الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

يوسف النجار الخادم الأمين.. رجل قاد رحلة العائلة المقدسة

القديس يوسف النجار
القديس يوسف النجار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بذكري القديس يوسف النجار في يوم 26 من شهر ابيب "أحد الأشهر القبطية"، ويُعد القدّيس يوسف من أهمّ الشخصيات بالكتاب المقدس؛ فكان مربي السيد المسيح وكان حارس أم النور، ونسرد في هذه السطور عن هذه الشخصية الصامتة المجاهدة، التي خدمت بكلّ تواضع ومحبّة وصمت...

ويعتبر يوسف النجار أبرز أب ذكر في العهد الجديد رغم أنه لم يكتب عنه إلا في مرات معدودة، وترجع مكانته العظيمة؛ لدوره الأبوي العظيم، فبعد أن علم بحمل أم النور، أرسل الله له الملاك وأخبره حقيقة مريم وأفهمه بأن الله اختاره هو أيضا لتحمّل تلك المسئولية العظيمة، فكان رجلا شهما قام بدور الأب علي أكمل وجه.

فقام بقيادة جميع رحلات العائلة المقدسة وتحمل جميع المشاق، تولي رعاية السيدة المسيح في طفولته وأمه السيدة العذراء مريم، راعي رغم أنه ليس اباً جسدياً للسيد المسيح، كان حارس وراعي أم النور وهي ليست زوجته، قام برعايتهما رغم شيخوخته فلم يجعلها سبباً ليرفض طلب الله التي أرسلها له.

نشأته ومراحل حياته

ولد القديس يوسف بمدينة بيت لحم بأورشليم، وينحدر من سلالة الملك داود النبي، وعاش حياة بسيطة هادئة وكان يعمل نجاراً، وعاش حياة البتولية لمدة أربعين كما ذكر في السنكسار (لمدة اثنين و خمسين عاما وتوفيت زوجته وصار أرملا تسعة عشر عاما لتكن حياة هذا البار مائة و إحدى عشر عاما...).

فكانت الفضائل والخصال التي يتسم بها يوسف النجار مناسبة لأن يختاره الله راعياً للعائلة المقدسة في رحلتها الشاقة، فبدأت الرحلة حينما، أكملت العذراء مريم عامها الثاني عشر، وقيل لها إنه يجب أن تخرج من الهيكل؛ لأنه كان غير مسموح أن تخدم فتاة تخطت سن البلوغ في هيكل سليمان وفقاً للشريعة اليهودية، وقرر أن يتقدم لخطبتها، وأقيمت قرعة بين رجال صالحين حول من يرعاها ووقعت بالفعل علي يوسف النجار.

وفي أحد الأيام وبعد بشارة رئيس الملائكة العظيم جبرائيل للسيدة العذراء مريم، بدأت بوادر الحمل عليها ولاحظ القديس يوسف ذلك، فكان من الطبيعي أن يشك في شرفها وبتوليتها، وكان من الطبيعي أيضاً أن يفك تلك الخطبة، ولكن كان القديس يوسف رجلاً صالحاً فحتي بعد أن قرر أن يتركها جعل ذلك سراً خوفاً عليها وعلي سمعتها، فذكر في إنجيل متي “فيوسف رجلها إذ كان بارا، ولم يشأ أن يشهرها، أراد تخليتها سراً” (مت 1:19).

وظل يفكر في الأمر إلي أن أرسل الله له ملاكاً أثناء نومه يخبره بالحقيقة، ويعلن له أنه كما اختيرت العذراء مريم هو أيضاً اختير لتحمل تلك المسئولية العظيمة، “ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور، إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا: يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس” (مت 1:20)، وكانت تلك هي أول خطوة تضحية واستجابة لرسالة الله.

وقرر بعد ذلك ألا يترك أم النور وأن يرعاها ويحميها هي وطفلها إلي النفس الأخير، وبعد أن أوشكت العذراء مريم علي الولادة، بعد ذلك الحمل الذي بلا دنس، اخذها وسافر بها إلى بيت لحم بعد أن كانوا يسكنون بمدينة الناصرة، وكان القديس يوسف يبحث عن مكان لتضع مولودها، إلي أن وجد مزود بقر، وأولد السيدة المسيح هناك في بيت لحم، لكي يعاصر حدثا شطر التاريخ نصفين بما بعد ذلك الميلاد وبما قبله.

ولم يمر علي الأمر كثيراً وأن ظهر ملاك الله ليوسف النجار ليخبره أن يترك مكانه ويهرب إلي مصر، وكان ذلك بداية رحلة أخري وتحمل مشاق أخري استمرت لمدة 3 سنوات ونصف، “إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا: قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك. لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه” (مت 2:13).

الهروب إلى مصر

فقام القديس يوسف وأخذ الصبي وأمه وسافر إلي مصر، ولم يفكر فيما سيقابله من عقبات إذا كان تعبا أومشقة السفر الطويل، والمشي في صحراء جرداء لمدة أيام وأسابيع، لم يفكر في أي شيء حول تلك الرحلة، فكما هو يرعي تلك العائلة فكان يثق في رعاية الله لهما.

وقام وأخبر السيدة العذراء مريم برسالة الله لهما بالسفر إلي مصر، وقاما وربطا الأمتعة على ظهر الحمار الذي كان يستخدمه القديس يوسف في عمله وحملت الطفل وأسرعا خارجين في منتصف الليل بعيدا عن أورشليم ذاهبين إلى أرض مصر.

وتنقلوا من منطقة لأخري في جميع أرجاء مصر إلي أن وصلوا إلي آخر نقطة في بأسيوط حالياً، واتسمت الرحلة بمصر بالصعوبات من الغربة والفقر وقلة الموارد وغياب منزل يأويهم، ولا سيما طردهم من كل قرية أو مدينة يذهبون إليها؛ ويرجع ذلك لسقوط الأصنام أينما وجد السيد المسيح.

وظلت العائلة المقدسة في مصر إلي أن ظهر ملاك مرسل من الله ليخبر يوسف النجار أنه قد مات هيرودث الملك وأنه يجب عليه العودة، وخاضت العائلة المقدسة رحلة العودة إلى الناصرة "مدينة تبعد عن القدس بـ 105 كم".

وبعد ذلك لم يذكر الكتاب المقدس أى أحداث عن يوسف النجار غير حادثة واحدة لطفولة السيد المسيح عندما كان سنه 12 عاما حيث بقى فى الهيكل ولم يعد مع يوسف ومريم أمه وعندما بحثا عنه ولم يجداه رجعا الى أورشليم حيث وجداه فى الهيكل جالسا في وسط المعلمين حيث يقول الكتاب ثم نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعاً لهما (لو 2: 41-52) ولكن السنكسار يذكر أن يوسف عاش إلى أن صار عمر السيد المسيح 16 سنة حيث تنيح عن عمر مائة وأحد عشرة سنة.

وذكرت قصة موته في كتاب السنكسار كالآتي: ولما حضر الوقت الذي ينتقل فيه يوسف النجار من هذا العالم إلى عالم الأحياء، حضر السيد المسيح نياحته ووضع يده علي عينيه وبسط يديه وأسلم الروح ودفن في قبر أبيه يعقوب وكانت جملة حياته مائة وأحد عشرة سنة منها 40 سنة غير متزوج و52 سنة متزوجا و19 سنة مترملًا، وكانت نياحته في السنة السادسة عشرة لميلاد السيد المسيح.