السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

تركيا "تعطش" العراق.. مخطط أردوغان ضد الدول العربية يستمر بإقامة سد أليسو ويهدد بلاد الرافدين.. والتصحر والعطش ينتظران البصرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تواصل تركيا نسج مخططاتها ضد الدول العربية، فبعدما دعمت التنظيمات الإرهابية في تخريب سوريا، ونقلت المرتزقة السوريين إلى ليبيا لمعاونة ودعم ميليشيات فايز سراج رئيس حكومة الوفاق غير الشرعية، ضد الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، واصلت حربها ضد العراق، الذى لم يسلم من انتهاك مجاله الجوى من قبل الطيران التركى.


وفى هذه المرة استخدمت تركيا سلاح المياه لتعطيش بلاد الرافدين، وأقامت سد إليسو على نهر دجلة، جنوب شرق تركيا، ويبدأ الأسبوع الجارى في توليد الكهرباء.
وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الاثنين الماضى، إن تشغيل أول ٦ توربينات في سد أليسو، سيبدأ في التاسع عشر من مايو الجارى، ووصفه بأنه أحد أكبر مشروعات الرى والطاقة في بلاده.
دجلة والفرات
وأنشات تركيا السد على نهرى دجلة والفرات، اللذان ينبعان من هضبة الأناضول، ويمثلان المورد الرئيسى للمياه إلى العراق، وكان لضعف بغداد، خلال السنوات التالية للغزو الأمريكى وإسقاط الرئيس صدام حسين في عام ٢٠٠٣، وبعد ذلك الوقوع في براثن التنظيمات الإرهابية، التى عاثت فسادا في البلاد مثل تنظيم داعش الإرهابى، والقاعدة، وكان ذلك سببا رئيسيا في تمادى أنقرة في مخططاتها التخريبية ضد بلاد الرافدين، دون رادع.
وتستغل تركيا تحكمها في مياه نهرى دجلة والفرات في إقامة السدود والمشاريع المائية والرى، على النهرين، وينبعان من هضبة الأناضول، ويبلغ طول نهر الفرات ٢٧٨٤ كيلومترا، وينبع من تركيا ومن ثم يدخل الأراضى سوريا إلى الأراضى العراقية، بينما يدخل نهر دجلة بصورة مباشرة إلى العراق، ويبلغ حجم المياه المتدفقة من النهرين سنويا ما يقرب من ٨٠ مليار متر مكعب من المياه العذبة.
ويحتاج العراق سنويا إلى ٥٠ مليار متر مكعب لتغطية احتياجاته من المياه، ويمثل نهر دجلة المصدر الرئيسى لحاجات العراق من المياه بنحو ٦٠٪، وتأتى النسبة الباقية من نهر الفرات، ويتوقع أن تزداد حاجة البلاد من المياه في المستقبل إلى ٧٧ مليار متر مكعب.

المياه في العراق
أصدرت جمعية المياه الأوروبية تقريرا في منتصف العام الماضى ٢٠١٩ من أن العراق قد يفقد بالكامل مياه النهرين بحلول عام ٢٠٤٠. وقد سلط التقرير الضوء على نهر دجلة، الذى قد يفقد ٣٣ مليار متر مكعب من المياه سنويًا بسبب سياسة تقليل المياه التى تتبعها تركيا، وسيكون لتخفيض كمية المياه في مجرى النهر تأثيرًا كبيرًا على المنشآت الهيدروليكية الحالية على نهر دجلة، وسيؤدى إلى تغيير النمط الطبيعى لتدفق مياه النهر.
سد أتاتورك
وتمتلك تركيا ٢٢ سدا أقامتها تركيا على طول الحدود مع العراق في ولايتى شيرناق وماردين، ويعد سد أتاتورك المبنى على نهر دجلة أكبر هذه السدود وهو سادس أكبر سد مليء بالصخور في العالم، وله أثر بالغ على العراق، حيث قلل من تدفق المياه في نهر الفرات بمقدار الخمس وبدأ بناؤه في عام ١٩٨٩ حينما كان يعانى من آثار حرب الخليج الأولى التى استمرت ثمانى سنوات ضد إيران، واستمر البناء لمدة ٣ سنوات انتهت في ١٩٩٣ وتسبب ذلك السد في انتشار التصحر في بلاد الرافدين، وبعد ذلك شرعت تركيا في بناء سد أليسو عام ٢٠٠٦ على نهر دجلة، ليتسبب هذا السد، في انخفاض تدفق المياه، بنسبة وصلت إلى نحو ٦٠٪.

سد أليسو
بدأت تركيا في ملء السد بالمياه خلال شهر يوليو من العام الماضى ٢٠١٩، وأكد نجدت إبيكيوز، نائب عن حزب الشعوب الديمقراطى الموالى للأكراد، أن تركيا بدأت في ملء خزان سد ضخم لتوليد الكهرباء على نهر دجلة، مستندا في ذلك إلى صور للأقمار الصناعية والتى أظهرت أن المياه بدأت تتجمع خلف سد إليسو.
وفيما يتعلق بسد أليسو، فهو أحد أكبر السدود المقامة على نهر دجلة، وتم إنشاؤه في المنطقة الموجودة بجنوب شرق تركيا، ويبعد عن الحدود العراقية، مسافة تبلغ ٦٥ كم وأقيم بارتفاع ١٣٥ مترا، ويبلغ طوله ١٨٢٠ مترا، وتبلغ مساحة حوضه نحو ٣٠٠ كم مربع، وفى حال امتلائه كليا بالمياه فإنه يستوعب أكثر من ٢٠ مليار متر مكعب من المياه، وتكلف بنائه ١.٦ مليار دولار.
اتفاقيات المياه
يذكر أن تركيا والصين وإسرائيل، لم تنضم إلى اتفاقية الأمم المتحدة لعام ١٩٩٧ بشأن استخدام المجارى المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، وهى الاتفاقية الوحيدة التى تناقش مجارى المياه العذبة عبر الحدود في العالم، وبالتالى هى غير ملزمة ببنود تلك الاتفاقية، حيث تنص في مادتها الخامسة على أن تستفيد الدول التى يمر فيها المجرى المائى من المجرى المائى الدولى بطريقة منصفة ومعقولة ومثالية، فيما تنص المادة السابعة من هذه الاتفاقية، بإلزام كل دولة على ضفاف النهر بنظام المجرى المائى العابر للحدود، عند استخدام المجرى المائى داخل أراضيها، باتخاذ جميع التدابير المناسبة لتجنب التسبب بضرر كبير لغيرها من الأطراف.
وتصف هاتان المادتان الحالة التى عليها، سد أليسو وانتهاكه لحقوق الغير، والضرر الواقع على العراق بسبب بناء تركيا للسدود، حيث ظهرت مشكلات التصحر في العراق في أعقاب بناء هذه السدود، حيث تتطلب تلك المشاريع الحصول على موافقة دول الجوار التى يقع عليها تأثير مباشر.
ولكن مع الضعف والوهن الذى يعانى منه العراق، وعدم التزام تركيا بأى مواثيق أو احترام لدول الجوار، ماذا يمكن لبغداد أن تفعل لوقف تلك الأزمة التى تعد أخطر من التهديد الإرهابى الذى مثله تنظيما داعش والقاعدة، خلال السنوات القليلة الماضية.

اتفاقية باريس
ويرى عدد من الخبراء أن اتفاقية باريس للمناخ، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التى تعانى من الجفاف، وبروتوكول مونتريال «بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون» تمثل منطلقا للعراق للدفاع بالطرق الدبلوماسية والقانونية عن حقوقه المائية التى انتهكتها تركيا، بسبب سد أليسو، وهى المهمة التى لا بد أن تقوم بها وزارة الخارجية العراقية.
العطش والتصحر 
ومن الأثار الكارثية التى يمكن أن يسببها السد، هى العطش الذى يضرب الشعب العراقى بالإضافة إلى التصحر والجفاف، ويقع أبلغ الأثر عل المحافظات العراقية الواقعة في المنطقة الجنوبية، البصرة والناصرية وميسان، حيث سيعانى مواطنو هذه المناطق من مشكلات صحية بالغة بسبب إنتاج النفط، وارتفاع حرارة الأرض، وشهدت البصرة خلال العام الماضى عدة احتجاجات بسبب نقص المياه الصالحة للشرب، فيما تسبب ذلك في حظر زراعة الأرز، ودفع مزارعين لهجر أراضيهم.
مدينة حسن كيف 
فيما يتخوف سكان مدينة حسن كيف التركية من غرق مدينتهم بسبب سد أليسو، حيث ستغمر المياه جزءا كبيرا من البلدة، رغم احتوائها على العديد من الإنشاءات الأثرية، والتى ترجع إلى آلاف السنين، حيث يبنى السد على فوق بلدة حسن كيف، وسيؤدى سد أليسو إلى نزوح ٧٨ أكثر من ألف شخص من ١٩٩ قرية مجاورة.