الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

«زواج القاصرات» جريمة مجتمع.. مشروع قانون يطالب بتغليظ العقوبة.. برلمانيون: يجب أن تصل إلى 15 سنة.. ورفع الغرامة إلى نصف مليون جنيه.. إيناس عبدالحليم: لا يوجد نص قانوني يمنع زواج القاصرات إلى الآن

.
.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قبل شهر من الآن ضجت مواقع «السوشيال ميديا» بسبب خطبة طفلين فى مركز الحوامدية بالجيزة، حيث تمت خطبة طفل يبلغ من العمر 12 عامًا، وطفلة عمرها 11 عامًا، وهو ما دفع الشرطة إلى القبض على والدي العروسين، وعلى إثر الواقعة تقدم المجلس القومى للطفولة والأمومة ببلاغ للنائب العام، مؤكدًا أنها مخالفة صارخة لحكم المادة ٨٠ من الدستور فيما تضمنته من التزام الدولة برعاية الأطفال وحمايتهم من كل أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة، وأيضًا لما قررته المادة ٩٦ من قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ المعدل بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨ فى شأن حالات تعريض الطفل للخطر.
وتعد ظاهرة زواج القاصرات واحدة من الظواهر السلبية التى شهدت انتشارًا واسعًا خلال السنوات الماضية وعلق عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى حديث سابق له قائلًا: «بيتم زواج البنات وهم بعمر الـ 13، 15، 17، 20 سنة ثم يحدث الطلاق بعد سنة أو اثنين ويكون معها طفل، انتوا بتعملوا إيه فى أولادكم.. أتيحوا لهم فرصة العيش والتعليم».
 


وأعلنت الدكتورة إيناس عبدالحليم، عضو مجلس النواب، عن تقدمها بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧ وتعديلاته بشأن تغليظ عقوبة زواج القاصرات، ويستهدف المشروع تعديل المادة ٢٢٧ بأن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل على خمسمائة ألف جنيه بدلًا من سنتين وغرامة ٣٠٠ جنيه فى النص الحالى «كل من أبدى سواء كان المأذون أو الزوج أو الشهود أو الولى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونًا لضبط عقد الزواج أقوالًا بعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقًا كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق».
ويعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات أو بغرامة لا تقل عن ١٠٠ ألف جنيه بدلًا من الحبس وغرامة ٥٠٠ جنيه فى النص الحالى لكل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج أو الولى وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة فى القانون.
وذكرت النائبة فى المذكرة التفسيرية لمشروع القانون، أن الدستور جرم زواج القاصرات فضلًا عن القوانين والمعاهدات الدولية، لافتة أن الفعل فى حد ذاته لا يعاقب عليه القانون المصري، حيث لا تعد جريمة لمن قام بالزواج بقاصر أو تزويجها، وإذا قام الشخص بهذا الفعل فلا تستطيع محاكمته إلا إذا اقترن الفعل بجريمة التزوير المنصوص عليها فى قانون العقوبات فى المادة ٢٢٧.
وأوضحت، أن زواج الأطفال يتسبب فى سلسلة من المخاطر الصحية والنفسية والاجتماعية والقانونية التى لها انعكاسات سلبية على حياة ملايين الأطفال، حيث لا يستطيع الزوج أو الزوجة توثيق الزواج، وفى حال إنجاب الأطفال لا يمكن استخراج شهادة ميلاد للمولود، ولا يحصل الأطفال على التطعيمات الإجبارية، وفى حالة وفاة الزوج لا يحق للزوجة المطالبة بالميراث، وعند الطلاق لا يحق للزوجة المطالبة بالنفقة والمؤخر، وحال الخلاف لا يحق للزوجة رفع دعوى طلاق أو خلع، فضلًا عن عدم تمكن المولود من الحصول على حقه فى الميراث ولن يتمكن المولود من الحصول على حقوقه التعليمية والصحية.
وعلق عدد من أعضاء مجلس النواب، على مشروع القانون، مؤكدين دعمهم للتشريع الذى يأتى استجابة لكلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، فتغليظ العقوبة يردع المتورطين، ومن شأنه الحد من انتشار الظاهرة، لافتين إلى أهمية نشر الوعى المجتمعى بخطورة زواج القاصرات، وتأثيره السلبى ما قد يتسبب فى تدمير الأسرة ومستقبل الأطفال.
فى البداية، قالت النائبة هند رشاد، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، إن التشريع سيكون عاملًا للتصدى لانتشار الظاهرة بجانب التوعية المجتمعية، خاصة أن زواج القصر يضر بالصحة والمجتمع، فضلًا عن تأثيره فى الزيادة السكانية، متابعة: «كل ١٣ ثانية بيتولد طفل حسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء».
واستنكرت النائبة فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»، إقدام أولياء الأمور على تزويج فتياتهن القصر دون السن القانونية، قائلة: «يعنى إيه أجوِّز طفلة صغيرة دون السن القانونية، المجتمع بيتقدم والمرأة بتؤدى دور هام وبارز فى المجتمع».
التنمية
وأشارت «رشاد»، إلى أهمية وجود إيمان مجتمعى بالتنمية، والاهتمام بالتوعية بالأسس الصحية لبناء الأسرة، خاصة أن تزويج الفتيات فى سن مبكرة يتسبب فى زيادة عدد السكان، وأفراد الأسرة الواحدة، فسنها الصغيرة تزيد من المدة التى تستطيع فيها إنجاب أطفال.
واستطردت: «الزيادة السكانية تؤثر على مستوى وجودة الخدمة المقدمة للأفراد برغم التنمية والمشروعات القومية.. أنت بتبنى من ناحية وناس تهد فى ناحية تانية»، مضيفة: «لا بد من السعى نحو التوعية المجتمعية، وحث أفراد المجتمع على تغيير النظرة للمرأة بجانب ما تبذله القيادة السياسية من جهود لدعمها وتمكينها»، وتابعت: «لازم نكون واثقين فى قدرات وكفاءة المرأة».
تجديد الخطاب الدينى
وحول منعها من الخروج فى بعض المجتمعات، شددت رشاد على ضرورة تجديد الخطاب الدينى والتوعية المجتمعية مع إتاحة الفرص للمرأة، مستشهدة بما أقدمت عليه السيدة أسماء بنت أبى بكر أثناء هجرة سيدنا محمد مع أبيها سيدنا أبى بكر الصديق؛ فقد كانت تجهز لهما طعام السفر، كما كانت تأتى بالطعام لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبيها عندما كانا فى غار ثور فى الهجرة.

 

وفى السياق نفسه، أكدت النائبة رانيا الجزايرلي، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أهمية وجود تشريع للحد من الظاهرة، خاصة أنها تمثل خطرًا اجتماعيًا وصحيًا على الفتيات، فضلًا عن تدميرهن نفسيًا، لاسيما أنها طفلة غير مؤهلة جسمانيًا لفكرة الزواج.
وأشارت، إلى محاولات سابقة للتصدى للظاهرة من مبادرات وتنديدات ولكن لم يتحقق هدفها بالقضاء على الظاهرة، ما يوجب صدور تشريع رادع يتضمن أحكاما صارمة بعواقب على المتورطين فى تلك الجريمة.
وحول التعديلات المطروحة، تحفظت النائبة على المبلغ المحدد كعقوبة، مستنكرة تغريم المتورط بنصف مليون جنيه، إذ أن الغرامة مبالغ فيها -على حد وصفها- خاصة أن الظاهرة منتشرة فى المجتمعات والبيئات الفقيرة، لأسباب بعضها نابع من احتياج الأهل، ما قد يؤدى إلى التضحية بتزويج طفلتهم القاصر لتوفير سبل المعيشة لبقية أشقائها.
وأضافت: «السجن عقوبة كافية، ويجب أن تصل لـ١٠ أو ١٥ سنة وليس ٥ سنوات فقط لتكون رادعة لكل من تسول له نفسه لوليها أو من يتعاون معه من شهود أو المأذون».
نشر الوعى المجتمعى 
شدد النائب أيمن أبوالعلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على أهمية وجود قانون يجرم زواج القاصرات، مع انتشار ظاهرة زواج القاصرات، خاصة فى الأرياف، لافتًا إلى أن الزواج يتم بعقد غير شرعي، غير موثق.
وأوضح «أبوالعلا» لـ«البوابة»، أنه فى وقت لاحق يتم تعديل العقود وتوثيقها فى الشهر العقاري، لافتًا إلى أن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ذكر أن عدد حالات الزواج العرفى الموثق والتى تقدر بـ١١٣٠٤٨ حالة تمثل ١٢.٩٪ عاما ٢٠٢٠ مقابل ١٣٢٣٧٤ حالة عام ٢٠١٩ بنسبة انخفاض ١٤.٦٪.
وأشار إلى أهمية نشر الوعى المجتمعى بخطورة زواج القاصرات، وتأثيره السلبى ما قد يتسبب فى تدمير الأسرة ومستقبل الأطفال، مع إقرار تشريع.


مشكلات صحية ونفسية

قالت النائبة رحاب الغول، عضو مجلس النواب عن محافظة قنا، إن الأهم من إقرار القانون هو تنفيذه على أرض الواقع، مشيرة إلى أن زواج القاصرات له العديد من التداعيات، بينها جهل الفتاة القاصر بمسئوليات الزواج ما قد يؤدى إلى الطلاق فضلًا عما قد يسببه لها الزواج من مشكلات صحية ونفسية بسبب أن بعض الزيجات قد تتم فى سن صغيرة جدًا ١٣ أو ١٤ عاما، تكون الفتاة غير مؤهلة جسمانيًا حينها.
ولفتت لـ«البوابة»، إلى أن انتشار زواج القاصرات يتسبب فى نشوء جيل ضعيف بسبب القصور فى التربية، وعدم وعى ودراية الأم لصغر سنها، والتأثير على الطفل نفسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وتعليميًا، فضلًا عن تسبب الظاهرة فى الزيادة السكانية بسبب طول الفترة التى تتمكن فيها الفتاة من الإنجاب، موضحة أن زواج القاصرات ينتشر بشكل كبير فى القرى والمناطق الريفية، خاصة أن الأفكار المتوارثة بينهم تدعم زواج القُصّر.
وتابعت قائلة: «بعضهم يعتقد أن الأهم هو تزويج الفتاة حتى لا تأتيهم بالعار -على حد وصفها- وذلك رغم ما تبذله القيادة السياسية الحكيمة من دعم وتمكين للمرأة التى استطاعت أن تثبت قدراتها فأصبحت ذات تأثير فى المجتمع لتكون سفيرة ووزيرة ونائبة فى البرلمان، وفى بعض البلدان رئيس وزراء؛ المرأة أصبح لها كيان.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أهمية دور كل من المجلس القومى للمرأة والأمومة والطفولة فى التوجيه ونشر الوعى وتنظيم الندوات من خلال وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بإخطار الزواج للقاصرات.
البعد الاجتماعي

بينما تحفظت النائبة شادية خضير الجمل، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، على تطبيق الغرامة، رغم تأييدها لتغليظ عقوبة السجن، مشيرة إلى أهمية النظر إلى البعد الاجتماعى خاصة أن الظاهرة تنتشر بشكل كبيرة فى القرى الفقيرة.
وأشارت إلى أهمية طرح التشريع على الخبراء والمتخصصين وإجراء حوار مجتمعى للخروج بحلول واقعية تحد من انتشار الظاهرة بما يتناسب مع ظروف المجتمع المصري، مشددة على أهمية وجود عقوبة سالبة للحرية لولى الأمر أو المأذون أو الشاهد لتكون رادعة، بجانب وجود دراسة.