الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

"كاتب وكتاب".. ندوة تتصدى لمحاولات تشويه علاقة عبد الناصر بالمثقفين

محمد حسنين هيكل مع
محمد حسنين هيكل مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علاقة عبد الناصر بالثقافة والمثقفين شابها الكثير من اللغط وأثيرت حولها العديد من الأسئلة، وكذا علاقته بالإسلام السياسي، وفى ظل الظروف الراهنة وفى محاولة لطرق القضية جرت ضمن أنشطة "كاتب وكتاب" مناقشة كتاب "هيكل يتذكر.. عبد الناصر الثقافة والمثقفون" للكاتب الكبير يوسف القعيد، في ندوة شارك فيها الكاتب الصحفى حلمى النمنم وعبد الله السناوى، وإدارةا الإعلامي حسين عبد الغنى.
في البداية قال حسين عبد الغنى الكتاب عبارة عن حوار منهجى مع أستاذ الأجيال واحد أهم العقول العربية في القرن العشرين والواحد وعشرين محمد حسنين هيكل، لافتا إلى أن هذا الكتاب يأتى في وقت أعيد فيه الاعتبار لمشروع جمال عبد الناصر ولتجربته مع التيارات السياسية وخاصة مع جماعة الإخوان.
وأضاف أن الكتاب طبع لأول مرة 2003 وأعيد طباعته في 2014، وستعاد قراءته بطريقة أخرى في ظل الظروف الحالية حيث يتصدى الكتاب لعلاقة عبد الناصر بالثقافة والمثقفين وهى علاقة حدث فيها تزييف كبير وسيصححها الكتاب وسيقدم إجابات بالغة الصراحة من الشخص الأقرب لعبد الناصر وهو هيكل.
وتابع: الكتاب به جرأة لأنه عادة ما يهتم المؤرخين بالسياسة المباشرة ولكن الكاتب ناقشها من وجهة نظر الثقافة والمثقفين ومع ذلك قدم إجابات تاريخية وسياسية لم تستطع الحركات السياسية أن تقدمها حول علاقة الثورة بنجوم وأساطير فكر ما قبل الثورة.
واستكمل: لم يخجل القعيد من أن يعلن انحيازه لمشروع جمال عبد الناصر الذي جسد الوطنية المصرية لعمال مصر وفلاحيها، ولم يخجل من أن يطرح على هيكل كل الأسئلة الصعبة، ومنها لماذا لم تنته يوليو إلى ما بدأت بها؟.
من جانبه قال يوسف القعيد: توثقت صلتي بهيكل في أواخر حكم السادات، عندما كان يعد كتابه تاريخ الغضب، ثم نبتت فكرة إجراء الحوار معه وكنت أتصور أنه سيرفض ولكنه رحب بالحوار وجلسنا جلسات مطولة وأشهد أنه لم يرفض أي سؤال أو يعترض عليها ورفض نشر بعض الحكايات الشخصية التي لا تفيد العامة.
وأضاف أن هذا الكتاب أثبت لي أن هيكل لديه حس روائي يكاد يصل لحدود الموهبة الكاملة، ولو لم يكن يحترف هذه المهنة لكان روائيا من الطراز الأول لأنه يتميز بسلاسة في التفكير وبتشويق في السرد، وكان حريصًا على ألا يحكي إلا ما كان طرفًا فيه بشكل مباشر.
وتابع: هيكل تميز بأنه لم يكن الصحفي الأقرب لعبد الناصر، لكنه تمكن من إقامة علاقة إنسانية معه قبل أن يدخل في ضباب الأسطورة والزعامة، لافتًا إلى أن كل من حاول التقرب إليه بعد أن أصبح رئيسًا لم تتطور علاقته بهم.
وأوضح القعيد أن هيكل قابل عبد الناصر لأول مرة في حرب فلسطين وكان ثائرا وناقما على تناول الصحافة المصرية للحرب، ثم التقى به اللقاء الحاسم في منزل محمد نجيب قبل الثورة بـ12 يومًا، وقام هيكل بتوصيل عبد الناصر بسيارته وسأله عبد الناصر فيما لو حدث شيء ما هو رد فعل الاإجليز؟ فقال هيكل لن يحدث شيء وقدم له خريطة القادة الإنجليز، وأنهم في إجازات وهي الرواية التي حسمت موعد الثورة، وفي هذه الليلة ذهب عبد الناصر مع هيكل لمنزل الأخير، وجلسا حتى منتصف الليل ونشأت العلاقة الإنسانية بينهما في هذه الليلة.
وقال القعيد " اعتقد أن علاقة هيكل بعبد الناصر لعبت دورًا أساسيًا في كثير من الإيجابيات التي شهدتها مصر على يد عبد الناصر ودور مصر الحضاري، وأن هيكل استمر حتى هذه اللحظة من أكثر المخلصين لعبد الناصر والمدافعين عنه بشكل موضوعي، والكتاب يتضمن علاقة توفيق الحكيم وصلاح عبد الصبور وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب، وكذا نزار القبانى بعبد الناصر، لافتًا إلى أن هيكل رجل موقف، فكان يعبر عن موقفه بعد أن يقص الحكاية.
وذكر القعيد عن علاقة نجيب محفوظ وجمال عبد الناصر، أن أهم إبداعات محفوظ كانت في عهد عبد الناصر، حيث أصدر أهم إبداعاته الأدبية، ومنها أولاد حارتنا وتم نشرها يوميًا، رغم احتجاج الأزهر عليها، لافتًا إلى أن عبد الناصر خلال زيارته للأهرام قال لـ"محفوظ " "أنا لم أقرأ لك منذ فترة"، موضحا القعيد أن هذه الجملة لم يقلها رئيس فيما بعد لأي كاتب.
ودعا القعيد من سيحكم مصر في الفترة المقبلة أن يقرأ هذا الكتاب لأن جمال عبد الناصر كان يدرك معنى مصر وأهمية الثقافة للمصريين جميعا.
وحول علاقة عبد الناصر بتوفيق الحكيم، أوضح القعيد أن عبد الناصر ساند الحكيم ومنع خروجه في حملة التطهير من وزارة الحقانية، وعندما تمت مهاجمة الحكيم من كتاب المسرح الشباب في الستينات قدم له جائزة ليؤكد أن الدولة كلها معه.
وعندما كتب توفيق الحكيم كتابه عودة الوعى توجه له هيكل ليسأله عن سبب كتابته لهذا الكتاب فقال الحكيم " كنت بجرب شكل جديد في الكتابة ولكن لم انشره"، رغم أن الكتاب قد تم الانتهاء منه لنشره في بيروت وعنفه هيكل ولكنه رفض أن يذكر ما قاله له.
وأشار القعيد أن الحكيم على مستوى شخصى يحب أن يفتح الصحف ليرى نفسه فيها لذلك اخترع قصة عدو المرأة وانه كان يمشى من جاردن سيتى إلى الأهرام، لافتا إلى أن الحكيم شعر أن صفحة يوليو قد طويت في عهد السادات فأراد أن يقدم نفسه للنظام الجديد.
ولفت القعيد إلى أن ما حدث في عهد عبد الناصر بشأن الصحف القومية لم يكن تأميم ولكنه تنظيم لها موضحا أن هيكل كان ضد تأميم الصحافة وقد دخل في معارك في الصحافة لم نراها في فترة السادات ومبارك، ويكفى أنه صاحب تعبير زوار الفجر الذي استخدم لأول مرة في الأهرام رغم علاقته بعبد الناصر.
وحلو علاقة محمد نجيب بجمال عبد الناصر قال القعيد أن نجيب كان يعرف أنه يلعب دور الواجهة وكان لا يأخذ قرارا واحد إلا لما ينظر لعبد الناصر فهو رجل صدفه لاحتياج الضباط لرجل كبير، لافتا إلى أنه لو كان عبد الناصر أرسل هيكل لأحمد لطفى ليطلبه لتولى الرئاسة قبل أن يطلبوا نجيب لتغير التاريخ.
من جانبه قال الكاتب حلمى النمنم إن الكتاب مجموعة من الحوارات الصحفية وسأتوقف عند ذلك قليلا، لأن البعض لا يعرف معنى حوار صحفي، فالحوار إذا تولدت منه فكرة جديدة ومعلومة فهو حوار، ونرى أن القعيد محاور ذكى وقوى حيث اختار الشخص المناسب والذي يعد الأب الروحي للصحافة المصرية.
وأضاف أنه منذ تأسست الصحافة معروف أن هناك صحفيًا قريبًا من السلطة، ولكن هيكل كان وضعه مختلف، حيث عندما قامت ثورة يوليو كان الرئيس عبد الناصر يعرف هيكل، والذي أدرك أنه يقترب من شخصية تاريخية إلى أن ولدت كاريزما عبد الناصر من وقت إعلانه التأميم، لافتًا إلى كل الأفكار التي نفذها عبد الناصر كانت مطروحة من الأربعينات ولكنه امتلك الإرادة لينفذها.
وتابع: الكتاب يقدم الكثير من الأسرار والتساؤلات في قضايا ما تزال معلقة حتى اليوم، فنحن علمنا منه أن عبد الناصر أرسل هيكل ليعرض على أحمد لطفي السيد، ليكون رئيسًا للجمهورية فقال له قول لصاحبك دا مشروعك وعليك أن تتولاه.
كما يوضح الكتاب الخلاف الذي حدث بين عبد الناصر ووزير الحقانية وقتها إسماعيل القباني، بسبب إخراج توفيق الحكيم ضمن عملية التطهير، حيث طلب عبد الناصر بعودة الحكيم ورفض القبانى إلا أن عبد الناصر أعادة باعتباره قيمة فكرية وثقافية.
ولا ننسى أن في فترة عبد الناصر علمت مصر أن هناك وزارة تسمى وزارة الثقافة، وتدخل عبد الناصر أكثر من مرة لينقذ نجيب محفوظ من براثن عبد الحكيم عامر.
ودعا النمنم إلى ضرورة أن يجلس القعيد مع هيكل مرة أخرى ليسأله عن عدد من الشخصيات ومنها شخصية سيد قطب والحديث حول إعدامه وقصة شهدى عطية لأن هناك الكثيرين لا يعرفون عن أمور عن سيد قطب وجمال عبد الناصر.
من جانبه قال الكاتب الصحفى عبد الله السناوى أن أي مشروع سياسي له قيمة ويستطيع أن يغير الزمن لابد أن يستند على بنية ثقافية وعبد الناصر استند على ذلك، فالبرنامج إذا لم يستند لرؤية واضحة سيضيع في الفراغ السياسي.
وأضاف أن فكرة عزلة الثقافة عن المشروع السياسي فهى تجهضه، والكتاب يلقى أضواء على قضية حساسة ومهمة وهى علاقة عبد الناصر وهيكل والتي استندت إلى رؤى وأفكار ولذلك اعتقد أن دخول هيكل لمعارك لدفاعه عن عبد الناصر فهو لم يكن يدافع عنه بقدر دفاعه عن معتقداته.
وتابع: عندما كتبت عن صباح يوم 9 يوليو بعد تنحى عبد الناصر وإغلاق أبواب بيته عليه وأنه يوم لا تعرف الأسرة مسيرها عند المساء، وكانت المفاجأة بخروج الرأى العام ليطلب ببقاء عبد الناصر، كانت هناك نقطة أساسية وهى في لحظة إفطار عبد الناصر وابنه خالد ذهب ليشاهد خروج التظاهرات واخبر والده بها، وفكرت هل عبد الناصر نظر للتظاهرات؟، ولكن توقعت أنه لم يذهب ليشاهد وعندما سالت ابنة عن حقيقة الموقف قال لى ما كتبته بالمثل حيث كان لدى عبد الناصر إحساس بالمسئولية، فقلت لمحفوظ عبد الرحمن الكاتب الكبير بما حدث معى خلال كتابة القصة فأخبرنى انى حفظت الشخصية فتوقعت كيف تتصرف.
وطالب السناوى الروائى يوسف القعيد باستكمال البحث حول شخصيات هامة يعرفها هيكل لتوضيح موقفها، وخاصة المثقفون العرب ومنهم ادوارد سعيد ومحمود درويش.
وردا على تساؤل من الحضور حول هل كان عبد الناصر ديكتاتورا، أكد السناوى أنه لم يكن ديكتاتورا وان نيلسون مانديلا قال عنه أنه زعيم زعماء أفريقيا، لافتا إلى أن رغم وفاة عبد الناصر منذ 45 عاما إلا أن صورته حاضرة والرئيس الذي يتقدم يقول يا ريت أكون مثله مستشهدا بجملة نشرها في جريدة العربى من قبل تضمنت أن عبد الناصر المهزوم سيعيش أكثر من صلاح الدين الأيوبى المنتصر باعتباره أول من وضع الفكرة العروبة في موضع التنفيذ.