استلقيتُ على سريري البارحة بعد يومِ طويل في العمل، وحسبتُ أني سأخلدُ للنوم في غضونِ ثوانٍ، لكن باءت كل محاولاتِ أن ألحق بقطار النوم بالفشل، لقد استحوذ على حواسي وعقلي ذلك المشهد الذي وجدتُ عليه صديقي في أولِ اليوم، رأيته شبه محطم، مطأطئ الرأس، تكاد الدموع تنهمرُ من عينيه، ولا يكاد يسمعني وأنا أناديه، ولم يلتفت حتى لمصدر الصوت كونه لا يهتم إلا بما يدور في عقله من مشكلات، استوقفته لأستوضح منه الأمر، فهربت منه دمعة كوت وجهه دون رحمة.
انتبه صديقي وقال لي بصوتِ يملؤه الحُزن، خسرتُ أموالًا كثيرة قد وضعتها في مشروعِ لم أوفق فيه، ونظرتُ في عينه وإذا بي أرى انكسارًا إذا وزعَ على أهل مِصرُ لكفاهم، واسيته ورحلت، وقررتُ أن أكتبُ كلامًا نابعًا من قلبي، له ولكل مَن يمر من هنا.
يا سادة.. إن دنيانا هي دار ابتلاء دار المشقة والعناء كما ذكر الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} أي في مشقه وتعب، وهذا حالنا شئنا أم أبينا، نقع ثم نقف، نتعب ونقاوم حتى نتغلب على كل عقبة في طريقنا.
إن هذه الحياة مهما طالت فهي قصيرة، لا بد أن نأخذها من هذا المنطلق، نجتهد كما ينبغي لكن بفكرِ مختلف، لا نجزع ولا ننكسر لأي أمرِ وألا يوقفنا شيء، بل نقبل التحدي الذي فرضته علينا الأيام والظروف، إذا خسرت أموالًا مثلًا فليس هذا الأمر بنهاية الحياة كما يقولون بل هو بدايتها ولكن بشكلِ أفضل.
إذا فشلت في تجربة عاطفية لأي سببِ من الأسباب، فلا تكن ناقمًا على صنفِ البنات على سبيل المثال بل قل أن نصيبك لم يأتيكّ بعد، وحتمًا ستجده أو سيجدك.
لا أحد ولا أي شيء يستحق منك أن تظهر بمظهر المهزوم الناقم أو منظر المنكسر، بل المتحدي، المتفاء، الواثق من نفسه أنه ليس وحده في هذا الوقت، بل الله معه وعزيمته بعد ذلك وإيمانه بنفسه.
إن الاختيار الصعب هو اختيارك أن تكن قويًا صلبًا، تتعلم من أخطائك، ولا تكرر الخطأ مرة أخرى، الصعب يا أصدقاء أن تبنوا أنفسكم بأنفسكم، تستغلوا الوقت لصالحكم، فلا كلل ولا ملل ضمن المحاولة، فهناك شَرفُ وإيمان بأنك ستكونُ أفضل.
اختياركم لا بد وأن يكون بقيمتكم، لا يهزمكم الخوف، فأنتم الأقرب لأحلامكم والأجدر بها.
