الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

حميد عنايت يكتب: إيران.. ثورة شعب.. الرغبة في التغيير تنتصر على الخوف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هاهى أكثر من ستة أشهر تمرعلى اندلاع الثورة الإيرانية. فقد كان الكثيرون فى العالم ينظرون قبل هذه الثورة إلى نظام الملالى فى ايران على أنه نظام قوى وثابت. ربما يكون عرض المرشد الأعلى للقوة قد أثار إعجاب البعض: برنامج نووى، صواريخ باليستية، عمليات حربية فى الشرق الأوسط، إرهاب حتى على الأراضى الأوروبية.. فالقائمة طويلة من الترهيب الذى يمارسه نظام الملالى على العالم. ومع ذلك، فان انتفاضات الأشهر الستة الماضية أظهرت بوضوح الإرادة الشعبية للإطاحة بالطغيان. ومن الآن فصاعدًا، لن تصبح صورة الجمهورية الحرة والديمقراطية فى إيران كصورة المدينة الفاضلة.
وشيئًا فشيئًا، سوف تترسخ الديمقراطية فى الأذهان سواء داخل البلاد أو خارجها.. إن التعذيب والقمع والإعدامات هى قوة الضعيف، وهى قوة غير المرن وقوة العاجز عن التفكير فى تقاسم السلطة.. تلك السلطة التى يعتقدون أنهم يستحقونها بموجب أمر إلهى.. لقد شهد العالم كله بأن هذا النظام لا يبحث عن حل ولا يريد حوارًا ولا يحدد أى خطوات لجعل نظامه أكثر مرونة. فى الحقيقة أنه ليس لديه أى حل سوى السقوط فى هاوية كراهيته للجنس البشرى؛ لقد فقد القمع فعاليته الاجتماعية التى كان يتمتع بها من قبل كما تراجعت قيمة العملة الإيرانية بأكثر من النصف منذ بداية الانتفاضة فى سبتمبر٢٠٢٢. وقد أدى القمع المتزايد وسياسات النظام الاقتصادية الكارثية والفساد، إلى خلق فجوة بين الشعب الإيرانى والحكومة الدينية الحاكمة. واليوم، أصبحت قضية الحرية فى قلب صراع بين جبهتين متعارضتين: الشعب الإيرانى من جهة، والنظام وداعموه من جهة أخرى، ذلك النظام الذى يسعى دائما إلى البقاء فى السلطة، بأى ثمن، حتى لو كان ذلك يعنى القضاء على شعبه. يستمر النظام فى سحق الانتفاضة بقتل مئات المتظاهرين الشباب وإعدام السجناء السياسيين وممارسة التعذيب. حتى الآن، لقى أكثر من ٧٥٠ شخصًا حتفهم تحت ضربات الجمهورية الإسلامية، بينهم أسماء ٦٦٤ من الذين سقطوا من أجل الحرية.
ومع ذلك، لم يفلح السلاح كما أفلح فى الماضى. والدليل على ذلك مدة الثورة التى قادها الشباب (وخاصة الشابات رغم محاولات القمع الوحشية غير المسبوقة). فقد أظهر المتظاهرون قدرة على تحمل الضربات بشكل لم يسبق لها مثيل من قبل. صمود دفع المرشد الأعلى إلى معاقبة الفتيات حتى داخل المدارس، عن طريق تسميمهن، فى استراتيجية ميكافيلية تسمح له بإرضاء رغبته فى الانتقام من النساء وإرهاب السكان. الحقيقة هى أن الرغبة فى التغيير قد انتصر على الخوف. ورغم الاشتباكات ورغم التعذيب ورغم القتلى إلا أن الناس مصممون على التخلص من الملالى.
لأول مرة تم تنظيم المقاومة إلا أن التغيير ممكن فقط من خلال قوة قتالية ومنظمة، خصوصًا إذا كان على هذه القوة مواجهة النظام الوحشى للملالى. وهذا ما تقوم به وحدات المقاومة المنتشرة فى أنحاء إيران بشكل حاسم. فهى وحدها الضامن لاستمرار الثورة. فقد أنشأها مجاهدو الشعب أعداء النظام اللدودون عام ٢٠١٣، ورغم القمع تزايدت أشكال المقاومة الأخرى، كتدمير رموز النظام. ففى خلال مهرجان النار التقليدى يوم الأربعاء الأخير من العام، أحرق الناس رموز النظام وأظهروا مرة أخرى تصميمهم وغضبهم تجاه الملالى ورغبتهم فى استرداد الحرية لإيران.
 


فقد أكثر من ١٢٠.٠٠٠ شخص حياتهم فى الصراع ضد الملالى. منهم ٣٠ ألف سجين سياسى فى عام ١٩٨٨، ٩٠٪ منهم كانوا من المجاهدين. كانت هذه التضحية بالأرواح هى الثمن الباهظ الذى دفعه الشعب الإيرانى مقابل الحرية. وهو من أهم الدوافع لمواصلة الثورة. إذ تتزايد الرغبة فى الحرية مع اشتداد القمع. وأى شخص لديه قدر ضئيل من الحكمة السياسية يدرك هذا.
سياسة الشيطنة
يتبنى النظام سياسة شيطانية ضد خصومه كخط دفاع سواء داخل البلاد وخارجها. إذ ينفق النظام مبالغ فلكية على الدعاية ضد القوة السياسية الوحيدة التى من المحتمل أن تخلفه وهى المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية. كما حاولت المخابرات الإيرانية منع أعضاء الكونجرس الأمريكى من التوقيع على قرار رقم ١٠٠ وبرغم من جهودها اليائسة، تم دعم القرار فى النهاية من قبل ٢٢٥ نائبًا.
وفى نفس السياق، انتشرت فكرة أن الدول الأجنبية تحاول إعادة نظام الشاه الديكتاتورى إلى إيران فى محاولة لإثناء المتظاهرين عن مواصلة احتجاجهم. ولكن إذا كان التلاعب قادرًا على توقف بعض المتظاهرين لبضع ساعات، فإنه لم يخدع الشعب الإيرانى، الذى قاتل ودفع ثمنًا باهظًا للإطاحة بديكتاتورية الشاه. فكيف يمكننا أن نصدق أننا نضحى بالأرواح من أجل عودة ديكتاتور عانينا من قبل كى تتخلص منه. كما أن الشعارات فى البلاد لا تترك مجالًا للشك لمن يريد أن يفكر قبل تبنى دعاية النظام الدينى: «الموت للظالم، سواء كان ملكًا أو قائدًا دينيًا».
سياسة الاسترضاء العقبة الأخيرة 
أخيرًا، فإن العقبة الأخيرة التى تقف حجر عثرة أمام الإطاحة بالنظام فى ايران تكمن فى عدم قدرة الحكومات الغربية على اتخاذ قرارات دبلوماسية حقيقية. من المؤكد أن الدول الأوروبية تدعم الانتفاضة علنًا وتدين القمع شفهيًا. ومع ذلك، ترفض تلك الدول إدراج الحرس الثورى الإسلامى على قائمة الكيانات الإرهابية. رغم ذلك، فمازال هو القوة الرئيسية للقمع فى البلاد والاضطرابات فى الشرق الأوسط. إدانة العنف دون انتقاد المسؤولين عنه، يبدو وكأنه نوع من التقارب فرضته الأحداث لا أكثر.