الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

«إنتي فين يا فلوس».. 2500 سنة رحلة النقود في مصر بمعرض مكتبة الإسكندرية

 النقود في مصر
النقود في مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«2500 سنة، هى رحلة النقود في مصر، التى جمعت بين الازدهار والانحسار والقوة والضعف، بالإضافة إلى تبدل أحوالها السياسية والاقتصادية والدينية، وتوالى حكامها عبر العصور، فمصر من أعرق الدول التى قامت بسك النقود وتداولها، وفى كل الأعوام صدر عنها نقد أو طبع آخر. 
فمن داخل قاعة المعارض الشرقية بمركز المؤتمرات التابع لمكتبة الإسكندرية، رصدت تلك الرحلة من خلال معرض نظمه مركز دراسات الخطوط التابع لقطاع البحث الأكاديمى بمكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع كل من متحف الفن الإسلامى بالقاهرة، ومتحف الآثار التعليمى بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ومتحفى الآثار والمخطوطات بقطاع التواصل الثقافى بمكتبة الإسكندرية، وبالمشاركة مع خبراء النقود المصرية.
النقود البطلمية 
بدأت منذ الفترة المبكرة من القرن السادس قبل الميلاد، فقد عرفت مصر النقود لأول مرة في عصر ملوك الأسرة السادسة والعشرين الفرعونية (٦٦٣-٥٢٥ ق. م)، الذين استورد كميات كبيرة من النقود من بلاد اليونان القديمة لدفع رواتب الجنود الإغريق، الذين التحقوا بخدمة الجيش المصري، غير أن بداية سك النقود في مصر بدأت منذ منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، عندما أنشئت أول دار لسك النقود في «منف» أثناء الاحتلال الفارسي. 
ومع مجىء الإسكندر الأكبر لمصر بدأت النقود تسك وتتداول في مصر بصورة منتظمة، فحيث سك ملوك البطالمة النقود في مصر في دار سك الإسكندرية، وكان أهم ما يميزها نقش صورة النسر الجاثم على صاعقة شعار الدولة البطلمية وشعار مصر آنذاك. 
النقود السكندرية
مع استيلاء الرومان على مصر سنة ٣٠ قبل الميلاد، طبق الرومان نظام نقديًا خاصًا اختلفت فيه النقود المصرية عن النقود الرومانية، حيث أطلق العلماء على النقود المصرية اسم النقود السكندرية. 
وعن النقود الرومانية المتأخرة والبيزنظية فقد سجلت رحلة النقود في مصر التحول الكبير في شرق البحر المتوسط، مع انتشار الديانة المسيحية في الإمبراطورية الرومانية واعتناق الأباطرة لها، حيث اختفى تأليه الأباطرة على النقود المصرية، وتحول إلى تبجيل للإمبراطور بصفته حاميًا للمسيحية، حيث حلت الرموز المسيحية محل الرموز الوثنية، كما استمرت دار سك الإسكندرية، هى دار السك الوحيد في مصر، التى أوكلت لها مهمة سك النقود في تلك الفترة. 
النقود الفاطمية 
مع بداية ظهور الكيان المستقل لمصر في العصر الفاطمى وعاد الفاطميون بالخلافة العباسية ومنافستهم لها، بدأت تتبلور الشخصية المصرية في تنوع أسماء مدن السك المصرية حيث يعد عصر الدولة الفاطمية العصر الذهب للنقود الإسلامية في مصر، إذ كان لدى الفاطميين عملة دولة استحق أن يطلق عليه دولار العصور الوسطى، لما تميز به من دقة الوزن وجودة العيار، وقد سجلت النقود الفاطمية في مصر تحول مذهب الدولة إلى المذهب الشيعى الإسماعيلي ثم تحوله إلى مذهب الشيعى الاثنا عشري، وكان أهم حدث نقدى عودة دار سك الإسكندرية بعد قرون من التوقف، بالإضافة إلى إنشاء الفاطميين دارًا لسك النقود في مدينة قوص في صعيد مصر.
النقود العثمانية 
في سنة ٩٢٣ هـ /١٥١٧ م، نكبت مصر بغزو عثمانى قاده السلطان سليم الأول، وكانت النقود المصرية أحد الأسباب التى استند إليها سليم حيث استطاع إصدار فتوى من مفتى اسطنبول على الجمالى بتكفير المماليك بجواز غزو مملكتهم بحجة تدنيس القرآن الكريم، لاحتواء نقودهم على آيات قرآنية لا يجوز تداولها من قبل النصارى واليهود، فأفتى المفتى بجواز إبادة المماليك إن لم يقلعوا عن ذلك. 
الفراعنة أول من عرفوا التداول النقدى.. وأول دار سك للعملة كانت في منف 
عن المعرض الذى يؤرخ لتاريخ النقد في مصر على مدى سنوات طويلة قال الدكتور أحمد منصور، مدير مركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية، «عندما يتولى الملك أو السلطان أو الحاكم مقاليد الحكم، يقوم بثلاثة أشياء أبرزها وضع اسمه على النقد، فلذلك تعد النقود شاهدًا سياسيًا وتاريخيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وفنيًا». 
وأضاف «منصور»، «أن مركز الخطوط بقطاع البحث الأكاديمى تمكن من الحصول على بعض العملات الأصلية، والتى تعرض لأول مرة من مكتبة المقتنيات الخاصة أو المجموعات الخاصة»، مشيرًا إلى أن من رحلة النقود تعد معرضًا فريدًا وتؤرخ لتاريخ النقد في مصر على مدى السنوات طويلة». ومن جانبه، قال محمد حمدي، صاحب فكرة المعرض والباحث بمركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، إن جميع النقود الأصلية المعروضة سواء كانت من النقود الورقية التى تضم ٣٠ قطعة وهى ملك لمجموعة هواة عملات من الإسكندرية، وأما النقود المعدنية فتتضمن ٣٢ قطعة بعضها يعرض لأول مرة من ضمن ٤٥٠ قطعة معدنية من مقتنيات مكتبة الإسكندرية أهمها قطعة تعود للعصر البطلمى وتم سكها في الإسكندرية، ودينارين من الذهب من العصر الإسلامي. 
وأضاف «حمدي»، أن أقدم قطعة تعود لعام ١٩١٨ صادرة عن الحكومة المصرية وليس البنك الأهلى والذى كان له حق امتياز إصدار العملات الورقية حيث كانت العملات الأقل من ٢٥ قرشا تصدر من وزارة المالية التابعة للحكومة المصرية، مشيرًا إلى أن المعرض يضم ٥٨ لوحة تشتمل صورا لنحو ٢٥٠ قطعة أثرية مملوكة للجهات المشاركة في المعرض تم اختيارها وفقا لأهميتها التاريخية وظروف إصدارها. 
والتقطت «البوابة» صورا من داخل المعرض لرحلة النقود في مصر قدرها ٢٥٠٠ سنة، تمتد من أول قطعة نقدية سكت في عهد الأخمينيين مرورًا بما أصدره البطالمة من دراخمات وستاترات، وما أصدره البيزنطيون والرومان من دنانير ذهبية وفلوس نحاسية، وما أصدره الساسانيون من دراهم فضية، وصولًا إلى العرب وحتى العصر الحديث، مما يبرز رسوخ فكرة تتابع وتداول النقود في مصر، وتعتبر النقود المصرية سجلًا مصورًا لتطور فنون الخط والكتابة، فعلى أوجه العملة سارت رحلة الكتابة في تطورها موازية لما وصل إليه الخطاط والفنان المصرى من رقى وتقدم في مجاله.
يتكون المعرض من ١٤ قسمًا يتناول النقود البطلمية، والنقود الرومانية السكندرية، والنقود الرومانية المتأخرة والبيزنطية، والنقود الأموية، والنقود العباسية، والنقود الطولونية، والنقود الإخشيدية، والنقود الفاطمية، والنقود الأيوبية، والنقود المملوكية، والنقود العثمانية، والنقود العلوية، والنقود الجمهورية، والنقود الأجنبية، حيث تعرض في شكل لوحات بالإضافة إلى عرض بعض المجموعات النقدية لأول مرة بصورة مُجمعة في مصر.
النقود الأموية
عقب فتح مصر سنة ٢١ هـ /٦٤١٢ استمر تداول النقود البيزنطية بها وكان أول ظهور لمصر ودور الضرب بها في العصر الإسلامى في بدايات القرن الثانية الهجرى / الثامن الميلادي، حين سكت الفلوس الأموية في دار سك مصر إشارة إلى دار سك الفسطاط، وفى دور سك أهناسيا، أتريب والفيوم. 
النقود العباسية 
كما سك العباسيون نقودهم في مصر منذ السنوات الأولى لدولتهم حيث يعود أقدم نقد عباسى نصب إلى مصر إلى سنة ١٣٣ هجرية وهو عبارة عن فلس نحاسي.
النقود الطولونية 
في القرن الثالث الهجرى / التاسع الميلادي، قامت في مصر أول دول شبه مستقلة عن الدولة العباسية وهى الدولة الطولونية التى أسسها أحمد بن طولون، وقام بسك الدينار الأحمدى الذى تميز بارتفاع عيار واقترابه من الوزن الشرعى إلى حد كبير، حتى سكت هذه الدنانير في دار سك الفسطاط التى كانت تعرف على النقود آنذاك باسم مصر. 
النقود الإخشيدية 
مع سقوط الدولة الطولونية اضطربت الأمور في مصر حتى استطاع الأمير محمد بن طغج بن جف الفرغانى الملقب بالإخشيد تأسيس الدولة الإخشيدية في القرن الرابع الهجرى / العاشر الميلادي، حيث تميزت نقود تلك الدولة التى سكت في مصر في أواخر عصرها بتسلط عبد حبشى على أحفاد الأخشيد مسجلًا اسمه على النقود، ومتلقبًا بلقبى الأمير والأستاذ. 
النقود الأيوبية 
مع انهيار الدولة الفاطمية وقيام الدولة الأيوبية، أعاد الناصر صلاح الدين يوسف سك النقود باسم الخليفة العباسى بدلًا من أسماء الخلفاء الفاطميين، هو التقليد الذى استمر طيلة العصر الأيوبي. 
النقود المملوكية 
مع قيام دولة المماليك الفتية في مصر سك لأول مرة في مصر، نقد لسيدة حاكمة تولت عرش مصر في العصر الإسلامى وهى شجر الدر، باعتبارها أول سلطانة في دولة المماليك، كما تميزت النقود في مصر، في عهد المماليك بظهور الرنوك الحيوانية كرنك الأسد شعار السلطان الظاهر بيبرس والعبارات الدالة على إعادة إحياء الخلافة العباسية. 
النقود العلوية 
كان أهم حدث نقدى في عهد الدولة العلوية، هو ما حدث في عام ١٨٩٨م، عندما منح الخديو عباس حلمى الثانى حق امتياز إلى رفائيل سوارس إنشاء البنك الأهلى المصري، معطيًا إياه الحق في إصدار أوراق مالية، حيث بدأ البنك الأهلى المصرى في إصدار أوراق النقد لأول مرة في الثالث من أبريل ١٨٩٩م. 
النقود الأجنبية 
شهدت رحلة النقود في مصر تداول مجموعة من النقود الأجنبية ومنها الدوكات البندقية التى عرفت في العصر العثمانى باسم البندقي، كما تداولت في تلك الفترة مجموعة من النقود الفضية الأوربية مثل الريـال الإسبانى والتالر النمساوي.
النقود الجمهورية 
تشهد مطبعة البنك المركزى المصرى في سنة ٢٠٢٠ بدء إنتاج بعض فئات النقد المصرية الجنيه المصري، في صورة النقود البلاستيكية في مقر المطبعة الجديد في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تتميز تلك النقود البلاستيكية بالمرونة والقوة، بالإضافة إلى صعوبة التزييف والتزوير.