الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مشروع القراءة للجميع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حملة القراءة للجميع كانت حملة قومية فى مصر، تهدف إلى تشجيع الأطفال والشباب بل الأسرة على القراءة، وكانت تهدف إلى الاهتمام بأطفال مصر جميعًا سواء فى المدن أو القرى، وتوسعت الحملة ونجحت نجاحًا مبهرًا، وبدأت تجربة المكتبات المحمولة والمتنقلة فى الانتشار، وفى مهرجان 1993 كان الشعار «مكتبة فى كل مكان» مع إدخال الكمبيوتر وتعليم اللغات الأجنبية ضمن فعاليات المهرجان، ومشروع «مكتبة الأسرة» الذى شارك فيه عدد من الوزارات بجانب جمعية الرعاية المتكاملة الذى يعد أضخم مشروع للقراءة فى تاريخ مصر الحديثة، ومنها مكتبات الشاطئ، والمكتبات المتنقلة، ومكتبة سمعية لفاقدى السمع، وأصدرت ملايين النسخ، لما يقرب من ألف وثلاثمائة عنوان، وتنوعت إصدراتها بين القديم والحديث، وقامت المكتبة بإصدار مجموعة من الموسوعات التاريخية، وأعادت تقديم مصر القديمة، وقصة الحضارة، ووصف مصر.
كما ظهر العديد من الأفكار والبرامج لتحقيق الغرض ذاته، مثل إنشاء نوادى القرن الواحد والعشرين، والركن الأخضر، واقرأ لطفلك، وغيرها، كما تم التوسع فى إنشاء فروع لمكتبة مبارك العامة فى جميع أقاليم مصر. 
«القراءة للجميع» كان أحد أهم المبادرات الثقافية والاجتماعية فى تاريخ مصر الحديث، لأنه كان مستهدفًا لنشر القراءة، وتنمية الفكر والثقافة بين قطاعات المجتمع المصرى كافة، وقد أسهم فى نجاح المشروع الرعاية الخاصة له من السيدة سوزان مبارك، صاحبة فكرة المشروع، وداعمة مسيرته خلال 20 عامًا، وذلك من أجل تنمية الشعور بأهمية القراءة، وحب الكتاب، وتشجيع الطفل والأسرة على ربط الأطفال بالمكتبة والكتب، عن طريق العديد من البرامج والوسائل الترفيهية والتعليمية، وتوفير الخدمات المكتبية فى كل مكان على أرض مصر، وجعل الكتب متاحة أمام غالبية الأطفال، إلى جانب نشر الوعى بمصادر المعرفة الحديثة، وتزويد المكتبات بأجهزة الحاسب الآلى وربطها بشبكة الإنترنت، وتعليم اللغات الأجنبية ضمن فعاليات المهرجان.
هذا المشروع هو أضخم مشروع لنشر روائع الأدب والفكر، والأعمال التى شكلت مسيرة الحضارة الإنسانية، ونظرًا لما حققه المشروع من نجاح، فقد أشادت به منظمة اليونيسكو كتجربة ثقافية رائدة، ونادت بتعميمه على مستوى العالم، ما حفز عددًا من الدول على تبنى فكرة المشروع، وبدأت التجربة المصرية تعرف طريقها إلى التعميم فى كثير من الدول، وقد كان مشروع «القراءة للجميع» يحمل فى كل عام شعارًا مختلفًا، وتبنى رؤية جديدة، وعمل على نشر الكتب التى تدعم هذا التوجه، إلى جانب إصدارات أخرى. وتوالت التطورات على المشروع، ثم جاءت مبادرة جديدة وهى حملة «اقرأ لطفلك»، من أجل إضافة بعد تربوى جديد للمهرجان، وذلك بالإعلان عن حملة قومية تدعو الآباء والأمهات والكبار بوجه عام ليقرأوا لصغارهم منذ السنوات الأولى من عمرهم، وفى عام 2007 نجح «مهرجان القراءة للجميع» فى إحداث طفرة فى اهتمام المجتمع بالقراءة، حيث تطور ليصبح حملة ثقافية قومية تهدف إلى نشر الثقافة والمعرفة فى ربوع مصر، بمشاركة العديد من الجهات والوزارات، منها جمعية الرعاية المتكاملة، ووزارات الثقافة، والإعلام، والتربية والتعليم، والتنمية المحلية، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة.
وهذا المهرجان أعاد الحياة للمئات من المكتبات المدرسية، ومكتبات قصور الثقافة، ومراكز الشباب وغيرها، وحفزها على العمل بكامل طاقتها خلال العطلة الصيفية، ثم اختفى هذا المشروع بعد أحداث 25 يناير 2011، لأن المشروع ارتبط باسم زوجة الرئيس الأسبق مبارك، فقد بدأ يختفى شيئًا فشيئًا، ولكن سيظل شعار مكتبة الأسرة، والقرأة للجميع، باقيًا ليشهد على هذه الفترة من تاريخ مصر الثقافى.
أين ذهب هذا المشروع العظيم؟ أين دور الوزارات والهيئات المعنية بعد أن هجر المجتمع بأطفاله وشبابه القراءة، وتغيرت السلوكيات، وأصبح الطفل يأخذ المعلومات الخاطئة من وسائل التواصل الاجتماعى، ومن مشاهدة الأفلام السينمائية المسفه الهابطة، ومن البرامج غير المهنية وغير التربوية التى تعتمد على الإثارة فقط، لجمع أكبر عدد من المشاهدة دون النظر لتأثير ما تعرضه تلك البرامج على سلوكيات الطفل والمجتمع، أصبحت الشتائم بأقذر الألفاظ بين الشباب والأطفال شيئًا عاديًا، وعدم احترام المرأة أصبح شيئًا مألوفًا، عن طريق التحرش بها لفظيًا أو جسديًا فى الشوارع والمواصلات من الشباب والأطفال الذكور، وأيضًا تعاطى نسبة كبيرة من الشباب والأطفال للمخدرات، مثل الاستروكس الذى انتشر بشكل مخيف الآن.
نرجو من الدولة أن تهتم بإعادة انتشار مهرجان القراءة للجميع وأن يجد الاهتمام والتطور الذى كان عليه فى السابق حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه من جيل ضاع فكريًا وسلوكيًا بعد أحداث 25 يناير 2011، وأن يجد المشروع الاهتمام من الدولة والإعلام، حتى نرجع بأبنائنا إلى حب القراءة وإلى الأخلاق والقيم التى فقدناها الآن.