من سكان المدن، أم يصنعونه من الطحين فى الريف؟ وما الأسعار؟ وهكذا.. هذه موضوعات سياسية، لكنها توضع فى قوالب حياتية تهم غالبية المصريين. 
أقول هذا لأنه بالنسبة لصحيفة حزبية، كانت دائمًا هناك عراقيل شتى. فكثير من مسئولى الحزب فى المحافظات، يظنون أن هذه المطبوعة ينبغى أن تمثل وجهة نظر كل منهم على حدة، بغض النظر عن اختلاف أذواق القراء. وبعد صدور الصحيفة يوم الأربعاء، تنهال الانتقادات من المحافظات على هذا الموضوع أو ذاك. ويجد محمود حامد نفسه فى غابة من رؤساء التحرير الصغار الذين لم يمارسوا العمل الصحفى من قبل، ناهيك عن رئيس التحرير الأساسي، الذى دائمًا ما يصاب بالرعب، ويترك مهمة الرد على مسئولى المحافظات لمحمود حامد.  
هنا فرق كبير بين ما يستحق الكتابة وما لا يستحق. وبين ما يستحق النشر وما لا يستحق.. فلا معنى لتخصيص نصف صفحة عن كلمة أمين الحزب فى المحافظة الفلانية. لا معنى على الإطلاق لمثل هذه الأحلام اليسارية! وبدلًا من ذلك، يبحث محمود حامد عن أصل الموضوع. إن كلمة أمين المحافظة تدور عن نقص مياه الشرب. هنا يبعث محررًا للتحقيق فى القصة. ويواجه المحرر رئيس مرفق المياه، ويأتى بأقوال الناس، وأسباب نقص المياه، وكميتها المفترضة، وغيرها من تفاصيل. 
مثل هذا التناقض بين جوهر العمل الصحفي، ورغبات مسئولى الحزب، كان محور النقاش لأيام. وبعدها انتقل محمود حامد، من مقر الصحيفة القديم فى شارع عبد الخالق ثروت، إلى مقرها الجديد فى شارع محمود بسيونى «أو كريم الدولة»، وانتقلت معه المشاكل الأسبوعية نفسها. ومع ذلك يجلس مع الصحفيين فى اجتماع الإعداد للعدد الجديد، للبحث عما يهم الناس، وللتأسيس للصحافة الحقة. 
لم يكن يبخل على أى صحفي. محمود حامد هو محمود حامد.. مرة رئيسًا لقسم التحقيقات، ومرة رئيسًا لقسم المحافظات، ومرة رئيسًا لقسم الأخبار. لكنه فى الحقيقة، كان هو، دون تغيير. أى أنه كان، تقريبًا، كل الصحيفة.. يحرر كل شيء، ويعيد صياغة الموضوعات، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو منوعات.. سواء أكانت تحقيقات أو أخبار أو مقالات.  
هو أول من يدخل المقر، وآخر من يخرج منه. إنه دينامو.. هو المحرك. لذا تراه يهدر ويزفر ويتنقل بين غرفة وأخرى؛ من غرفة رئيس التحرير إلى غرفة المونتاج، ومن مكتبه المتواضع، إلى مكاتب المحررين الكبار والصغار.. رغم أن الصحيفة كانت أسبوعية، إلا أنه لا يتوقف عن اللهاث وراء الوقت. وكلما اقترب يوم الثلاثاء، موعد إرسال أصل الصحيفة للمطبعة، كلما زاد غضبه وحرصه على إتمام كل شيء، ليكون على خير ما يرام.  
لقد كان فوق كل ذلك مدققًا أيضًا، ربما لكى يرد على منتقدى كل عدد من أعداد الصحيفة. كان يقوم بتعديل العناوين لكى تكون أقصر، ولكى تكون أكثر جاذبية. ويجادل رئيس التحرير. ويفعل ذلك أمام الصغار قبل الكبار.. لكى يتعلموا. لكى يتحملوا المسؤولية، وأكثر.. فمن أجل أن يرضى عن تمرير موضوع ما، لا بد أن تتحقق فيه الدقة والنزاهة والموضوعية، وإذا شعر أن هناك أى محاباة أو انحياز، تسمع صوته وهو فى نقاش محتدم مع رئيس التحرير، ومع كاتب الموضوع أيضًا. 
تحمس محمود حامد لعمل بعض المراسلين الأكفاء، ودفع بهم للتنقل بين المحافظات. لقد تمكن من توظيف شغف البعض بالاستكشاف. وعلى يديه استطاع كثيرون مقابلة كبار الملاك وصغار المزارعين فى الصعيد والدلتا، ومن الجلوس مع عوائل من ذوى أولئك الذين غدرت بهم أيدى الفساد والغل والإرهاب.. وفتح الأبواب واسعة لعمل موضوعات صحفية متنوعة، ودفع بعدد آخر لكى يغمس يديه فى المونتاج أيضًا، وليس فى الكتابة فقط.
منح محمود حامد كثيرين فرصة الاطلاع على الأعمال الصحفية، من بداية تكونها، إلى وضعها فى الأعمدة والقوالب، بجوار الصور.. كان يدور بعينيه على واجهات الصفحات بحثًا عن أى أخطاء، قبل الدفع بالنسخة إلى المطبعة. ورغم شقاء اليوم، لا يترك من كان ينهرهم أثناء العمل، إذ يجلس معهم فى الهواء الطلق لشرب الشاى والقهوة والمرطبات، وتبادل آخر الأخبار وآخر النكات أيضًا.
وبعد أن ظهرت موجة الصحف الخاصة، خلال السنين الماضية، كان عدد من القائمين عليها، من تلاميذ محمود حامد، فى التحرير وفى إعادة الصياغة، وفى المونتاج، وفى التدقيق، وغيره. لذا من حق كل من تعلم على أيدى محمود حامد أن يستغرب، وأن يتساءل: من المسئول عن ضرورة تكريم هذا الرجل الفذ. ومتى يتم الاحتفاء بهذا الجندى المجهول فى عالم الصحافة؟.
 

أبو بكر الديب

أبو بكر الديب: الراهب فى محراب العمل 

عرفته منذ سنوات تلامس العشر رجل لا يعرف إلا الجد فى العمل راهب فى محرابه لا يقدم عليه شىء مخلص له لأبعد الحدود.. إنه الأستاذ محمود حامد صاحب البصمة الصحفية المضيئة بالتأكيد لا ولن تكفى كلماتى فى وصف اجتهاده وسيرته ومسيرته فى بلاط صاحبة الجلالة فهو صاحب رؤية وإنتاج فكرى مهم للغاية ومنهل يستفيد منه كل من عمل معه ومن سيأتى بعده.. يطمح دائما إلى الإتقان والتفانى فى العمل يفرح دوما بما يسند إليه من مهمات أو أعمال حتى وإن كانت شاقة.
لن تسمح هذه السطور المعدودة بالطبع لسرد مناقب أو مزايا الأستاذ حامد ولا سيرته فى مجالات الصحافة أو العمل السياسى والحزبى ولكن نكتفى بالقول إنه محب لوطنه حتى النخاع مثقف مطلع مؤرخ للكثير من الوقائع والأحداث التاريخية المهمة بمصر والوطن العربي.
اليوم عيد ميلاد الأستاذ محمود حامد «أبو مازن» أحد أشبال الصحافة أيضا وقديما قالوا هذا الشبل من ذاك الأسد.. كل عام وحضرتك طيب يا عمنا وعمر مديد من السعادة والعطاء والعمل.
 

عادل عبدالرحيم

عادل عبد الرحيم: الأستاذ محمود حامد.. شكرًا

١٠ سنوات هى مدة وجودى فى مؤسسة «البوابة نيوز» الغالية على قلبي.. ومنذ أن وطأت قدماى «البوابة» وأنا أسمع اسمه يتردد فى كل ما يتعلق بالشغل المهنى «العالي».. فقد عرف عنه تدقيقه المتناهى فى العمل، وبعد التحاقى بالعمل فى المؤسسة بـ٣ سنوات كان أول تعامل مباشر بينى وبين الأستاذ محمود حامد وكان الظرف فى واقع الحال غير سعيد. 
والقصة أن أستاذ حامد كان معروفًا عنه أنه سريع الانفعال، وكان بمجرد أن يواجه موقفًا يراه غير متوافق مع خبرته الصحفية تظهر عليه علامات التأثر الشديد.. فوجدته يكتب قرار انسحابه من العمل على جروب الأخبار، وهنا وجدتنى مدفوعًا بالتحدث إليه للمرة الأولى فى أمر غير طبيعي. 
وحتى لا أطيل على القراء.. أرسلت للأستاذ محمود سطرين لا أكثر.. قلت له فيهما: «هل يجوز أن تتخذ قرارا بترك العمل لمجرد خلاف فى وجهات النظر أو رفضك لشيء ما رغم أن د. عبد الرحيم على، رئيس مجلس الإدارة، يأتمنك على العمل وهو على سفر الآن».
والواقع أننى لم أكن أتصور أن تكون ردة فعله بهذه السرعة والإيجابية فلقيته يعود إلى ضالة الصواب فى الحال ويقول لى «عندك حق» لم يكن من الواجب اتخاذ قرار مثل هذا فى غياب الرجل الذى يأتمننا على المؤسسة. 
موقف آخر جرت أحداثه منذ عدة أشهر.. حيث أسندت لى مهمة عمل مشتركة بينى وبين الأستاذ حامد، وبعد مرور أكثر من شهرين على بداية العمل المشترك حدث عطل تقنى ما أخرنى عن القيام بمهامى فى هذا اليوم.. فأرسلت له الشغل متأخرًا وشرحت له أن ذلك بسبب مشكلة فى الجهاز الذى أعمل عليه. 
ثم غادرت مقر العمل وتوجهت إلى منزلى لأفاجأ وأنا فى منتصف الطريق برقم هاتف الزميل الفاضل مدير مكتب الأستاذة داليا عبد الرحيم، رئيس التحرير، ووجدته يبلغنى الاعتذار عما واجهتنى من مشكلة وأنه يتم التحقيق فيها لمنع تكرارها.. ولوهلة أبديت استغرابا واندهاشا: مشكلة إيه أنا ما بلغتكمش بحاجة.. فوجدته يقول لي: أستاذ حامد عبر عن انزعاجه لوقوع هذه المشكلة معى لأنها عطلتنى عن العمل واضطرتنى للتأخير.. حتى إن رئيس التحرير طلبت تحقيقًا فوريًا فيها لحلها ومنع تكرارها. 
وهنا انتابتنى حالة بالغة من السعادة والرضا لاهتمام الرجل بهذه التفصيلة اليسيطة.. فما قام به الأستاذ حامد انما يعبر عن أخلاقيات جيل «الصحفيين المرابطين» ان جاز لى التعبير، فشكرًا أستاذ محمود وكل عام وحضرتك بخير وعقبال ١٠٠ سنة صحة ورزق وسعادة.
 

سليمان شفيق

سليمان شفيق: خبيئة تجمع بين ملوحة البحر وعذوبة النهر


خبيئة تجمع بين ملوحة البحر وعذوبة النهر، الرابضة فى عمق الجنوب القوصى ترتوى من عبق الحضارات الفرعونية والبيزنطية واليونانية، تفيض ضحكتة مثل موج النيل «الصدبق مسمى لشخص معك فى كل الظروف وليس حسب الظروف».
مر من عمرى ٧٠ عامًا تمتد من طفولتى حتى شيخوختي، وصدق أو لا تصدق أن هناك صداقة قضيت فيها ٤٧ سنة أى ٦٧٪ من العمر، تلك رفقتى وصداقتى للأستاذ محمود حامد، أو كما يقول الشاعر محمود درويش: «لم يعد هنالك وقت لننسى الألم، كبرنا فجأة والعمر مرّ سريعًا».
الكاتب الصحفى والباحث الرصين محمود حامد شفيق زهرة من زهور العمر يفوح عبيرها الطيب فى ثنايا الوطن وتفاصيله، تاريخ من العطاء دون مقابل للوطن والتجمع والصحافة والبوابة والأصدقاء والتلاميذ، ليبقى الرصيد الزاخر بمحبة القلوب وتراث محمل بعوامل الرفعة والمهنية والموضوعية والتجرد، كل سنة وحضرتك طيب وبخير وعمر مديد ملؤه الصحة والسعادة والتألق. 
فى الدور التاسع مقر الاتحاد الاشتراكى القديم على النيل كان اللقاء الأول أبريل ١٩٧٦، شاب طويل ونحيل يحمل جمجمة فرعونية ذات عينين واسعتين مثل وجوه الفيوم وسحنة وصرية تجمع ما بين أعالى البحر فى العريش وعمق النهر فى قوص، تعارفنا فى مقر منبر اليسار حينذاك، ساعات اكتشفت الخبيئة التى تجمع بين ملوحة البحر وعذوبة النهر، الرابضة فى عمق الجنوب القوصى ترتوى من عبق الحضارات الفرعونية والبيزنطية واليونانية، تفيض ضحكته مثل موج النيل، والشفتان شاطئان، والأسنان صخور تتوسطهما، تصطدم بهما ضحكاتة فتعود كلماته إلى شط الحديث، عيناه منيرتان واسعتان كقنديلين من قناديل مصر القبطية، ينيران حوارنا.. لن تصدقونى إن قلت إننى لا أتذكر من حوارنا الأول الذى امتد لساعات سوى ضحكات من القلب، ونقاء روحى، من شاب قادم إلى المنبر من مجلة صباح الخير وروز اليوسف، من هنا كانت البداية التى امتدت من المنبر ١٩٧٦ حتى البوابة ٢٠٢٣. 
لم يكن هناك من محترفين فى مقر الحزب سوى أنا ومحمود، وكان الحزب هو المنبر الذى يعلن من فوقه صرخته الأولى نحو الحرية والاشتراكية والوحدة، ومن معركة لأخرى استقت رفاقتنا بطعم النضال مع الزعيم خالد محى الدين والمفكر رفعت السعيد، ولن أنسى أول رفقتى الصحفية مع الزميل محمود حامد. 
حيث كتبنا أول أخبار صحفية فى نشرة «التقدم» التى كانت لسان حال منبر اليسار، والتى كان يرأس تحريرها نقيب النقباء حسين فهمي، وأذكر محمود حامد فى يونيو ١٩٧٦ وهو يحمل مع البطل كمال رفعت أول عدد من التقدم نحو مقر المنبر، وكيف امتد علينا قهر السادات ولم يبق سوانا أنا ومحمود، وينتقل المقر إلى المقر الحالى فى طلعت حرب ويلقى السادات القبض على الآلاف من زعضاء الحزب.
لذلك فى عيد ميلاده الذى يتزامن مع الذكرى ٤٧ لتأسيس «التجمع» والعاشرة من تأسيس «البوابة نيوز» لابد أن نتوقف أمام أحد أعمدة الإدارة السياسية بدأ من المنبر وحتى الحزب كنت معه أول المتفرغين فى الدور التاسع بمقر الاتحاد الاشتراكى على الكورنيش.. دينامو وكاتم أسرار وأول سكرتير تحرير لنشرة التقدم لسان حال الحزب قبل صدور الأهالى والبديل عنها فترة مصادرتها وبعد أن انتقلنا لمقر طلعت حرب أستطيع أن أشهد أن بصمات حامد فى كل مكان بالمقر وكان أول مسئول لشئون المقر والمشرف على المطبعة، وفى كل مرة هاجم الأمن المقر وأغلقة كان حامد يسرع لمكتب الأستاذ شحاتة هارون المحامى ويكتبان بيانًا ويوزعانه على كل الوكالات ويفتح المقر من جديد ويظل حامد هو الحارس الأمين والساهر الدائم. 
منظم ومفكر متواضع.. لا يتنازل عن الحق حتى لو على حساب نفسه.. عشنا أجيالا وراء أجيال من رجال المقر أنا وغبريال زكى ومحمد سعيد وعادل إبراهيم ومها عفت وبقى محمود حامد عمود الخيمة.
كان صاحب فكرة المؤتمر العلمى للحريات التى أثنى عليها خالد محيى الدين ووافقت على الفكرة الأمانة المركزية القيادة اليومية للحزب آنذاك. واختير الدكتور محمد نور فرحات رئيسًا للمؤتمر ومحمود حامد أمينًا للمؤتمر وكان لانعقاده صدى كبير وشاركت فيه نخبة من أساتذة القانون والعلوم السياسية بالجامعات المصرية وقيادات الأحزاب السياسية على اختلاف ألوانها.. وتقدموا بأبحاث دارت حولها المناقشات وقد انعقد المؤتمر مرتين، ناقش فى إحداهما قضية دستور جديد للبلاد، وناقش فى المؤتمر الثانى قضية ضرورة إنهاء حالة الطوارىء التى كانت دائمة فى البلاد.
وقد لا يعرف كثيرون أن كتاب الأهالى صدر بناء على اقتراح تقدم به محمود حامد ووافق عليه مجلس إدارة الأهالى، وهو ما ورد فى وثائق المؤتمر العام الثانى للحزب
كما كان مهتمًا بقضايا الثقافة والفن ونظم بالاشتراك مع زميلته أمينة النقاش ندوة كل أسبوعين لمناقشة كتاب يعرض قضية مهمة.
بدأ عشقه للصحافة منذ بدايات دخوله المدرسة الابتدائية فانضم لجماعة الإذاعة المدرسية والصحافة المدرسية، وفى المرحلة الإعدادية حصل على جائزة أفضل موضوع تعبير وقد كتبه عن زيارة صحفى لمعسكر اللاجئين الفلسطينيين فى مدينة رفح المصرية «كانت مرحلة تعليمة الإبتدائية وحتى الثانوية فى محافظة سيناء بقرية مزار القريبة من العريش وفى مدينة القنطرة شرق التى كانت تابعة لسيناء قبل انتقال تبعيتها للإسماعيلية، حيث كان والده يعمل رئيسًا لهندسة السكة الحديد بسيناء وقطاع غزة».
فى المرحلة الجامعية، وكانت فى جامعة الإسكندرية، تدرب فى مكتب روز اليوسف، وكان يحضر كل أسبوعين بشكل منظتم ليلتقى بالطلبة المتدربين الكاتب الصحفى عبد الستار الطويلة الذى اختاره ليتولى إدارة مكتب المجلة «حيث لم يكن يتواحد بالمكتب آنذاك فى الستينيات أى صخفى من روزا». كما اختاره لتغطية زيارة رئيس وزراء الاتحاد السوفيتى للمدينة. 
وبعد انتهاء فترة التجنيد، عاد للتدريب فى روز اليوسف بشارع قصر العينى، وشجعه الكاتب الكبير على تقديم أخبار لباب «أسرار الأسبوع» وعمل تحت إشراف عبدالستار الطويلة بمجلة صباح الخير وأرسله لإعداد تحقيق صحفى عن التعمير فى مصر وقد نشر فى مجلة روزا على ٤ صفحات واستمر فى العمل حتى أحداث ١٨ و١٩ يناير ١٩٧٧ وجاء السادات بالكاتب مرسى الشافعى ليتولى مسئولية روزا، وكان أول قراراته الاستغناء تمامًا عن المتدربين اليساريين.
انضم منذ البداية لحزب التجمع، وعمل ضمن أمانة التنظيم بمقر الاتحاد الاشتراكى على الكورنيش وعاصر فترة عصيبة عندما منع مصطفى خليل الكهرباء عن الحزب حتى لا يتمكن من طباعة البيانات ومع ذلك صدرت التقدم وتمكن الحزب من طباعتها بمعاونة كمال الدين رفعت المتحدث الرسمى باسم الحزب.
وتولى مسئولية إدارة مقر الحزب فى شارع كريم الدولة بوسط البلد بعد أن اختاره خالد نحيى الدين ود.رفعت السعيد مفوضًا باسم الحزب ليتسلم المقر الحالى وكان الحارس الأمين طوال عدة مرات اقتحم خلالها الأمن المقر وصادر مطبوعاته ومطابعه. 
ثم تفرغ للأهالى وكان أشهر سكرتير تحرير للجريدة التى أعطاها وأعطته الكثير وتولى أيضا رئاسة قسمى الأخبار والتحقيقات، وكان الزملاء يطلقون عليه دينامو الأهالى وعاصر العمل مع معظم رؤساء التحرير بداية من حسين عبد الرازق حتى فريدة النقاش.. وعمل لفترة عامين سكرتيرًا للمجلس المصرى للسلام.
وفى الحزب، تولى أمانة لجنة الدفاع عن الحريات، وهو الذى تقدم باقتراح اعتبارها لجنة أساسية من لجان الحزب وقد وافق المؤتمر العام الثانى على اقتراحه بالإجماع، وكانت تلك اللجنة أول لجنة على مستوى مصر، وقبل أن تظهر لجان مماثلة لها فى نقابة المحامين ونقابة الصحفيين وقبل منظمات مجتمع مدنى عديدة ظهرت بعد ذلك فى المجتمع، كما أنتخب أمينًا عامًا للعمل الجماهيرى وأسس أشكالًا متعددة للعمل فى هذا الإطار.
كما اختاره خالد محيى الدين ممثلًا شخصيًا له كنائب رئيس مجلس السلام العالمى، لحضور تفجير أول رأس نووى بناء على اتفاق ريجان جورباتشوف، وكان العربى الوحيد الذى حضر التفجير فى جمهورية كازاخستان التابعة للاتحاد السوفيتى آنذاك.
كانت الصحافة حينذاك صناعة ضمير وليست صناعة رأى عام فقط، ترأس مجلس إدارة الأهالى فرسان من أعضاء الضباط الأحرار «خالد محيى الدين ولطفى واكد» ومن أبرز مؤسسيها: الشاعر الكبير عبدالرحمن الشرقاوى، وصلاح حافظ، حسن فؤاد، محمد عودة، عبدالغنى أبوالعينين، عبدالمنعم القصاص، سعد هجرس، حسين عبدالرازق، محمد سيد أحمد، صلاح عيسى، محمود المراغى، سعد الدين وهبة، فريدة النقاش، أمينة شفيق نجاح عمر، يوسف القعيد، جمال الغيطانى، من كل هؤلاء رضع محمود حامد  المهنية والوطنية.
كتبنا ودفعنا الثمن سجن وفقر وتشرد ومنافى، لم يبع أحدنا قلمه لإعلان أو لسلطان أو رجل أعمال.. والآن سلمنا الراية لمن يستحق، لأن صاحبة الجلالة كالبحر يلفظ نفايته تطفو على السطح، أما اللؤلؤ فيظل فى القاع، ومن اللؤلؤ يتجلى لنا محمود حامد. 
صداقته بالدكتور عبدالرحيم على ممتدة منذ زمن طويل، ولا أنسى له فى إحدى دورات اللجنة المركزية لحزب التجمع، جاء خصيصًا عبد الرحيم على وأعلن بصوتٍ جهورى: «جئت أدعم صديقى وزميلى محمود حامد مرشحًا لأمانة لجنة الحريات»، وكثيرة هى المواقف التى وقف فيها بجانبه، ودائمًا يثبت علاقة عبد الرحيم على معنا وخاصة محمود حامد أنه يحمل قلب إنسان وعقل حكيم وإرادة مناضل لا يلين.
ومن التجمع الى طوال سنوات عمله بـ«البوابة»، اكتسب صداقة ومعرفة زملاء أعزاء، على مدى سنوات طويلة مضت من العمر، دون كللٍ أو ملل.. كنا وما زلنا نحفر من سنى العمر محبة وعملا مشتركا.
 

تامر أفندي


تامر أفندى: «شغل وعشرة»

كانت جريدة «البوابة» آنذاك قبلة المحررين الصحفيين، لأنها مؤسسة ولدت كبيرة وقوية وكل المؤشرات المهنية كانت تدل على أنها ستستمر، وبعد عناء المحاولات فى مواقع وصحف كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة، تقدمت للعمل فى قسم الديسك بجريدة «البوابة نيوز»، وكانت من أفضل فترات العمل فى حياتى لأن المجموعة كانت منتقاة جيدًا، أخلاق ومهنة وحب بين الجميع، كان الأستاذ محمود حامد، نائب رئيس القسم ثم رئيسا للقسم، توطدت علاقتنا نحن مجموعة الشباب به إذ إنه لم يكن من هؤلاء المديرين الذين يعطون أوامر، بل كان يعمل بيده ويقرأ بدقة ويوجه بمحبة وعشم، يعمل بكل طاقته وينهمك فى العمل ويتابع كل شىء، يعاتب على قدر الحب، وكنا نقدره جميعا لخبرته وسنه، ومعروف لدى الجميع كم المعارك المفتعلة فى بلاط صاحبة الجلالة، والتى تتطور أحيانا إلى ما يشبه لعبة الكراسى الموسيقية، لكن الرابح فى النهاية هو الحريص على عمله والذى يؤديه فى أحسن صورة، لم ار يوما طيلة عشر سنوات أو أكثر الأستاذ محمود وهو فاتر العزم أو متكاسل أو يشكو من ثقل العمل أو ينشر الإحباط بين الزملاء، لكن حتى فى الأوقات التى لو فعل ذلك سيكون له عذره كان يعمل بكل طاقته، فمتعته كانت وما زالت فى العمل، وإنى كنت أتعجب حينما أراه عائدا من التأمين الصحى يتصبب عرقا ومعه شنطة الأدوية، فأساله مندهشا: ليه ما رجعتش على البيت يا أستاذ محمود؟ فيجيب وهو يمزح معي: عندى شغل يا زعيم مهم.. بينما كان يشكو شباب فى بداية عملهم الصحفى من الشغل.
ربطتنا محبة شخصية بجانب صداقة العمل جعلته يفتح لى قلبه ويحكى لى الكثير والكثير عن سنوات حياته وعمله والمواقف التى تعرض لها، وكان فى آخر كل جلسة يوصينى على مازن، ذلك الفتى الذى يسكن قلب أبيه، فدائرة الحياة بالنسبة له هى العمل والتفكير فى مازن ومستقبله ومتابعة أدويته، حتى إن الابتسامة التى تشعر بأنها خرجت من قلبه تكون خاتمة لجملة ذكر فيها اسم مازن، ولكم أوصانى الدكتور عبد الرحيم على دوام السؤال والاهتمام على الأستاذ محمود وهو يقول لي: «أخبار عمك محمود إيه ما تزهقوش واعمل له اللى هو عايزه».
وفى الحقيقة إن الأستاذ محمود شخص طيب، لكنه فى بعض المواقف عصبي، ومن لا يعرفه جيدا يحكم عليه من عصبيته التى سرعان ما تزول، والتى لها دوافعها من مشوار فى الحياة لم يكن سهلا بل كان شاقا ومجهدا وتحمله الرجل فى صبر وكفاح ودأب وما زال يواصل السعى حتى يطمئن على ابنه مازن الذى سخر له حياته، ولقد رأيت الصورة كاملة صورة الأستاذ محمود فى العمل ومشوار عم محمود فى الحياة، فلم يحدث بيننا أى خلاف طيلة سنوات العمل بل تحملت انفعاله كابن وتحمل هو اندفاعى كأب وأكاد أكون الوحيد الذى يتحمله فى غضبه دون أن يسبب بيننا ذلك جفاء، وأنا أدرك ذلك جيدا وأقدره له؛ لذلك إذا احتاجنى فى أمر وجدنى بجواره دون تردد، فما بيننا ليس عملا فقط وعيش وملح وتقدير للكبير مهما اختلفت الآراء.
يحسب لعبد الرحيم على أنه أكد لى على تعليم درس الوفاء بما فعله ويفعله كل يوم مع رفقاء دربه، وذلك الحب الذى قلت له يوما عنه ربما يكون من أسباب رزقك أنك الوحيد القادر على توزيع الحب لمن حولك بالتساوي، ففى سفره وانشغاله الكبير قال لى لابد أن تحتفوا بعمك محمود.. ده تاريخ يا بني، ثم عاود التأكيد عليّ مرة ثانية: قل للزملاء فى البوابة أقل تقدير إقامة تكريم للأستاذ محمود يحضره الجميع، وها نحن جميعا نحتفى ونكرم واحدا من أساتذتنا الكبار فى «البوابة نيوز»، احتفاء يليق بمسيرة طويلة من العطاء، احتفاء تلاميذ بأستاذهم، وأبناء بأبيهم الذى يعمل بجانبهم كتفا بكتف فى بيتنا البوابة الذى نأمل أن تستمر فيه روح المحبة بين الجميع، فكبيرها أدارها بالحب فنجحت واستمرت وستستمر بهذا الحب وذلك التعاون وتلك الروح الطيبة بين الجميع.
وفى النهاية أنا واحد من الذين لا يتخليون البوابة دون كبارها، فهم كشجر النخيل خلف ديارنا لا معنى للمكان بدونهم.. ظل وثمر ونسيم هواء.

عماد فؤاد

عماد فؤاد: الريس حامد.. صاحب الفضل

هذه فرصة انتظرتها طويلًا لأرد به جزءًا من جميل أحد أبرز من ساهموا فى تشكيل وجدانى الصحفى والسياسي، منذ دخلت جريدة «الأهالي» متدربًا قبل أكثر من ٣٠ عامًا، مع سنوات دراستى الأولى فى الجامعة. 
بدأت وأنا أتعامل مع الجميع باعتبارهم- من حيث المبدأ- أساتذة كبارا، ومن بينهم من سبقنى إلى المكان بعدة شهور فقط، وسريعًا بدأت عملية «الفرز والتجنيب»، ويومًا بعد الآخر بدأت فى اكتشاف قدرات وإمكانيات كل هؤلاء «الأساتذة»، وتقلص عدد الأساتذة عن جد، على رأى الأشقاء فى بلاد الشام، واحتفظ البعض بمكانته لدي، وفقدها آخرون، وزادت مكانة البعض الآخر، وكان على رأس هؤلاء الأستاذ محمود حامد، وأعتبر نفسى من المحظوظين الذين تتلمذوا على يد هذا المعلم الكبير. 
رفقة الأستاذ «حامد» فى العمل تترجم عمليًا معانى الصفات الثلاثة لمهنة الصحافة.. «مهنة البحث عن المتاعب، والسلطة الرابعة، وصاحبة الجلالة»، فهى مهنة المتاعب من أجل الحصول على الخبر والكشف عن الحقيقة، أينما كان الحدث، فى أى ظروف، ومهما كان الثمن، وهى السلطة الرابعة فى المجتمع بعد السلطات الثلاث «التشريعية والتنفيذية والقضائية» الحاكمة فى أى دولة فى العالم، لأنها تمنع البعض عن ارتكاب المخالفات، وتدفع أحيانًا لتعديل بعض القوانين أو سَنّ تشريعات جديدة لتنظيم حياة المجتمع.
ويبقى لقب «صاحبة الجلالة» هو الأفضل والأهم لتلك المهنة رفيعة المقام، لأن المجتمع من خلاله يتوِّجها بوسام الفخر والاعتزاز، ويمنحها الرفعة والرقى بين كل المهن.
كان الأستاذ محمود حامد ينبهنا دائمًا أن هذه الصفات الثلاث بقدر ما تُعد تشريفًا للصحافة، فهى أيضًا تكليف لكل صحفى بنقل الحقيقة كاملة بكل صدق وشفافية وتجرُّد، وعلى من لا يستطيع الوفاء بالتكليف أن يتنحى جانبًا لمن يملك الإرادة أولًا والقدرة ثانيًا على الالتزام.
على الجانب الأخر ففى كل المواقع القيادية التى تولاها الأستاذ محمود حامد فى حزب التجمع كأحد مؤسسيه، أو فى جريدتى «الأهالي» و«أوراق عمالية» الصادرتين عن الحزب، كان يؤدى دوره بما يتفق تمامًا مع ما وضعه الأمريكى «جاك ويلش»، وهو من الشخصيات التى دخلت علم الإدارة من أوسع أبوابه، بتجربته الرائدة فى شركة «جنرال إليكتريك»، وكان له الفضل فى تحويلها من شركة صغيرة إلى شركة عملاقة للخدمات والمنتجات الثقيلة. وتمكن بفلسفته الإدارية من زيادة قيمتها السوقية من ١٢ مليار دولار فى عام ١٩٨١ إلى ٢٨٠ مليار دولار عام ٢٠٠١، وصنع واحدًا من أهم النماذج الإدارية الناجحة فى العالم، التى تدرّس اليوم لكل المهتمين بالإدارة والقيادة.
تجربة «ويلش» كان عمودها الفقرى ما أطلق عليه فى ما بعد نموذج «٤E للقيادة»، الذى تضمّن الصفات الأربع للقائد الاستثنائى وهى:
١ - يتمتع بالطاقة والنشاط المتّقد بشكل يفوق ما لدى الآخرين، وينهض كل صباح بحماسة شديدة لمتابعة أعماله. ويتحرك بسرعة ٩٥ ميلًا فى الساعة، فى عالم سرعته ٥٥ ميلًا فى الساعة.
٢ - يعرف كيف يحفّز الآخرين ويدفعهم للإنجاز، ويضع الرؤية ويدفع الأفراد للعمل، بناءً عليها.
٣ - يتمتع بروح التحدى والحزم، ويعرف كيف يصنع القرارات الصعبة، ولا يسمح لدرجة الصعوبة مهما بلغت أن تقف حائلًا بينه وبين تحقيق أهدافه، ولا يتردّد فى صناعة ما يطلق عليه قرارات «الحياة والموت».
٤ - تنفيذى يفعل ما يقول، ويعرف كيف يحول الطاقة والحماسة إلى أفعال ونتائج، ويعرف جيدًا كيف ينفذ ذلك.
بهذه الصفات كان الأستاذ «حامد» يقود فريق العمل- أى فريق عمل- وكان ينجز فى أوقات صعبة ما يعجز غيره عن إنجازه رغم توافر فسحة الوقت، وهو أحد الكبار الذين وضعوا جريدة «الأهالي» فى مصاف أهم الصحف فى مصر، وتأسيس مدرسة صحفية يسارية تحظى باهتمام واحترام الخصوم قبل الأصدقاء.
من أهم «الخصال» التى ألصقها بى هذا المعلم، ما اعتدته من الوصول لمكان العمل فى الموعد المحدد لذلك، ولا أغادر إلا بعد الانتهاء من التكليفات الموكلة لي، دون الوقوف أمام موعد الانصراف، وبهذا منحنى ما ميزنى فى كل الأماكن التى عملت بها، ومن خلاله أيضًا مررت على كل فنون العمل الصحفى فى كل الأقسام «الأخبار والتحقيقات والديسك.. وحتى سكرتارية التحرير»، ما أكسبنى خبرات قل ما تتوافر للكثيرين، ودائمًا أذكر له الفضل فى ذلك، كما أضرب به المثل لشباب الصحفيين علهم يستلهمون سبيل النجاح. 
أشكر الصديق سليمان شفيق الذى أعطانى شرف الكتابة عن واحد من أبرز " أسطوات " الصحافة فى مصر، وكل التقدير  للصديق عبد الرحيم على و«البوابة» على منحنا فرصة الاعتراف لأصحاب الفضل بأفضالهم، وكل الاحترام والإعزاز للأستاذ محمود حامد أو «الريس» كما كنا نناديه.

ياسر الغبيري

ياسر الغبيرى: «الدينامو» و«الخال» و«جيل الشباب» ومسيرة الكفاح

كنا أطفالا صغارا فى بلدتنا، حينما كنّا نسمع كلمة فلان «زى المكوك»، وكلمة «مكوك» كانت تطلق على كثير الحركة والنشاط، فيقال فلان «زى المكوك» يطوى الأرض طيا، يجرى من اليمين إلى اليسار، لا يترك شاردة ولا واردة للظروف، يده فى كل شيء، يلاحظ ويتابع، ويبادر، ويقود، يخطيء مرة ويصيب مرات، وهذا شأن كل مِقدام يقف على رأس الصفوف، ويتقدم الجماعات.
كبرنا، وجرى بنا العمر، وتغيرت الدوائر والأشخاص، وبدأت تظهر كلمة جديدة فى قاموس العمل وهى كلمة «دينامو»، وهى الأكثر دلالة على ما يقوم به ذات الشخص، فالدينامو هو المحرك، المحفز المولّد، وكلها معانً تدل على أنه شيء يبعث النشاط والحركة والطاقة فى أشياء أخرى، أو أشخاص محيطين، أو دائرة عمل، وهذا ما يحدث دائما.
وسواء راقتك مقولة «مكوك»، أو حبّذت كلمة «دينامو»، فالأمر سيان، والمعنى واحد، والمقصود جلّى ولا يخطئه من كان له عقل، فالنشاط والحركة والسعى والإقدام والمثابرة والإيمان بالعمل وتقدم الصفوف، وتحفيز الآخرين، صفات تجدتها كثيرا فى صفوف الشباب، ولكنّى وجدتها لدى رجل تجاوز السبعين من عمره بسنوات، وجدتها لدى أستاذ حولة شباب كثر، يكفيه أن يسأل أى منهم أمرا مهنى فيجاب على الفور، وأن يطلب فيلبّى الطلب، ولكنه آل على نفسه إلا أن يكون فارسًا دوما، لا يترك ميدان المعركة، يناور ويصول ويكر ويعود، ليصبح مثالا لمن حوله لا يستطيعون معه إلا التأمل فى هذا الإصرار والنشاط والإعجاب به.
حينما بدأت العمل بشكل مباشر مع الأستاذ محمود حامد، كنت على وشك تنفيذ ملف صحفى عن الشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودي، وكانت الظروف المادية صعبة لدينا نحن أصحاب الفكرة، من نريد تنفيذها، فنحن نحتاج السفر لأكثر من محافظة خارج القاهرة والجيزة، ونعمل على جمع مادة لملف تخطى الأربع عشرة صفحة تليق باسم الخال، وكاد الأمر أن يتوقف، والعمل أن يؤجل لأننا لم نكن حينها، نملك تكاليف السفر وخلافه، وإذا به فى ذات اللحظة التى أخبرته بالأمر- وكان حينها مديرا لتحرير الجريدة الورقية- يخرج مبلغا من المال، ويقول لى هذا ما أستطيع المشاركة به معكم من راتبى الشخصي، أعانكم الله ووفقكم، لا توقفوا العمل، وأنا واثق أنكم ستنجزون شيئا يستحق العناء والثناء.
هذا الأمر يكشف لك عن رجل ينفق من جيبه الخاص لأجل العمل وإن استرد ما أنفق، فالأمر هنا أكبر من الجنيهات، الأمر هنا فى الإيمان بالعمل والشباب، الأمر هنا أن ردة فعله كانت مباشرة دون تفكير.
خرج الملف للنور كأروع ما يكون، وطلبت السيدة نهال كمال زوجة الخال الأبنودى أن يحضر فريق العمل فى هذا الملف إلى منزل الخال فى الإسماعيلية لنفطر سويا ونقضى سهرة رمضانية فى حضرة الخال ومعيته، عرفانا وشكرا على ما صنعت أيدينا، وكان معنا حينها الأستاذ محمود حامد «الدينامو»، شعرت بفخره بما صنعت يد الشباب، وشعرت أنه سيعد بدعمنا ودعم العمل، وأنه لم يتردد للحظة، وقبلها كنت أشعر بفرحته وسعادته مع كل حلقة تنشر من الملف، وكأنه فى هذا التوقيت عثر على بغيته، عثر على فريق من الديناموهات، الذين يمكنه الاعتماد عليهم فى الملفات الخاصة، الموضوعات العاجلة، والعمل المخلص الدائم الدءوب. وكانت البداية مع «الخال» واستمر الكفاح والنجاح.
وفى عيد ميلادك، أتمنى لك دوام النشاط والطاقة، وأقول لك بقصد منك ومنهم أو بدون، هناك جيل من الشباب ينظر إليك على أنّك النموذج والمثال الذى يجب أن يحتذى به فى العمل الجاد والدءوب دون تأفف أو كلل، إيمانا بأن العمل هو الحياة.