الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إبداع الأدباء| الرافعي.. الصيام والطب

 الأديب مصطفي صادق
الأديب مصطفي صادق الرافعى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب الأديب مصطفى صادق الرافعى بمجلة «الرسالة» مقالا بعنوان «فلسفة الصيام» بدأه قائلا: إن الصيام نوع من الطب، وكأن أيام هذا الشهر المبارك، ما هي إلا ثلاثون حبة تؤخذ فى كل سنة مرة لتقوية المعدة، وتصفية الدم، وخياطة أنسجة الجسم».
وتابع: الحقيقة الإسلامية الكبرى التى شُرع الصيام لها هى استمرار الفكرة الإنسانية كى لا تتبدل النفس على تغير الحوادث، ومن معجزات القرآن الكريم أنه يدخر فى الألفاظ المعروفة فى كل زمن حقائق غير معروفة لكل زمن فيجليها لوقتها حتى يضج الزمان العلمى فى متاهته وحيرته.
ويضيف «الرافعى»، أنه لو تدبر البشر حكمة الصوم فى الإسلام؛ لرأوا أن لهذا الشهر نظاما علميا من أقوى وأبدع الأنظمة الاشتراكية؛ فهذا الصوم فقر إجبارى تفرضه الشريعة الإسلامية على الناس ليتساوى الجميع فى بطونهم سواء منهم من ملك المليون من الدنانير، ومن ملك القرش الواحد، ومن لم يملك شيئا كما يتساوى الجميع فى ذهاب كبريائهم بالصلاة التى يفرضها، وفى ذهاب تفاوتهم الاجتماعى بالحج الذى يفرض على من استطاع. 
ويبين الرافعى الفقر الإجبارى يراد به إشعار النفس بطريقة عملية واضحة كل الوضوح أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها، وإنما تكون على أتمها حين يتساوى الناس فى الشعور لا حين يختلفون وحين يتعاطون بإحساس الألم الواحد لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة.
واستكمل الرافعى: إننا لو تحققنا لرأينا الناس لا يختلفون فى الإنسانية بعقولهم لا بأنسابهم ولا بمراتبهم ولا بما ملكوا وإنما يختلفون ببطونهم وأحكام هذه البطون على العقل والعاطفة؛ فمن البطن نكبة الإنسانية وهو العقل العملى على الأرض، وإذا اختلف البطن والدماغ فى ضرورة مد البطن مدة من قوى الهضم فلم يبق ولم يذر.
ويختتم الرافعى حديثه: جاء الصوم بالتأديب والتهذيب والتدريب ويجعل الناس فيه سواء ليس لجميعهم إلا شعور واحد وحس واحد وطبيعة واحدة فيحكم الأمر فيحول بين البطن وبين المادة ويبالغ فى إحكامه فيمسك حواشيه العصبية فى الجسم كله يمنعها تغذيتها ولذتها.