الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل الإنسان مخير أم مسير؟!..هذا السؤال الجدلى قد يدور فى ذهن الكثيرين، ويحتارون بين من يرون أننا مسيرون بحكم الأقدار التى ليس لنا فيها اختيار، حيث ندور فى فلكها طبقا لما تفرضه علينا الظروف..وبين من يرون أننا لولا خلقنا مخيرين لما حاسبنا الله على أفعالنا وإختياراتنا..وربما تكون الإجابة الشافية عن هذا السؤال فى كتاب "السر" للمؤلفة الأسترالية روندا بايرن(26 أغسطس 1945) والتى أصابها اكتئاب شديد بعد وفاة والدها عام 2004، حتى قرأت كتابا عمره أكثر من مائة عام أهدته لها ابنتها هيلى، بعنوان"علم الثراء"(1910) لوالاس دي واتلز، عن التفكير الإيجابى، وقانون الجذب، وكيفية تحقيق المزيد من النجاح فى الحياة..فبدأت فى البحث حول الموضوع، وأصدرت مشروعها "السر" عام 2006، والذى تضمن فيلما وكتابا ترجم لعشرات اللغات، وبيعت منه ملايين النسخ، وحقق ما يزيد على 300 مليون دولار..وأصبحت منذ ذلك الوقت ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرا فى العالم، وخاصة بعد ظهورها فى برنامج "أوبرا وينفرى" على مدى حلقتين..إستعانت بايرن في كتابها بالعديد من الشهادات لقصص نجاح لأشخاص من جميع أنحاء العالم، ممن أدركوا "السر" واستطاعوا الاستفادة منه للارتقاء بحياتهم..ويقصد به قانون الجذب الذى يعنى أن للأفكار قوة مغناطيسية وتردد، وعندما تفكر يتم ارسال أفكارك للكون، فتجذب الأشياء الشبيهة على نفس التردد..وبالتالى فالشبيه يشبه شبيهه، وإذا أردت تغيير حياتك فلتغير التردد بتغيير أفكارك..فأفكارك الحالية تشكل مستقبلك..وهكذا يجتذب التفكير الإيجابى ما تطمح إليه أيا كان، بينما تجتذب كل المشاعر السلبية المزيد منها..وتختزل بايرن كيفية استخدام السر فى ثلاث خطوات وهى:(أطلب)فعندما تصبح واضحا فيما ترغبه تكون قد طلبت، فعليك أن تطلب من الله أن يسخر الكون لخدمتك ولسوف يستجيب الكون بإذن الله..(آمن) ويعنى أن تؤمن أن الأمر سار ملك يديك، فلتتسم بالإيمان الذى لا يتزحزح،هذا الإيمان الراسخ هو القوة الأعظم، عندما تصدق أنك سوف تتلق ما تريد، استعد وراقب السحر يبدأ..(تلقّ)ويعنى أن تشعر بالبهجة والامتنان كما لو أنك تلقيت ما أردت بالفعل..وبشكل عام توقع الأمور التى تريدها، ولا تتوقع مالا تريد..وكن ممتنا من أجل ما لديك بالفعل، ولسوف تجذب إليك المزيد من الأمور الطيبة..قد يسخر البعض من فكرة قانون الجذب، ويعتبرونه دربا من الخيال والمبالغة..ولكن لو تأملنا فيما جاء فى الكتاب من آراء وروايات على ألسنة كثيرين، سنجده يتوافق تماما مع ما جاء فى الأديان السماوية، وخاصة الدين الإسلامى..فمثلا فكرة الشكر على النعم كى تجتذب المزيد منها..ومنح المال لتحصل على المزيد منه، يتوافق مع قول الله تعالى في سورة إبراهيم:"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ"..ويقولﷺ:"مَا نَقَصَ مَالُ عَبدٍ مِن صَدَقَةٍ..ولا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا..وَلا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ"..وكم سمعنا من حكايات تؤكد أن أفضل طريقة لإستجلاب الرزق بعطائه..فكلما تصدقنا حتى وإن لم نملك، يمنّ الله علينا برزق وفير..فكما يقول تعالى فى سورة(البقرة):"مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"..كذلك فى سورة(آل عمران):"لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَىءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"..ونرى أيضا ما يتوافق مع قانون الجذب المشار إليه فى الحديث القدسى إذ يقول الله تعالى:"أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى؛ إن ظن بى خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله"..ويؤيد ذلك قوله تعالى فى سورة(فصلت):"وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ"..لذلك فعلينا أن نحسن الظن بالله تعالى، ونؤمن بحسن قضائه وتدبيره لأمورنا..وكما جاء فى "السر" علينا أن نؤمن بما نتمنى، أو بمعنى آخر اليقين بالله، فنوقن بأننا سنحقق ما نتمناه ونطلبه بصدق، طالما كان عملنا متوافق أيضا معه، فليس للإنسان الإ ما سعى.. وكما قالﷺ:"ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة"..وكيف لا نملك اليقين وقد وعدنا جل في علاه بالإجابة، وقال فى سورة(غافر):" ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"..وكما قال ﷺ: لا يقل أحدكم:اللهم اغفر لى إن شئت..ارحمنى إن شئت..ارزقنى إن شئت..ولكن ليعزم المسألة..وليعظم الرغبة..فإن الله لا يتعاظمه شىء أعطاه"..ولنتخذ من السيدة هاجر زوجة أبو الأنبياء مثلا وقدوة، فحين تركها ووليدها فى وادى ليس فيه شىء، سألته إن كان ذلك أمر من الله تعالى، وحين قال: نعم..ردت:"إذًا لن يضيعنا"..وهذا اليقين هو سر الارتقاء.