الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تغطية الصحفيين للأحداث الصادمة واضطراب ما بعد الصدمة «5-5»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أجرت د. رحاب محمد أنور، مدرس الصحافة بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة المنيا، دراسة مهمة للتعرف على العلاقة بين تغطية المحررين والمصورين الصحفيين والصحفيين الميدانيين للأحداث الصادمة واضطراب ما بعد الصدمة لديهم. 
كشفت الدراسة عن أنه فيما يتعلق بدعم المؤسسات الصحفية للصحفيين الذين يقومون بتغطية الأحداث الصادمة أو يتعرضون لاضطرابات ما بعد الصدمة، فقد تبين وجود انفصال إلى حد ما بين الصحفيين ومؤسساتهم إذا ما تعرضوا لأزمات نفسية نتيجة تغطيتهم للأحداث الصادمة؛ حيث حصلت عبارة «لن أسعى للحصول على دعم معنوى من رؤسائى إذا أثرت تغطية الأحداث الصادمة على حالتى النفسية» على أعلى متوسط (3.29)، وبلغت نسبة الموافقين على هذه العبارة (76.9%) ما بين «موافق جدًا» و«موافق» و«موافق إلى حد ما»، مقابل نسبة (28،1%) لمعارضى العبارة.
وجاءت فى المرتبة الثانية عبارة «من غير المريح بالنسبة لى التحدث إلى أى من رؤسائى عن الضيق النفسى الذى شعرت به عند تغطية أى من الأحداث الصادمة» حيث بلغ متوسطها (3.10)، تلتها عبارة «أعتقد أن رؤسائى يهتمون براحتى النفسية» بمتوسط (2.85)، حيث بلغت نسبة الصحفيين الموافقين على العبارة (61.5%)، مقابل (38.4%) للمعارضين لها، وجاء فى المرتبة الرابعة وبفارق بسيط قول الصحفيين برجوعهم لرؤسائهم لأخذ النصيحة عندما كانت تواجههم أزمة نفسية نتيجة تغطية الأحداث الصادمة وقد بلغ متوسط هذه العبارة (2.82)، وتبعها قول الصحفيين بأن بيئة العمل الخاصة بهم تدعم الصحفيين، الذين يعانون من الضغوط الناتجة عن العمل بمتوسط (2.55)، وجاء فى المرتبة الأخيرة عبارة «عندما كانت تواجهنى أزمة نفسية نتيجة تغطية أى من هذه الأحداث كنت أعلم رؤسائى أننى أعانى من الاكتئاب مثلًا»، وقد بلغ متوسط هذه العبارة (2.15). 
وهكذا أوضحت النتائج سلبية تصورات المبحوثين، إلى حد ما، حول الدعم الذى تقدمه مؤسساتهم حال تعرضهم لأزمات نفسية مرتبطة بتغطيتهم لأحداث صادمة، أما دور رؤساء أقسامهم فى تقديم الدعم المعنوى لهم فيبدو أنه يتعلق بشخصية كل رئيس قسم أو رئيس تحرير ونوعية العلاقة التى تربطه بصحفييه؛ فهناك رؤساء عمل يحرصون على شيوع روح الأسرة بينهم وبين مرؤوسيهم وهم من يشعر الصحفيون بأنهم يهتمون براحتهم النفسية ويرجع لهم الصحفيين لأخذ النصيحة عندما تواجههم أزمة نفسية ويعلمونهم أنهم يعانون من أزمة إذا ما حدث ذلك، وهناك رؤساء عمل لا تربطهم بمرؤوسيهم سوى علاقة العمل ولا يعنيهم سوى إنجاز العمل المكلف به الصحفيون بصرف النظر عما يشعرون به من ضغوط أو معاناة فى سبيل إنجازه. 
وفيما يتعلق بدعم الأسرة والأصدقاء للصحفيين الذين يتعرضون لاضطرابات ما بعد تغطية الأحداث الصادمة، أوضحت الدراسة وجود دور للأهل والأصدقاء حال تعرض الصحفى لأزمة نفسية متعلقة بعمله، وتصدر دور العائلة المرتبة الأولى، حيث حصلت عبارة «أحصل على المساعدة والدعم العاطفى الذى أحتاجه من أسرتي» على الترتيب الأول بمتوسط (4.04)، وبلغت نسبة الموافقين على هذه العبارة (90.8%) ما بين «موافق جدًا» و«موافق» و«موافق إلى حد ما»، فى حين عارض هذه العبارة (7.7%) فقط، وهو ما يعكس الدور الكبير الذى تمارسه الأسرة إذا ما احتاج الصحفيون لدعم عاطفى، وجاء فى المرتبة الثانية دور الأصدقاء حيث حصلت عبارتان على المتوسط نفسه، وهما «لدى شخص مقرب هو مصدر راحة حقيقية بالنسبة لي» و«لدىّ أصدقاء يشاركوننى أفراحى وأحزاني» بمتوسط (3.85)، وتبعتها عبارة «أصدقائى يحاولون حقًا مساعدتي» بمتوسط (3.63)، ثم عبارة «يمكننى التحدث عن مشاكلى مع أسرتي» بمتوسط (3.49).
وهو ما يعكس الدور الكبير الذى تمارسه الأسرة والأصدقاء فى حياة الصحفى إذا ما تعرض لضيق نفسى نتيجة تغطيته لأى من الأحداث الصادمة التى زادت حدتها كثيرًا خلال السنوات العشر الأخيرة. 
وقد أكدت الدراسة أن غالبية المبحوثين راضون عن مهنتهم -رغم ما يتعرضون له من ضغوط تتعلق بتبعات هذه المهنة- وقد بلغت نسبة المبحوثين الراضين بدرجة كبيرة عن مهنتهم (45.4%)، وارتفعت قليلًا نسبة الراضين إلى حد ما لتسجل (47.7%)، فى حين بلغت نسبة غير الراضين عن مهنتهم (6.9%) فقط من المبحوثين.
وهو ما يعكس درجة عالية من الرضا الوظيفى، وربما يرجع ذلك لقناعة المبحوثين بأن ما يتعرضون له من ضغوط إنما هو جزء من تبعات هذه المهنة، وربما ينظر شباب الصحفيين إلى أنهم أفضل حالًا من غيرهم؛ حيث لديهم عمل وأمثالهم يعانون من البطالة مع قلة فرص العمل المتوفرة.
وفى إطار ما توصلت إليه الدراسة من نتائج مهمة جراء الدراسة الميدانية التى أجرتها الباحثة، توصى الدراسة بما يلي:
1. من المهم لأية مؤسسة صحفية أن تقوم بإجراء «اختبار سمات وقدرات» مبدئى للصحفى الذى تنوى تكليفه بالعمل الصحفى الميداني؛ لأن هناك بعض الأشخاص قد لا تؤهلهم سماتهم الشخصية لتغطية أحداث دامية أو عنيفة أو صادمة، ما يعوقهم عن أداء عملهم بالكفاءة المطلوبة.
2. الحاجة إلى تدريب الصحفيين على ترويض مشاعرهم والتحكم فيها فى المواقف الكارثية، كذلك تدريبهم على التعامل مع الأشخاص المنكوبين عند تغطية الحدث، وذلك من خلال تلقى دورات تدريبية على أيدى متخصصين لتحقيق هذا الغرض.
3. على المؤسسات الصحفية التى ترسل صحفييها لتغطية هذه النوعية من الأحداث العنيفة والصادمة أن يضعوا فى اعتبارهم أن يوفروا آلياتٍ فى مكان الحدث لتوفير العلاج عند الحاجة له.
4. الحاجة لتدريب رؤساء الأقسام على كيفية التعامل مع صحفييهم الذين يؤدون هذه المهام لاحتوائهم، وللحصول على أفضل القصص الصحفية بعد التأكد من راحتهم النفسية.
5. ضرورة تقديم التشجيع والدعم من قبل الإدارة قبل وأثناء وبعد تغطية الصحفى للأحداث الصادمة.
6. ضرورة توفير إخصائى نفسى فى كل مؤسسة صحفية يقدم للصحفيين المشورة النفسية والدعم اللازم عند حاجتهم له.
7. السعى لإنشاء مراكز لعلاج الصدمة واضطرابات ما بعد الصدمة بنقابة الصحفيين للذين يعانون من مثل هذه الأعراض.