السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

القتل في المحراب.. علماء الأزهر: الإسلام ينهي عن دخول السلاح إلى المسجد.. الأوقاف تطلق حملة لمواجهة الثأر.. وبرلماني يطالب بتفعيل دور الوزارات لمواجهة الظاهرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتعدد وقائع القتل واستهداف الأرواح داخل المساجد، ودور العبادة بصفة عامة، دون مراعاة للحرمة التي عليها بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ولا تراعي أن لتلك البيوت وتلك الدماء التي أزهقت حرمات تفوق شفاء ما في الصدور من غل وكراهية وحزن علي فقد عزيز، ووسط واقعة قتل اثنين من المصلين بمسجد أبو بكر الصديق بالقوصية، محافظة أسيوط، طالب أزهريون وبرلمانيون، بتفعيل دور المؤسسات التعليمية والثقافية والأسرة في مواجهة ظاهرة الثأر، والسعي إلي تطبيق القانون علي مرتكبي الواقعة وإن كان دافعهم هو أخذ حق أضاعوه بمثل هذه التصرفات المنافية لمنطق الدولة واحترام سيادتها.



مبادرة ضد الثأر

وأعلنت وزارة الأوقاف عبر مديريتها بأسيوط، ومن خلال الشيخ عاصم قبيصي، وكيل المديرية، إطلاق حملة "أسيوط ضد الثأر"، بالتعاون مع الجامعة تحت قيادة الدكتور طارق الجمال، وذلك لمواجهة الثأر بالمحافظة في ظل أعداد هي الأكبر بمحافظات الصعيد، مشيرًا إلي أن الحملة للتنديد بالثأر والدعوة إلي الحفاظ علي حرمة الدماء وحرمة المساجد، وحرمة الاعتداء علي الأنفس، وغيرها من القضايا التي تتعلق بمستقبل المجتمع ووحدة تماسكه.
وشدد وكيل الأوقاف في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، علي التنسيق في الحملة التي تنطلق بالتعاون مع الجامعة علي القيام بقوافل توعوية مشتركة تجمع بين العلماء ورجال الدين لبيان خطورة مثل تلك الأعمال المناهضة لدولة القانون، وترسخ للعبث بالأمن والاستقرار، وذلك بالتوزاي مع الدور الدعوي الذي تمارسه الوزارة علي أن يتم إدراجها ضمن الخطة الدعوية للوزارة خلال الأسبوع الجاري، بداية من الأحد وقوافل الإثنين، وغيرها من القوافل والدروس الدعوية إلي جانب خطبة الجمعة، مؤكدًا أن الإسلام حينما أمر بالقصاص ورغب إليه جعل هناك عفو وصفح، وأنه لا يجب أن يكون هناك معالجة لجريمة بارتكاب جرائم أخري تخالف الدين والأعراف وتبيح الدماء وتعرض الأبرياء للخطر.



جهل بتعاليم الدين

وقال اللواء شكري الجندي، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن هذا الفعل إن دل فإنما يدل عن جهل، من قام به، وبعده عن تعاليم الدين، لأنه لا يوجد دين من الأديان وخاصة الدين الإسلامي يأمر أبدًا بالقتل وإزهاق الروح، مطالبًا جميع مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الأزهر الشريف ووزارت الأوقاف، التربية والتعليم، التعليم العالي، والثقافة، أن يمارسوا الدور المنشود منهم لكي تصل ثقافة المودة والرحمة وتعم بين الناس.
وأضاف لـ"البوابة نيوز"، أنه يجب أن تتضافر الجهود جميعًا، وأن يعلن المجتمع جميعًا استياءه من هذه الفعلة، ويجب علينا جميعًا نوابًا وشعبًا وحكومةً، أن نوضح أننا غير راضيين نهائيًا عمن فعل هذه الفعلة، بل اسقاطه من أي حسابات، فلا بد أن يشعر بذنبه ولابد أن يشعر بغضب المجتمع عليه، وأن هذه الفعلة ليس لها علاقة بنخوة أو رجولة أو دين قتل، فقتل النفس البشرية من أكبر الكبائر عند الله مهما كان الدافع إليها فعن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "هدم الكعبة أهون عند الله من إراقة دم المسلم ظلما".
وحول مبرر الأخذ بالثأر أشار شكري، إلي أن هناك لا يوجد مبرر للقيام بمثل هذه الأعمال الإجرامية، خاصة وأن هناك دولة هي المسؤولة عن حقوق المجني عليهم، وليست المسألة فوضي يقوم أي مواطن يري بنفسه أخذ هذا الحق أو تحديد حجم هذا الحق فيبادر بالقتل وقتما شاء، بل والتعدي علي حرمات بيوت الله ودور العبادة، لافتًا إلي أن وزارتب الداخلية والعدل لم تتقاعسا يومًا في أخذ حق أي من المعتدي عليهم في أي بقعة من بقاع مصر، فلماذا هذا الفعل مستمر في الصعيد، متسائلًا: ألم يأن الأوان لنبذ هذه العادات؟، ألم يأن الأوان أن نقول أن حجم مصر أكبر من هذا بكثير؟



تغليظ العقوبات

في حين، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن هناك خلل في سلوك المصريين في الآونة الأخيرة، مطالبًا بتضافر الجهود للتثقف ضد هذه الجرائم الغير مسبوقة ومنعها، من خلال استحداث تشريع جنائي جديد سواء للأحداث أو للشباب أو غيرهم، ذلك لأن الأمن المجتمعي المصري في خطر.
وأكد كريمة في تصريحات للبوابة نيوز، الإسلام حرم رفع الصوت فى المسجد فما بالنا بمن يقتل فيه، لافتًا إلى أن هناك معاصٍ وذنوب يتعاظم فيها الذنب ويضاعف فيها العقاب وتتمثل في انتهاك حدود الله، موضحًا أن الإخلال بدور العبادة بالاعتداءات سواء كانت لفظية او فعلية، والتي قد تؤدي للعراك والشجار ومنها تراق الدماء، ذنبها عظيم بدلائل الشرع ومنها قوله تعالى "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"، الآية واضحة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان من ضمن أحكام الإسلام التي بينها عدم دخول سلاح إلى المسجد، وكان الهدي النبوي كالجنود وغيرهم يجعلون السلاح خارج المسجد عند الصلاة.
وطالب كريمة، بتغليظ عقوبة الاعتداء على بيوت الله والتعدي عليها بالقول او الفعل أو العمل، واعلام الناس بذلك، مشيرا الى أنه اذا عرف الناس بتغليظ العقوبة بالعدوان فى أرض الله فلن تتكرر مثل تلك الأفعال الإجرامية.



قتل غيلة

قالت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن تنفيذ عملية الثأر داخل المسجد يعد من قتل الغيلة، حيث أن المسلم آمن داخل المسجد، يؤدي العبادة وهو آمن علي نفسه في بيت من بيوت الله، وفجأة يتم الاعتداء عليه بإراقة دمائه من إنسان ليس في قلبه مثقال ذرة من إيمان، ارتكب جريمتين الأولي الاعتداء علي بيت من بيوت الله، والثانية إراقة نفس بريئة.
وقالت الحنفي في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إن العقوبات في الإسلام منها ما هو عقوبة حدية أي أن هذه العقوبة وجبت حقا لله تعالي وبالتالي فهي محددة ومقدرة من عند الله تعالي مثل الزنا والسرقة بنوعيها الصغري والكبير وكذا شرب الخمر، وكذا حد القذف الذي حق الله فيه غالب، لافتة إلى أن القصاص فهو عقوبة حدية وحق العبد فيها غالب، ولذا فإن أولياء المقتول لهم الحق في القصاص بترك الأمر لولي الأمر وهو القاضي، أو العفو من القصاص إلي الدية، أو العفو التام.
وتابعت ما يحدث في الوجه القبلي من عملية الثأر من القاتل دون الرجوع الي الجهة المسؤولة عن تنظيم الأمن فهذا الأمر موروثات قديمة تؤدي إلى الإخلال بالأمن العام، فضلًا عن إراقة الدماء، يجب إلغاؤها وإرجاع الأمر الي أهله حفاظا علي الأمن والاستقرار، مشدددة من أبشع الجرائم هو تنفيذ الثأر داخل المساجد، لأن بيوت الله ما اتخذت إلا للعبادة والصلاة فيحرم فيها البيع أو الشراء أو مناشدة الضالة أو غير ذلك من الأمور الدنيوية، فبالتالي يحرم ارتكاب جريمة القتل فيها سواء أكان أخذا بالثأر أو اعتداء من فئة ضآلة أعمالا لقول الله تعالي" وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ" «البقرة» فالحكم يسرى علي كل المساجد.
وشددت أستاذ الفقه المقارن فمن يطالب بحقه من القصاص وجب رفع الأمر إلي الحاكم وهو القاضي، فهو المسؤول مسؤولية كاملة عن تنفيذ القصاص وفق الأدلة المثبتة لتنفيذ الحد، مؤكدة يحرم إراقة الدماء داخل المساجد، لأن للمسجد مكانة عظيمة في نفوس المسلمين قال تعالي" فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ." «النور»، "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" «الجن»، فالذي يدخل المسجد فهو في ضيافة الرحمن.